(وَصَحَّتْ لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ أَوْ لِمُدَبَّرِهِ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِهِ) اسْتِحْسَانًا لَا لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ
(وَ) صَحَّتْ (لِلْحَمْلِ وَبِهِ) كَقَوْلِهِ (أَوْصَيْت بِحَمْلِ جَارِيَتِي أَوْ دَابَّتِي هَذِهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ إنَّمَا تَصِحُّ إنْ وُلِدَ) الْحَمْلُ (لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) لَوْ زَوْجُ الْحَامِلِ حَيًّا وَلَوْ مَيِّتًا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ حِينَ الْوَصِيَّةِ فَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ. اخْتِيَارٌ وَجَوْهَرَةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ، فَلَوْ أَوْصَى لِمَا فِي بَطْنِ دَابَّةِ فُلَانٍ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ صَحَّ وَمُدَّةُ الْحَمْلِ لِلْآدَمِيِّ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلِلْفِيلِ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً وَلِلْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْحِمَارِ سَنَةٌ وَلِلْبَقَرِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ وَلِلشَّاةِ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ، وَلِلسِّنَّوْرِ شَهْرَانِ، وَلِلْكَلْبِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلِلطَّيْرِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا قُهُسْتَانِيُّ مَعْزِيًّا لِلِاسْتِيفَاءِ (مِنْ وَقْتِهَا) أَيْ مِنْ وَقْتِ
ــ
[رد المحتار]
قَالَ بِمِائَةٍ مَثَلًا فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ وَصَحَّتْ لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ) أَيْ إذَا لَمْ يُعْجِزْ نَفْسَهُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، أَمَّا إذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ فَهَلْ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ لِلْمُلُوكِ حَرِّرْهُ نَقْلًا اهـ ط (قَوْلُهُ أَوْ لِمُدَبَّرِهِ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِهِ) لِأَنَّ نَفَاذَهَا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَهُمَا حِينَئِذٍ حُرَّانِ اهـ ط (قَوْلُهُ لَا لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ) لِأَنَّهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ، فَتَكُونُ وَصِيَّةً لِلْوَارِثِ تَأَمَّلْ، وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَا تَصِحُّ لِعَبْدِ وَارِثِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ، لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِلْوُرَّاثِ حَقِيقَةً، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِابْنِ وَارِثِهِ كَمَا فِي النَّظْمِ اهـ
(قَوْلُهُ وَصَحَّتْ لِلْحَمْلِ) لِأَنَّهَا اسْتِخْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ، لِأَنَّهُ يَجْعَلُهُ خَلِيفَةً فِي بَعْضِ مَالِهِ وَالْجَنِينُ يَصْلُحُ خَلِيفَةً فِي الْإِرْثِ، فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ وَلَا يُقَالُ شَرْطُهَا الْقَبُولُ وَالْجَنِينُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْهِبَةَ وَالْمِيرَاثَ فَلِشَبَهِهَا بِالْهِبَةِ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ، إذَا أَمْكَنَ وَلِشَبَهِهَا بِالْمِيرَاثِ يَسْقُطُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ، وَلِهَذَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِالْحَمْلِ لِأَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ، فَتَجْرِي فِيهِ الْوَصِيَّةُ أَيْضًا لِأَنَّهَا أُخْتُهُ زَيْلَعِيٌّ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَمْلُ مِنْ الْمَوْلَى أَتْقَانِيٌّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ.
[تَنْبِيهٌ] قَدَّمْنَا فِي بَابِ اللِّعَانِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ تَوْرِيثَ الْحَمْلِ وَالْوَصِيَّةَ بِهِ، وَلَهُ لَا يَثْبُتَانِ إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَيَثْبُتَانِ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ اهـ. أَقُولُ: وَالْمُرَادُ ثُبُوتُ حُكْمِهِمَا وَإِلَّا فَهُمَا ثَابِتَانِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي كَلَامَهُمْ هُنَا.
[فَرْعٌ] فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ أَعْتَقَ الْوَرَثَةُ الْحَمْلَ الْمُوصَى بِهِ جَازَ إعْتَاقُهُمْ وَيَضْمَنُونَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ اهـ. أَقُولُ: وَوَجْهُهُ مَا عَلِمْت أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِهِ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَهُوَ قَبْلَهَا عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَبِالْوِلَادَةِ ثَبَتَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ وَقَدْ أَتْلَفُوهُ عَلَيْهِ فَضَمِنُوا قِيمَتَهُ وَقْتَهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) إذْ لَوْ وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِأَكْثَرَ اُحْتُمِلَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ فَلَا تَصِحُّ أَفَادَهُ الْأَتْقَانِيُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَيِّتًا) مِثْلُ الْمَوْتِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ ط. أَقُولُ: وَمِثْلُهُ لَوْ أَقَرَّ الْمُوصِي بِأَنَّهَا حَامِلٌ فَتَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ لَهُ إنْ وَضَعَتْهُ مَا بَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ أَوْصَى، لِأَنَّ وُجُودَهُ فِي الْبَطْنِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُوصِي، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لَهُ مَا هُوَ خَالِصُ حَقِّهِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ، وَهُوَ الثُّلُثُ فَيَلْحَقُ بِمَا لَوْ صَارَ مَعْلُومًا يَقِينًا بِأَنْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ اهـ كَذَا نَقَلَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ التَّافِلَاتِيُّ الْحَنَفِيُّ مُفْتِي الْقُدْسِ الشَّرِيفِ عَنْ مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ (قَوْلُهُ فَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَوْ كَانَ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ ط (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ) أَيْ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْلِ أَوْ بِهِ (قَوْلُهُ لِيُنْفَقَ عَلَيْهِ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَوْصَى بِهَذَا التِّبْنِ لِدَوَابِّ فُلَانٍ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ وَلَوْ قَالَ يُعْلَفُ بِهَا دَوَابُّ فُلَانٍ جَازَ (قَوْلُهُ صَحَّ) أَيْ إذَا قِيلَ فُلَانٌ أَتْقَانِيٌّ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ وَمُدَّةُ الْحَمْلِ) أَيْ أَقَلُّ مُدَّتِهِ وَهُوَ صَرِيحُ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ ط (قَوْلُهُ وَلِلْفِيلِ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً) الَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَتَيْ الْقُهُسْتَانِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute