للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا إذَا أَوْصَى بِعَيْنٍ أَوْ نَوْعٍ مِنْ مَالِهِ كَثُلُثِ غَنَمِهِ فَهَلَكَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ) لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ فَبَطَلَ بِفَوَاتِهَا (وَإِنْ اكْتَسَبَ غَيْرَهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنْمٌ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ فَاسْتَفَادَهَا) أَيْ الْغَنَمَ (ثُمَّ مَاتَ صَحَّتْ) فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالنَّوْعِ كَتَعَلُّقِهَا بِالْمَالِ (وَلَوْ قَالَ: لَهُ شَاةٌ مِنْ مَالِي وَلَيْسَ لَهُ غَنْمٌ. يُعْطَى قِيمَةَ الشَّاةِ بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (لَهُ شَاةٌ مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنْمَ لَهُ) يَعْنِي لَا شَاةَ لَهُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُضِفْهَا لِمَالِهِ وَلَا غَنْمَ لَهُ، وَقِيلَ تَصِحُّ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ كَالْبَقَرِ وَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِمَا) زَيْلَعِيٌّ (وَبِثُلُثِهِ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَهُنَّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَهُنَّ) أَيْ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ خَمْسَةٍ (وَسَهْمٌ لِلْفُقَرَاءِ وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ) وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ أَسْبَاعًا لِأَنَّ لَفْظَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ.

قُلْنَا: (أَلْ) الْجِنْسِيَّةُ تُبْطِلُ الْجَمْعِيَّةَ (بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ وَلِلْمَسَاكِينِ لِزَيْدٍ نِصْفُهُ) وَلَهُمْ نِصْفُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَثْلَاثًا كَمَا مَرَّ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ قُسِّمَ أَثْلَاثًا عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَنْصَافًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَأَخْمَاسًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ اخْتِيَارٍ.

ــ

[رد المحتار]

بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ وَالرَّدُّ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيَثْبُتُ حُكْمُهُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَوْصَى إلَخْ) .

حَاصِلُهُ: أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ التَّفْصِيلِ إنَّمَا هُوَ شَائِعٌ فِي كُلِّ الْمَالِ لَيْسَ عَيْنًا، وَلَا نَوْعًا وَأَمَّا غَيْرُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا كَثُلُثِ غَنَمِي وَلَهُ غَنْمٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَوْجُودُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ بِالْإِضَافَةِ الْعَهْدِيَّةِ، لِأَنَّهَا تَأْتِي لِمَا تَأْتِي لَهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ، وَإِنْ كَانَ نَوْعًا كَثُلُثِ غَنَمِي، وَلَا غَنَمَ لَهُ فَهُوَ كَالشَّائِعِ فِي كُلِّ الْمَالِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا، حَتَّى تَتَقَيَّدَ بِهِ الْوَصِيَّةُ لِعَدَمِ الْعَهْدِيَّةِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ غَنَمٌ) أَوْ كَانَ وَهَلَكَ مِعْرَاجٌ وَإِنْ كَانَ فِي مَالِهِ شَاةٌ يُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ دَفْعِهَا أَوْ دَفْعِ قِيمَتِهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ يُعْطَى قِيمَةَ الشَّاةِ) أَيْ شَاةٍ وَسَطٍ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قَوْلِهِ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى: لَمَّا أَضَافَ الشَّاةَ إلَى الْمَالِ عَلِمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ الْوَصِيَّةُ بِمَالِيَّةِ الشَّاةِ، وَمَالِيَّتُهَا تُوجَدُ فِي مُطْلَقِ الْمَالِ، وَفِي الثَّانِيَةِ: لَمَّا أَضَافَهَا إلَى الْغَنَمِ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَيْنُ الشَّاةِ، حَيْثُ جَعَلَهَا جُزْءًا مِنْ الْغَنَمِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ: يَعْنِي لَا شَاةَ لَهُ) تَبِعَ ابْنَ الْكَمَالِ حَيْثُ عَبَّرَ بِهِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ: إنَّمَا قَالَ وَلَا شَاةَ لَهُ، وَلَمْ يَقُلْ وَلَا غَنَمَ لَهُ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، لِأَنَّ الشَّاةَ فَرْدٌ مِنْ الْغَنَمِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَاةٌ لَا يَكُونُ لَهُ غَنَمٌ بِدُونِ الْعَكْسِ، وَالشَّرْطُ عَدَمُ الْجِنْسِ لَا عَدَمُ الْجَمْعِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ الْفَرْدُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ اهـ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ حَيْثُ قَالَ: تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ أَيْضًا بِوُجُودِ شَاةٍ اهـ.

أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُوصِيَ قَالَ شَاةٌ مِنْ غَنَمِي بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَمَنْ لَا شَاةَ لَهُ أَصْلًا أَوْ لَهُ شَاةٌ وَاحِدَةٌ يَكُونُ لَا غَنَمَ لَهُ فَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الصُّورَتَيْنِ إذْ لَمْ يُوجَدْ الْجَمْعُ فِيهِمَا، فَظَهَرَ أَنَّ شَرْطَ الْبُطْلَانِ عَدَمُ الْجَمْعِ لَا عَدَمُ الْجِنْسِ، وَعَنْ هَذَا قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ أَشْمَلُ لِدَلَالَتِهَا عَلَى بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ لَمْ يُضِفْهَا لِمَالِهِ) جَزَمَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَالْمِنَحِ، قَالُوا قِيلَ لَا تَصِحُّ، لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ إضَافَتُهَا إلَى الْمَالِ، وَبِدُونِهَا تُعْتَبَرُ صُورَةً لِلشَّاةِ وَمَعْنَاهَا وَقِيلَ تَصِحُّ، لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الشَّاةَ وَلَيْسَ فِي مِلْكِهِ شَاةٌ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ الْمَالِيَّةُ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ) أَيْ فِي الْمِيرَاثِ، وَالْوَصِيَّةُ أُخْتُهُ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ: تَبْطُلُ الْجَمْعِيَّةُ) حَتَّى لَوْ أَتَى بِهِ مُنَكَّرًا قُلْنَا كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ زَيْلَعِيٌّ. [تَنْبِيهٌ]

هَذِهِ الْوَصِيَّةُ تَكُونُ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ اللَّاتِي يَعْتِقْنَ بِمَوْتِهِ أَوْ اللَّاتِي عَتَقْنَ فِي حَيَاتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُنَّ فَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهُمَا، فَالْوَصِيَّةُ لِلَّاتِي يَعْتِقْنَ بِمَوْتِهِ، لِأَنَّ الِاسْمَ لَهُنَّ فِي الْعُرْفِ وَاَللَّاتِي عَتَقْنَ فِي حَيَاتِهِ مَوَالٍ لَا أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ، وَإِنَّمَا تُصْرَفُ إلَيْهِنَّ الْوَصِيَّةُ عِنْدَ عَدَمِ أُولَئِكَ لِعَدَمِ مَنْ يَكُونُ أَوْلَى مِنْهُنَّ بِهَذَا الِاسْمِ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَنْصَافًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى؛ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُنْبِئُ

<<  <  ج: ص:  >  >>