(وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِهَا) حَقِيقَةً لَا بِمُجَرَّدِ إخْبَارِهِ (ضَمَّ) الْقَاضِي (إلَيْهِ غَيْرَهُ) عَارِيَّةً لِحَقِّ الْمُوصِي وَالْوَرَثَةِ.
(وَلَوْ ظَهَرَ لِلْقَاضِي عَجْزُهُ أَصْلًا اسْتَبْدَلَ غَيْرَهُ وَلَوْ عَزَلَهُ) أَيْ الْمُوصَى الْمُخْتَارُ (الْقَاضِي مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لَهَا نَفَذَ عَزْلُهُ وَإِنْ جَارَ) الْقَاضِي (وَأَثِمَ) فِي الْأَشْبَاهِ اخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ عَزْلِهِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ، لَكِنْ يَجِبُ الْإِفْتَاءُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ. وَأَمَّا عَزْلُ الْخَائِنِ فَوَاجِبٌ. انْتَهَى.
قُلْت: وَعِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ: الْوَصِيُّ مِنْ الْمَيِّتِ لَوْ عَدْلًا كَافِيًا لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَهُ، فَلَوْ عَزَلَهُ قِيلَ يَنْعَزِلُ.
أَقُولُ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ لِأَنَّ الْمُوصِيَ أَشْفَقُ بِنَفْسِهِ مِنْ الْقَاضِي فَكَيْفَ يَنْعَزِلُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ
ــ
[رد المحتار]
هُوَ أَهْلٌ فَيَصِحُّ، كَمَا لَوْ أَوْصَى إلَى مُكَاتَبٍ وَهَذَا لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ مُسْتَبِدٌّ بِالتَّصَرُّفِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ وَلَايَةٌ، فَإِنَّ الصِّغَارَ وَإِنْ كَانُوا مُلَّاكًا لَكِنْ لَمَّا أَقَامَهُ أَبُوهُمْ مَقَامَ نَفْسِهِ صَارَ مُسْتَبِدًّا بِالتَّصَرُّفِ مِثْلَهُ بِلَا وَلَايَةٍ لَهُمْ اهـ دُرَرٌ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ رَقَبَتَهُ ط.
فَإِنْ قِيلَ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلَايَةُ الْبَيْعِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَهُ فَيَتَحَقَّقُ الْمَنْعُ. وَأُجِيبَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْإِيصَاءُ لَمْ يَبْقَ لِلْقَاضِي وَلَايَةُ الْبَيْعِ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِهَا) أَيْ وَحْدَهُ بِأَنْ احْتَاجَ إلَى مُعَيَّنٍ بِقَرِينَةِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ حَقِيقَةً) بِأَنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِهَا كَالْمُعَايِنِ لَا بِعِلْمِ الْقَاضِي، لِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ لَا بِمُجَرَّدِ إخْبَارِهِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَكْذِبُ تَخْفِيفًا عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَكَى الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ الْوَصِيَّ إلَى الْقَاضِي لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْزِلَهُ حَتَّى يَظْهَرَ لَهُ مِنْهُ خِيَانَةٌ هِدَايَةٌ. [تَنْبِيهٌ]
يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ إخْرَاجُ نَفْسِهِ بَعْدَ الْقَبُولِ وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ، وَالْحِيلَةُ فِيهِ شَيْئَانِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَجْعَلَهُ الْمَيِّتُ وَصِيًّا عَلَى أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مَتَى شَاءَ. الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَيَتَّهِمُهُ الْقَاضِي فَيُخْرِجُهُ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي وَصِيِّ الْمَيِّتِ. أَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَقَدَّمْنَا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَعْزِلُ نَفْسَهُ بِعِلْمِ الْقَاضِي تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ فَيُخْرِجُهُ فِيهِ خِلَافٌ، وَفِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْخَصَّافِ أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ بَلْ يَجْعَلُ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ خَاصَّةٍ، وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُوصِي) فِي إبْقَائِهِ حَيْثُ اخْتَارَهُ وَصِيًّا وَلِحَقِّ الْوَرَثَةِ فِي ضَمِّ غَيْرِهِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ اسْتَبْدَلَ غَيْرَهُ) فِي الظَّهِيرِيَّةِ عَجَزَ فَأَقَامَ غَيْرَهُ ثُمَّ، قَالَ الْأَوَّلُ بَعْدَ أَيَّامٍ صِرْت قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ بِهَا، قَالُوا. هُوَ وَصِيٌّ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ مَا أَقَامَ الثَّانِيَ مَقَامَهُ لِيَكُونَ نَصْبُهُ عَزْلًا لَهُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ ضَمٌّ لَا عَزْلٌ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: أَقَامَ آخَرَ مَقَامَ الْعَاجِزِ يَنْعَزِلُ، قَالَ الْخَاصِّيُّ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ إلَّا بَعْدَ الْعَزْلِ، وَلِلْقَاضِي الْعُزْلَةُ بِالْعَجْزِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ.
أَقُولُ. يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَالَ جَعَلْتُك وَصِيًّا أَوْ ضَمَمْتُك إلَى الْأَوَّلِ لَا يَنْعَزِلُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ قَالَ أَقَمْتُك مَقَامَهُ انْعَزَلَ فَتَأَمَّلْ. [تَنْبِيهٌ]
فِي الْأَدَبِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: لَوْ جُنَّ الْوَصِيُّ مُطْبِقًا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُبَدِّلَهُ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَفَاقَ فَهُوَ عَلَى وِصَايَتِهِ اهـ (قَوْلُهُ مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لَهَا) بِأَنْ كَانَ عَدْلًا كَافِيًا (قَوْلُهُ نَفَذَ عَزْلُهُ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ. وَاسْتَبْعَدَهُ ظَهِيرُ الدِّينِ بِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ إلَى الْقَاضِي لِأَنَّهُ مُخْتَارُ الْمَيِّتِ. قَالَ أُسْتَاذُنَا فَإِذَا كَانَ يَنْعَزِلُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا كَافِيًا فَكَيْفَ وَصِيُّ الْقَاضِي اهـ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَزْلُ الْخَائِنِ فَوَاجِبٌ) بَلْ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ: إذَا كَانَ الْأَبُ مُبَذِّرًا مُتْلِفًا مَالَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ وَصِيًّا وَيَنْزِعُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) وَفِيهِ عَنْ الْمُنْتَقَى بِالنُّونِ، وَلَوْ كَافِيًا لَا عَدْلًا يَعْزِلُهُ، وَلَوْ عَدْلًا غَيْرَ كَافٍ يَضُمُّ إلَيْهِ كَافِيًا اهـ زَادَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَوْ عَزَلَهُ صَحَّ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ) قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ: لَقَدْ أَجَادَ فِيمَا أَفَادَ لَكِنَّهُ أَوْهَمَ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ عِنْدِي إنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَارُ كَثِيرٍ