(وَأَصْلُهُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ ثُمَّ خَرَجَ لِفَقْدِ شَرْطٍ لَا يُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي حَقِّ الْآخَرِ، وَمَتَى لَمْ يَدْخُلْ فِي الْوَصِيَّةِ لِفَقْدِ الْأَهْلِيَّةِ كَانَ الْكُلُّ لِلْآخَرِ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَقِيلَ الْعِبْرَةُ لِوَقْتِ مَوْتِ الْمُوصِي) وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الدُّرَرِ تَبَعًا لِلْكَافِي حَيْثُ قَالَ: أَوْ لَهُ وَلِوَلَدِ بَكْرٍ فَمَاتَ وَلَدُهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي إلَى آخِرِهِ لَكِنَّ قَوْلَ الزَّيْلَعِيِّ فِيمَا مَرَّ أَمَّا إذَا خَرَجَ الْمُزَاحِمُ بَعْدَ صِحَّةِ الْإِيجَابِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْإِيجَابِ وَقِيلَ فِيهِ رِوَايَتَانِ.
(وَلَوْ قَالَ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهُوَ مَيِّتٌ لِزَيْدٍ نِصْفُهُ) لِأَنَّ كَلِمَةَ بَيْنَ تُوجِبُ التَّنْصِيفَ حَتَّى لَوْ قَالَ ثُلُثُهُ بَيْنَ زَيْدٍ وَسَكَتَ فَلَهُ نِصْفُهُ أَيْضًا (وَبِثُلُثِهِ وَهُوَ) أَيْ الْمُوصِي (فَقِيرٌ) وَقْتَ وَصِيَّتِهِ (لَهُ ثُلُثُ مَالِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ) سَوَاءٌ (اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ أَوْ قَبْلَهَا) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إيجَابٌ بَعْدَ الْمَوْتِ (إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُوصَى بِهِ عَيْنًا أَوْ نَوْعًا مُعَيَّنًا،
ــ
[رد المحتار]
بُطْلَانَ اسْتِحْقَاقِهِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ لَا يُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي حَقِّ الْآخَرِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ خَرَجَ لِفَقْدِ شَرْطٍ) أَيْ أَوْ لِزَوَالِ أَهْلِيَّةٍ كَمَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) أَيْ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ مَتْنًا وَشَرْحًا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْعِبْرَةُ) أَيْ فِي صِحَّةِ الْإِيجَابِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ (قَوْلُهُ إلَى آخِرِهِ) تَمَامُهُ أَوْ لَهُ وَلِفُقَرَاءِ وَلَدِهِ أَوْ لِمَنْ افْتَقَرَ مِنْ وَلَدِهِ، وَفَاتَ شَرْطُهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِزَيْدٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، لِأَنَّ الْمَعْدُومَ أَوْ الْمَيِّتَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا فَلَا تَثْبُتُ الْمُزَاحَمَةُ لِزَيْدٍ فَصَارَ كَمَا إذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِجِدَارٍ اهـ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ قَوْلَ الزَّيْلَعِيِّ فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَلَا مَحَلَّ لِلِاسْتِدْرَاكِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَقِيلَ إلَخْ فَإِنَّهُ مَسُوقٌ لِبَيَانِ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ: أَخْذًا مِنْ إشَارَةِ الدُّرَرِ وَالْكَافِي مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ مُخَالَفَتِهِ لِمَا قَدَّمَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ. بَيَانُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسِ: أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، تُعْتَبَرُ صِحَّةُ الْإِيجَابِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ، وَمَتَى كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ تُعْتَبَرُ صِحَّةُ الْإِيجَابِ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِوَلَدِ بَكْرٍ فَمَاتَ وَلَدُهُ قَبْلَ الْمُوصِي فَلِفُلَانٍ كُلُّ الثُّلُثِ، وَإِنْ وُلِدَ لِبَكْرٍ عَشَرَةُ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي، فَالثُّلُثُ بَيْنَ فُلَانٍ وَبَيْنَ الْأَوْلَادِ عَلَى عَدَدِهِمْ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا، اعْتِبَارًا لِيَوْمِ مَوْتِ الْمُوصِي، لِأَنَّ الْوَلَدَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَ وَالْأَكْثَرَ، وَكَذَا إذَا أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ بَنُونَ وَمَاتَ الْمُوصِي، فَالثُّلُثُ لَهُمْ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَنُونَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ، وَلَمْ يُسَمِّهِمْ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِمْ فَالثُّلُثُ لِلْمَوْجُودِينَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ كَانُوا غَيْرَ الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ سَمَّاهُمْ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِمْ فَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ حَتَّى لَوْ مَاتُوا بَطَلَتْ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنٌ فَتُعْتَبَرُ صِحَّةُ الْإِيجَابِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ اهـ مُلَخَّصًا.
وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي الدُّرَرِ مِنْ اعْتِبَارِ يَوْمِ الْمَوْتِ لِصِحَّةِ الْإِيجَابِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ الْمُوصَى لَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَدِ بَكْرٍ أَوْ فُقَرَاءِ وَلَدِهِ أَوْ مَنْ افْتَقَرَ غَيْرُ مُعَيِّنٍ إذْ لَا تَسْمِيَةَ، وَلَا إشَارَةَ وَإِذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ يَوْمَ الْمَوْتِ فِي ذَلِكَ وَفَاتَ الشَّرْطُ عِنْدَهُ بِأَنْ كَانَ الْوَلَدُ مَيِّتًا أَوْ غَنِيًّا فَقَدْ خَرَجَ الْمُزَاحِمُ مِنْ الْأَصْلِ، فَلِذَا كَانَ جَمِيعُ الثُّلُثِ لِزَيْدٍ، وَظَهَرَ أَيْضًا أَنَّ كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ لَيْسَ صَرِيحًا فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الْإِيجَابِ مُطْلَقًا لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمُعَيَّنِ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَلِمَةَ بَيْنَ تُوجِبُ التَّنْصِيفَ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُفْرَدَيْنِ كَمَا هُنَا أَمَّا لَوْ دَخَلَتْ عَلَى ثَلَاثَةٍ كَقَوْلِهِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعُمَرَ وَبَكْرٍ فَإِنَّهَا تُوجِبُ الْقِسْمَةَ عَلَى عَدَدِهِمْ تَأَمَّلْ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا قَالَ بَيْنَ زَيْدٍ، وَسَكَتَ فَإِنَّهَا تُنَصَّفُ، لِأَنَّ أَقَلَّ الشَّرِكَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَا نِهَايَةَ لِمَا فَوْقَهُمَا. وَأَمَّا إذَا دَخَلَتْ عَلَى جَمْعَيْنِ فَفِي الْمِعْرَاجِ لَوْ قَالَ: بَيْنَ بَنِي زَيْدٍ وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَنُونَ، فَكُلُّ الثُّلُثِ لِبَنِي الْآخَرِ لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ الثُّلُثِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ بَنِي زَيْدٍ حَتَّى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ، فَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ الْمُزَاحَمَةُ كَانَ كُلُّ الثُّلُثِ بَيْنَهُمْ، وَقَوْلُهُ بَيْنَ بَنِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ كَمَا مَرَّ اهـ أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَكْرَارِ بَيْنَ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ فَقِيرٌ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِيَتَأَتَّى الْإِطْلَاقُ الْآتِي ط (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إيجَابٌ إلَخْ) أَيْ عَقْدُ تَمْلِيكٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute