للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا ذَكَرَ فَيُؤْخَذُ الْوَرَثَةُ بِثُلُثَيْ مَا أَقَرُّوا بِهِ وَالْمُوصَى لَهُمْ بِثُلُثِ مَا أَقَرُّوا بِهِ وَمَا بَقِيَ فَلَهُمْ وَيَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى الْعِلْمِ لَوْ ادَّعَى الزِّيَادَةَ.

قُلْت: بَقِيَ لَوْ كَانَتْ الْوَصَايَا دُونَ الثُّلُثِ هَلْ يُعْزَلُ الثُّلُثُ كُلُّهُ أَمْ بِقَدْرِ الْوَصَايَا؟ لَمْ أَرَهُ وَبَقِيَ أَيْضًا هَلْ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ يُرَاجَعُ. ابْنُ الْكَمَالِ بِهِ

(وَلِأَجْنَبِيٍّ وَوَارِثِهِ أَوْ قَاتِلِهِ نِصْفُ الْوَصِيَّةِ وَبَطَلَ وَصِيَّتُهُ

ــ

[رد المحتار]

فَلِمَ قَدَّمَ الْعَزْلَ لَهُمَا عَلَيْهِ؟

(قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ تَصْدِيقِ الْفَرِيقَيْنِ (قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ الْوَرَثَةُ بِثُلُثَيْ مَا أَقَرُّوا بِهِ إلَخْ) لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ كُلُّ فَرِيقٍ بِسَهْمٍ ظَهَرَ أَنَّ فِي التَّرِكَةِ دَيْنًا شَائِعًا فِي النَّصِيبَيْنِ، فَيُؤْخَذُ الدَّيْنُ مِنْهُمْ بِحِسَابِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ التَّرِكَةِ عَيْنِيٌّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا بَقِيَ فَلَهُمْ) أَيْ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَلِأَصْحَابِ الْوَصَايَا، وَمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ، فَلِلْوَرَثَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْمُوصِي لَهُمْ الدَّيْنُ مِائَةٌ يُعْطَى الْمُقَرُّ لَهُ ثُلُثَهَا مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلَهُمْ، وَإِنْ قَالَ الْوَرَثَةُ: الدَّيْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ يُعْطَى الْمُقَرُّ لَهُ مِائَتَيْنِ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلَهُمْ، وَإِلَّا فَلَا أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْعِلْمِ) أَيْ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: لِأَنَّهُ تَحْلِيفٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ اهـ أَيْ عَلَى مَا جَرَى بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمَيِّتِ لَا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ (قَوْلُهُ: قُلْت بَقِيَ إلَخْ) مَنْشَأُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ عُزِلَ الثُّلُثُ لِأَصْحَابِ الْوَصَايَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْوَصَايَا اسْتَغْرَقَتْ الثُّلُثَ، وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ، وَابْنُ الْكَمَالِ كَمَا يَأْتِي فِي الْإِشْكَالِ، فَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ حُكْمُ مَا إذَا كَانَتْ دُونَهُ، نَعَمْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْزِلُ بِقَدْرِهَا بَقِيَ إذَا عَزَلَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْوَصَايَا فَقَطْ وَقِيلَ: لِكُلٍّ مِنْ أَصْحَابِهَا وَالْوَرَثَةِ صَدِّقُوهُ فِيمَا شِئْتُمْ، فَكَمْ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ وَذَكَرَ ط أَنَّ قِيَاسَ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا فِي يَدِ كُلٍّ فَيَكُونُ مَا صَدَّقُوهُ فِيهِ لَازِمًا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ اهـ.

قُلْت: وَبَقِيَ أَيْضًا أَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ أَصْحَابِ الْوَصَايَا هَلْ يَرْجِعُونَ بِهِ فِي ثُلُثِ التَّرِكَةِ تَكْمِيلًا لِوَصَايَاهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ دَيْنٌ ثَبَتَ شَائِعًا فِي التَّرِكَةِ بَعْدَ إقْرَارِ الْفَرِيقَيْنِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْعَيْنِيِّ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ مَا يُكْمِلُ وَصَايَاهُمْ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ الْوَصَايَا قَدْ اسْتَغْرَقَتْ الثُّلُثَ فِيهَا أَمْ لَا يَرْجِعُونَ بِهِ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَصِيَّةٌ فِي حَقِّهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَتْقَانِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لَمْ أَرَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ أَيْضًا هَلْ يَلْزَمُهُمْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَيْفَ يَلْزَمُهُمْ وَهُوَ اسْتِشْكَالٌ لِإِلْزَامِ الْوَرَثَةِ بِتَصْدِيقِهِ بَعْدَ عَزْلِهِمْ الثُّلُثَ لِلْوَصَايَا، وَقَوْلُهُ يُرَاجَعُ ابْنُ الْكَمَالِ بِهِ إنَّمَا قَالَ بِهِ أَيْ بِسَبَبِ مَا تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّارِحُ، لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، لَكِنْ يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَابُ مَا تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّارِحُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فَافْهَمْ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْكَمَالِ: قِيلَ هَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَرَثَةَ كَانُوا يُصَدِّقُونَهُ إلَى الثُّلُثِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَهُنَا أَلْزَمَهُمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، لِأَنَّ أَصْحَابَ الْوَصَايَا أَخَذُوا الثُّلُثَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ الْوَصَايَا تَسْتَغْرِقُ الثُّلُثَ كُلَّهُ وَلَمْ يَبْقَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُمْ تَصْدِيقُهُ اهـ.

وَقَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَرَثَةَ كَانُوا إلَخْ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا لَمْ يُوصِ بِوَصَايَا مَعَ الْإِقْرَارِ، وَقَوْلُهُ: وَهُنَا أَيْ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا مَعَ ذَلِكَ، وَأَصْلُ الْإِشْكَالِ لِلْإِمَامِ الزَّيْلَعِيِّ. وَأَجَابَ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ: بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ لَهُ شَبَهَانِ شَبَهُ الْوَصِيَّةِ لِخُرُوجِهَا مَخْرَجَهَا وَشَبَهُ الدَّيْنِ لِتَسْمِيَتِهِ إيَّاهُ دَيْنًا فَهُوَ دَيْنٌ فِي الصُّورَةِ وَوَصِيَّةٌ فِي الْمَعْنَى فَرُوعِيَ شَبَهُ الْوَصِيَّةِ حِينَ لَا وَصِيَّةَ، وَرُوعِيَ شَبَهُ الدَّيْنِ حِينَ وُجُودِ الْوَصِيَّةِ، لِأَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَيْهِ مَعَهَا دَلِيلُ الْمُغَايَرَةِ فَصُدِّقَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مَعَ مُرَاعَاةِ جَانِبِ الْوَرَثَةِ، وَالْمُوصَى لَهُ حَيْثُ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهِمْ تَعْوِيلًا عَلَى عِلْمِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَاجْتِهَادِهِمْ فِي تَخْلِيصِ ذِمَّةِ مُوَرِّثِهِمْ اهـ وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ قَاضِي زَادَهْ بِجَوَابٍ رَدَّهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَأَجَابَ عَنْ الْإِشْكَالِ بِجَوَابٍ آخَرَ قَرِيبٍ مِنْ جَوَابِ الْمَقْدِسِيَّ فَرَاجِعْهُمَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>