وَتَكُونُ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَلَوْ فَارِسِيًّا لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ فِي الْإِنْشَاءَاتِ، وَتَصِحُّ بِالْحَالِ قُهُسْتَانِيٌّ (وَقِيلَ سُنَّةٌ) يَعْنِي أَحَبَّهُ السَّلَفُ أَوْ سَنَّهُ عُلَمَاؤُنَا، إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ الْمُصْطَفَى وَلَا الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ، بَلْ قِيلَ بِدْعَةٌ. وَفِي الْمُحِيطِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُصَلِّيَ صَلَاةَ كَذَا فَيَسِّرْهَا لِي وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي، وَسَيَجِيءُ فِي الْحَجِّ
(وَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّكْبِيرَةِ) وَلَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ: وَفِي الْبَدَائِعِ: خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ الْجَمَاعَةَ فَلَمَّا انْتَهَى إلَى الْإِمَامِ كَبَّرَ وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ جَازَ،
ــ
[رد المحتار]
التَّوَهُّمِ قَالَ الشَّارِحُ عِنْدَ الْإِرَادَةِ أَيْ النِّيَّةِ ثُمَّ رَأَيْت ط نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ
(قَوْلُهُ وَتَكُونُ بِلَفْظِ الْمَاضِي) مِثْلَ نَوَيْت صَلَاةَ كَذَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَاضِيَ (قَوْلُهُ فِي الْإِنْشَاءَاتِ) كَالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ ط (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ بِالْحَالِ) أَيْ الْمُضَارِعِ الْمَنْوِيِّ بِهِ الْحَالَ مِثْلَ أُصَلِّي صَلَاةَ كَذَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ سُنَّةٌ) عَزَاهُ فِي التُّحْفَةِ وَالِاخْتِيَارِ إلَى مُحَمَّدٍ، وَصَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ فِي الصَّلَاةِ بَلْ فِي الْحَجِّ فَحَمَلُوا الصَّلَاةَ عَلَى الْحَجِّ، وَاعْتَرَضَهُمْ فِي الْحِلْيَةِ بِمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِنَا مِنْ أَنَّ الْحَجَّ لَمَّا كَانَ مِمَّا يَمْتَدُّ وَتَقَعُ فِيهِ الْعَوَارِضُ وَالْمَوَانِعُ وَيَحْصُلُ بِأَفْعَالٍ شَاقَّةٍ اُسْتُحِبَّ فِيهِ طَلَبُ التَّيْسِيرِ وَالتَّسْهِيلِ، وَلَمْ يُشْرَعْ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ وَقْتَهَا يَسِيرٌ اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي نَفْيِ قِيَاسِ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَجِّ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) أَشَارَ بِهِ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مَعْنَى الْقَوْلَيْنِ وَاحِدٌ سُمِّيَ مُسْتَحَبًّا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَحَبَّهُ عُلَمَاؤُنَا، وَسُنَّةً بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ طَرِيقَةٌ حَسَنَةٌ لَهُمْ لَا طَرِيقَةٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ إذْ لَمْ يُنْقَلْ إلَخْ) فِي الْفَتْحِ عَنْ بَعْضِ الْحُفَّاظِ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ أُصَلِّي كَذَا وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، زَادَ فِي الْحِلْيَةِ: وَلَا عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعِ، بَلْ الْمَنْقُولُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ» (قَوْلُهُ بَلْ قِيلَ بِدْعَةٌ) نَقَلَهُ فِي الْفَتْحِ: وَقَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَلَعَلَّ الْأَشْبَهَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ عِنْدَ قَصْدِ جَمْعِ الْعَزِيمَةِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ تَفَرُّقُ خَاطِرِهِ، وَقَدْ اسْتَفَاضَ ظُهُورُ الْعَمَلِ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ فِي عَامَّةِ الْأَمْصَارِ فَلَا جَرَمَ أَنَّهُ ذَهَبَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَافِي إلَى أَنَّهُ إنْ فَعَلَهُ لِيَجْمَعَ عَزِيمَةَ قَلْبِهِ فَحَسَنٌ، فَيَنْدَفِعُ مَا قِيلَ إنَّهُ يُكْرَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الْمُحِيطِ يَقُولُ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَيَكُونُ بِلَفْظِ الْمَاضِي إلَخْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْحَجِّ أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَقُولُ فِيهِ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي إلَى أَنَّ ذَلِكَ مَقِيسٌ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَا عَلِمْت: وَقَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ اسْتِنَانَهَا فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يُفِيدُ كَوْنَهَا بِهَذَا اللَّفْظِ لَا بِنَحْوِ نَوَيْت أَوْ أَنْوِي كَمَا عَلَيْهِ عَامَّةُ الْمُتَلَفِّظِينَ بِهَا مَا بَيْنَ عَامِّيٍّ وَغَيْرِهِ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ خِلَافُ الْمُسْتَفِيضِ فَلَا يُقْبَلُ
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ) ذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَقَبْلَ التَّكْبِيرِ مَا لَمْ يَقْطَعْهَا بِعَمَلٍ اهـ ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى التَّصْرِيحِ بِاشْتِرَاطِ الْوَقْتِ، وَهُوَ إنْ صَحَّ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهَا فَلَا يَضُرُّ إيجَادُهَا قَبْلَ الْوَقْتِ وَاسْتِصْحَابُهَا إلَى وَقْتِ الشُّرُوعِ بَعْدَ دُخُولِهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الشُّرُوطِ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. أَقُولُ: إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِاسْتِصْحَابِهَا عَدَمَ عُزُوبِهَا عَنْ قَلْبِهِ إلَى وَقْتِ الشُّرُوعِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ وَاسْتِصْحَابُهَا إلَى وَقْتِ الشُّرُوعِ، فَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ نِيَّةٌ مُقَارِنَةٌ، وَالْكَلَامُ فِي النِّيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِلَا اشْتِرَاطِ اسْتِصْحَابِهَا إلَى وَقْتِ الشُّرُوعِ كَمَا اقْتَضَاهُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْبَدَائِعِ، وَهَذِهِ لَا تَصِحُّ إذَا عَزَبْت عَنْهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لِأَنَّ النِّيَّةَ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ مُقَارَنَتُهَا لِلشُّرُوعِ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْمُنَافِي لَهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ دُخُولِ الْوَقْتِ مُنَافٍ لِنِيَّةِ فَرْضِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ لَا يُفْرَضُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ جَازَ) وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُمْ عَدَمَ الْفَاصِلِ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ مِنْ أَعْمَالِ الدُّنْيَا كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْبَحْرِ: الْمُرَادُ بِهِ الْفَاصِلُ الْأَجْنَبِيُّ، وَهُوَ مَا لَا يَلِيقُ بِالصَّلَاةِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْكَلَامِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ تُبْطِلُ الصَّلَاةَ فَتُبْطِلُ النِّيَّةَ، وَأَمَّا الْمَشْيُ وَالْوُضُوءُ فَلَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute