وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُنْفَقَ عَلَى فَرَسِ فُلَانٍ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا جَازَ وَتَبْطُلُ بِبَيْعِهَا
وَلَوْ أَوْصَى بِسُكْنَى دَارِهِ لِرَجُلٍ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهَا جَازَ وَلَهُ سُكْنَاهَا مَا دَامَ حَيًّا وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُ ثُلُثَيْهَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يُقَاسِمَ الْوَرَثَةَ أَيْضًا وَيُفْرِزَ الثُّلُثَ لِلْوَصِيَّةِ خَانِيَّةٌ
(وَلَوْ أَوْصَى بِقُطْنِهِ لِرَجُلٍ وَبِحَبِّهِ لِآخَرَ وَأَوْصَى بِلَحْمِ شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ لِرَجُلٍ وَبِجِلْدِهَا لِآخَرَ وَأَوْصَى بِحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلِهَا لِرَجُلٍ وَبِالتِّبْنِ لِآخَرَ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا) وَعَلَى الْمُوصَى لَهُمَا أَنْ يَدُوسَ وَيَسْلَخَ الشَّاةَ.
(أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ جَازَ ذَلِكَ وَيُنْفَقُ فِي عُمَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَفِي سِرَاجِهِ وَنَحْوِهِ) قَالُوا: وَهَذَا يُفِيدُ جَوَازَ النَّفَقَةِ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ عَلَى قَنَادِيلِهِ وَسِرَاجِهِ وَأَنْ يُشْتَرَى بِذَلِكَ الزَّيْتُ وَالنِّفْطُ وَلِلْقَنَادِيلِ فِي رَمَضَانَ خَانِيَّةٌ. وَفِي الْمُجْتَبَى: أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْكَعْبَةِ جَازَ وَتُصْرَفُ لِفُقَرَاءِ الْكَعْبَةِ لَا غَيْرُ وَكَذَا لِلْمَسْجِدِ وَلِلْقُدْسِ وَفِي الْوَصِيَّةِ -
ــ
[رد المحتار]
قَبْلَ الْمُوصِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتَبْطُلُ بِبَيْعِهَا) وَكَذَا بِمَوْتِهَا خَانِيَّةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً لِصَاحِبِهَا إلَّا أَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى وُجُودِهَا فِي مِلْكِهِ تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِذَا بِيعَ الْفَرَسُ بَطَلَ مَا نَصُّهُ لِأَنَّ هَذِهِ وَصِيَّةٌ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ. وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ لَا أَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ اهـ. أَيْ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَبْطُلُ بِزَوَالِ الْإِضَافَةِ بِأَنْ بَاعَ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ مَثَلًا، لِأَنَّ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ لَا يُهْجَرُ لِذَاتِهِ بَلْ لِأَجْلِ صَاحِبِهِ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي مَحَلِّهِ فَهُنَا تَبْقَى الْوَصِيَّةُ مَا دَامَتْ الْإِضَافَةُ مَوْجُودَةً، وَتَبْطُلُ بِزَوَالِهَا لَكِنْ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَيْضًا قُبَيْلَ هَذَا الْفَرْعِ لَوْ أَوْصَى لِمَمْلُوكِ فُلَانٍ بِأَنْ يُنْفَقَ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَتَدُورُ مَعَ الْعَبْدِ حَيْثُمَا دَارَ بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ، عِبَارَةُ الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ، وَتَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ بِيعَ أَوْ عَتَقَ وَإِنْ صَالَحَ مَوْلَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَجَازَ الْعَبْدُ جَازَ وَإِنْ عَتَقَ ثُمَّ أَجَازَ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ اهـ وَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِعَبْدِ الْوَارِثِ لَا تَجُوزُ، لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ حَقِيقَةً
(قَوْلُهُ وَلَهُ وَسُكْنَاهَا) أَيْ بِالْمُهَايَأَةِ مَعَ الْوَارِثِ زَمَانًا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُ ثُلُثَيْهَا) لِثُبُوتِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ فِي سُكْنَى كُلِّهَا بِظُهُورِ مَالٍ آخَرَ أَوْ بِخَرَابِ مَا فِي يَدِهِ، فَحِينَئِذٍ يُزَاحِمُهُمْ فِي بَاقِيهَا (قَوْلُهُ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ لِلْوَارِثِ بَيْعُ ثُلُثَيْهَا (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُقَاسِمَ الْوَرَثَةَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَهُ سُكْنَاهَا وَالضَّمِيرُ لِلرَّجُلِ أَيْ لِلْمُوصَى لَهُ الْمُقَاسَمَةُ فِي عَيْنِ الدَّارِ بِالْأَجْزَاءِ إنْ احْتَمَلَتْ الْقِسْمَةَ، وَهَذَا أَعْدَلُ مِنْ الْمُهَايَأَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا زَمَانًا وَذَاتًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ سَتَأْتِي فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى
(قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُوصَى لَهُمَا أَنْ يَدُوسَ وَيَسْلُخَ الشَّاةَ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: أَنْ يَدُوسَا وَيَسْلُخَا الشَّاةَ بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ اهـ ح.
قُلْت: وَأَنْ يَزِيدَ وَيَحْلِجَا الْقُطْنَ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إخْرَاجُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِدُهْنِ هَذَا السِّمْسِمِ لِرَجُلٍ، وَبِكَسْبِهِ لِآخَرَ وَبِمَا فِي اللَّبَنِ مِنْ الزُّبْدِ لِرَجُلٍ وَبِالْمَخِيضِ لِآخَرَ فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الدُّهْنِ وَالزُّبْدِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إخْرَاجُهُمَا فَقَطْ وَبِهِ يَتَغَيَّرُ مَا لِشَرِيكِهِ عَنْ حَالِهِ فَعَلَيْهِ تَخْلِيصُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الشَّاةُ حَيَّةً فَأَجَازَ الذَّبْحَ عَلَى صَاحِبِ اللَّحْمِ خَاصَّةً، لِأَنَّ التَّذْكِيَةَ لِأَجْلِ اللَّحْمِ لَا الْجِلْدِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
(قَوْلُهُ فِي رَمَضَانَ) لَعَلَّهُ إنَّمَا خَصَّهُ لِزِيَادَةِ ذَلِكَ فِيهِ وَإِلَّا فَغَيْرُ رَمَضَانَ مِثْلُهُ، وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ لِغَزْوٍ فَإِنْ أَعْطَوْا حَاجًّا مُنْقَطِعًا جَازَ، وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ صُرِفَ إلَى سِرَاجِ الْمَسْجِدِ يَجُوزُ لَكِنْ إلَى سِرَاجٍ وَاحِدٍ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ اهـ وَهَذَا يُسْتَأْنَسُ بِهِ فِي تَعْيِينِ قَدْرِ الْحَاجَةِ اهـ ط (قَوْلُهُ وَتُصْرَفُ لِفُقَرَاءِ الْكَعْبَةِ) الَّذِي فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَغَيْرِهَا لِمَسَاكِينَ مَكَّةَ (قَوْلُهُ وَكَذَا لِلْمَسْجِدِ وَلِلْقُدْسِ) أَقُولُ الَّذِي فِي الْمِنَحِ