للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ أَوْصَى لِلْمَسَاكِينٍ كَانَ لَهُ صَرْفُهُ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ) وَقَالَ مُحَمَّدٌ لِاثْنَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ، فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ مَا لِلْمَسَاكِينِ لِأَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ عِنْدَهُ، وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يُشِرْ لِمَسَاكِينَ، فَلَوْ أَشَارَ إلَى جَمَاعَةٍ وَقَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِهَذِهِ الْمَسَاكِينِ لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ لِوَاحِدٍ اتِّفَاقًا وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَاءَ بَلَخ فَأَعْطَى غَيْرَهُمْ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى خُلَاصَةٌ وشُرُنْبُلالِيَّة (وَبِمِائَةٍ لِرَجُلٍ وَبِمِائَةٍ لِآخَرَ فَقَالَ لِآخَرَ أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا لَهُ ثُلُثُ كُلِّ مِائَةٍ) لِتَسَاوِي نَصِيبِهِمَا فَأَمْكَنَتْ الْمُسَاوَاةُ فَلِكُلٍّ ثُلُثَا الْمِائَةِ (وَ) لَوْ (بِأَرْبَعِمِائَةٍ) مَثَلًا (لَهُ وَبِمِائَتَيْنِ لِآخَرَ فَقَالَ لِآخَرَ أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا لَهُ نِصْفُ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا) لِتَفَاوُتِ نَصِيبِهِمَا فَيُسَاوِي كُلًّا مِنْهُمَا (وَبِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ أَشْرَكْتُك أَوْ أَدْخَلْتُك مَعَهُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا) لِمَا ذَكَرْنَا

(وَإِنْ قَالَ لِوَرَثَتِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ فَصَدِّقُوهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ) وُجُوبًا (إلَى الثُّلُثِ) اسْتِحْسَانًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ (كُلُّ مَنْ ادَّعَى عَلَيَّ شَيْئًا فَأَعْطُوهُ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الشَّرْعِ (إلَّا أَنْ يَقُولَ إنْ رَأَى الْوَصِيُّ أَنْ يُعْطِيَهُ فَيَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ) وَيَصِيرُ وَصِيَّةً وَلَوْ قَالَ مَا ادَّعَى فُلَانٌ مِنْ مَالِي فَهُوَ صَادِقٌ فَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ دَعْوَى فِي شَيْءٍ مَعْلُومٍ فَهُوَ لَهُ وَإِلَّا لَا مُجْتَبًى (فَإِنْ أَوْصَى بِوَصَايَا مَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ قَوْلِهِ لِوَرَثَتِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ فَصَدِّقُوهُ (عُزِلَ الثُّلُثُ لِأَصْحَابِ الْوَصَايَا وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ وَقِيلَ لِكُلٍّ) مِنْ أَصْحَابِ الْوَصَايَا وَالْوَرَثَةِ (صَدِّقُوهُ فِيمَا شِئْتُمْ وَمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَلِلْوَصَايَا) وَالدَّيْنُ وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْحَقَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ مَجْهُولٌ وَطَرِيقُ تَعَيُّنِهِ -

ــ

[رد المحتار]

عَنْ الْحَاجَةِ اخْتِيَارٌ، لَكِنَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ كَقَوْلِ الْإِمَامِ فَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ هُنَا تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ أَقَلِّ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: جَازَ) لَكِنَّ الْأَفْضَلَ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ خُلَاصَةٌ (قَوْلُهُ: لِتَسَاوِي نَصِيبِهِمَا) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لِلْمُسَاوَاةِ لُغَةً وَلِهَذَا حُمِلَ قَوْله تَعَالَى - {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢]- عَلَى الْمُسَاوَاةِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ: لِتَفَاوُتِ نَصِيبِهِمَا) فَلَا تُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْكُلِّ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى مُسَاوَاةِ الثَّالِثِ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا سَمَّاهُ لَهُ فَيَأْخُذُ النِّصْفَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالَيْنِ وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِأَمَةٍ وَلِبَكْرٍ بِأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا، فَإِنْ تَفَاوَتَا قِيمَةً فَلَهُ نِصْفُ كُلٍّ إجْمَاعًا وَكَذَا إنْ تَسَاوَيَا عِنْدَهُ وَثُلُثُ كُلٍّ عِنْدَهُمَا بِنَاءً عَلَى قِسْمَةِ الرَّقِيقِ وَعَدَمِهَا زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: لِمَا ذَكَرْنَا) أَيْ مِنْ إمْكَانِ الْمُسَاوَاةِ ط

(قَوْلُهُ: فَصَدِّقُوهُ) فِعْلُ أَمْرٍ (قَوْلُهُ: اسْتِحْسَانًا) وَفِي الْقِيَاسِ: لَا يُصَدَّقُ، لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَجْهُولِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَلَكِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِهِ إلَّا بِالْبَيَانِ وَقَوْلُهُ: فَصَدِّقُوهُ صَدَرَ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ، لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ أَصْلَ الْحَقِّ دَيْنٌ وَمِقْدَارُهُ يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ اهـ ح (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ خِلَافُ الشَّرْعِ) تَعْلِيلٌ لِمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ: بِخِلَافٍ مِنْ أَنَّهُ بَاطِلٌ ط، وَلَا يَأْتِي وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُنَا لِجَهَالَةِ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ وَصِيَّةً) لِأَنَّهُ فَوَّضَهُ إلَى رَأْيِ الْمُوصِي، أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ الْمُفَوَّضَةَ تَصِحُّ وَإِنْ جَهِلَ صَاحِبُهَا، وَقَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ دَعْوَى) أَيْ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ ط (قَوْلُهُ: فَهُوَ لَهُ) وَيَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِمَا ادَّعَاهُ ط: أَيْ فَيَكُونُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَأَمَّا قَوْلُ ح: إنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّعْوَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِذَا قَالَ ط: وَتَأْوِيلُ ادَّعَى بِيَدَّعِي خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ مِنْ اللَّفْظِ بِخِلَافِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ قَدْ أَثْبَتَ عَلَيْهِ دَيْنًا وَفَوَّضَ تَقْدِيرَهُ إلَى الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ لِأَبِي اللَّيْثِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا رِوَايَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَفَادَهُ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: عُزِلَ الثُّلُثُ إلَخْ) لِأَنَّ الْوَصَايَا حُقُوقٌ مَعْلُومَةٌ فِي الثُّلُثِ وَالْمِيرَاثُ مَعْلُومٌ فِي الثُّلُثَيْنِ وَهَذَا لَيْسَ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ، وَلَا وَصِيَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَا يُزَاحِمُ الْمَعْلُومَ فَقَدَّمْنَا عَزْلَ الْمَعْلُومِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَلِلْوَصَايَا) اقْتِصَارُهُ فِي الْمَتْنِ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ مُوفٍ بِالْمُرَادِ، فَكَانَ عَلَيْهِ ذِكْرُ التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: فَيُؤْخَذُ إلَخْ كَمَا فَعَلَ فِي الْمُنْتَقَى وَالدُّرَرِ وَالْإِصْلَاحِ (قَوْلُهُ وَالدَّيْنُ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ: هُوَ أَنَّ هَذَا إقْرَارٌ بِدَيْنٍ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ، وَحَقِّ أَصْحَابِ الْوَصَايَا

<<  <  ج: ص:  >  >>