للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِفَسَادِ قُضَاةِ الزَّمَانِ اهـ: قَالَ الْمُصَنِّفُ قَالَ شَيْخُنَا: فَقَدْ تَرَجَّحَ عَدَمُ صِحَّةِ الْعَزْلِ لِلْوَصِيِّ فَكَيْفَ بِالْوَظَائِفِ فِي الْأَوْقَافِ (وَبَطَلَ فِعْلُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ كَالْمُتَوَلَّيَيْنِ) فَإِنَّهُمَا فِي الْحُكْمِ كَالْوَصِيَّيْنِ أَشْبَاهٌ وَوَقْفُ الْقُنْيَةِ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ أَحَدُهُمَا أَرْضَ الْوَقْفِ لَمْ تَجُزْ بِلَا رَأْيِ الْآخَرِ وَقَدْ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى (وَلَوْ) وَصْلِيَّةً (كَانَ إيصَاؤُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ) وَقِيلَ يَنْفَرِدُ: قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ نَأْخُذُ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ صَحَّحَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الدُّرَرِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ.

قُلْت: وَهَذَا إذَا كَانَا وَصِيَّيْنِ أَوْ مُتَوَلِّيَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ أَوْ الْوَقْفِ أَوْ قَاضٍ وَاحِدٍ، أَمَّا لَوْ كَانَا مِنْ جِهَةِ قَاضِيَيْنِ مِنْ بَلْدَتَيْنِ فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَاضِيَيْنِ لَوْ تَصَرَّفَ جَازَ تَصَرُّفُهُ فَكَذَا نَائِبُهُ.

ــ

[رد المحتار]

مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ (قَوْلُهُ لِفَسَادِ قُضَاةِ الزَّمَانِ) فَيَكُونُ عَزْلُهُ مِنْهُمْ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْيَتِيمِ فِي عَزْلِ الْأَهْلِ ط. [تَنْبِيهٌ]

هَذَا كُلُّهُ فِي وَصِيِّ الْمَيِّتِ، أَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَلَهُ عَزْلُهُ وَلَوْ عَدْلًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي الْفُرُوعِ، لَكِنْ يَأْتِي قَرِيبًا تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَالَ شَيْخُنَا) يَعْنِي ابْنَ نُجَيْمٍ صَاحِبَ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَكَيْفَ بِالْوَظَائِفِ فِي الْأَوْقَافِ) مِنْ الْوَظَائِفِ التَّوْلِيَةُ عَلَى الْوَقْفِ. قَالَ فِي فَتَاوَى خَيْرِ الدِّينِ عَنْ الْبَحْرِ. وَأَمَّا عَزْلُ الْقَاضِي النَّاظِرَ فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ بِجُنْحَةٍ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْعَافِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. ثُمَّ قَالَ فَقَدْ أَفَادَ حُرْمَةَ تَوْلِيَةِ غَيْرِهِ بِلَا خِيَانَةٍ، وَعَدَمَ صِحَّتِهَا لَوْ فَعَلَ، ثُمَّ قَالَ: وَاسْتُفِيدَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ عَزْلِ النَّاظِرِ بِغَيْرِ جُنْحَةٍ عَدَمُهَا لِصِحَّةِ وَظِيفَةٍ فِي وَقْفٍ، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَزَّازِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ ط وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ فَكَيْفَ إلَخْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْأَوْلَى. وَوَجْهُهُ أَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقٍّ مُحْتَرَمٍ وَهُوَ مَا عَيَّنَ لَهُ الْوَاقِفُ (قَوْلُهُ وَبَطَلَ فِعْلُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ) إلَّا إذَا أَجَازَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْمِنَحِ ط.

أَقُولُ: وَكَذَا الْوَصِيُّ مَعَ النَّاظِرِ عَلَيْهِ: وَفِي الْحَامِدِيَّةِ عَنْ الْإِسْمَاعِيلِيَّة لَوْ تَصَرَّفَ الْوَصِيُّ بِدُونِ عِلْمِ النَّاظِرِ فِي أَمْوَالِ الْيَتِيمِ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُهَا (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ إلَخْ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْعَافِ حَيْثُ قَالَ: لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ النَّاظِرَيْنِ بِالْإِجَازَةِ، وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ جَازَتْ نَقَلَهُ أَبُو السُّعُودِ ط وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَأْخُوذٌ عَنْ الْمِنَحِ (قَوْلُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) الْأَوْلَى إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا عَبَّرَ فِي الْغُرَرِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَنْفَرِدُ) قَائِلُهُ أَبُو يُوسُفَ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ وَالْأَوَّلُ قَوْلُهُمَا، ثُمَّ قِيلَ: الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى إلَيْهِمَا مُتَعَاقِبًا، فَلَوْ مَعًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ بِالْإِجْمَاعِ، وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي الْعَقْدِ الْوَاحِدِ، أَمَّا فِي الْعَقْدَيْنِ فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَبِهِ نَأْخُذُ وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا. قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَبِهِ جَزَمَ مُنْلَا خُسْرو مِنَحٌ مُلَخَّصًا، وَذَكَرَ مِثْلَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ صَحَّحَهُ فِي الْمَبْسُوطِ إلَخْ) أَقُولُ يُوهِمُ أَنَّهُ صَحَّحَ الْقَوْلَ بِالِانْفِرَادِ مَعَ أَنَّك عَلِمْت أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ وَأَنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَصْحِيحٌ لِلْقَوْلِ بِالِانْفِرَادِ وَلَا لِعَدَمِهِ، نَعَمْ مَا صَحَّحَهُ أَبُو اللَّيْثِ يَتَضَمَّنُ تَصْحِيحَ الِانْفِرَادِ لَوْ بِعَقْدَيْنِ لِأَنَّهُ ادَّعَى فِيهِ الْإِجْمَاعَ فَتَنَبَّهْ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا فِي الْمَبْسُوطِ مُتَضَمِّنٌ أَيْضًا لِتَصْحِيحِ عَدَمَ الِانْفِرَادِ فَإِنَّهُ لَمَّا صَحَّحَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْفَصْلَيْنِ أَثْبَتَ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ عَدَمُ الِانْفِرَادِ فِيهِمَا؛ وَالْعَمَلُ فِي الْغَالِبِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُتُونِ وَصَرِيحُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ) لِأَنَّ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَثَبَتَ لَهُمْ مَعًا بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ الْمُتَعَاقِبَةِ، فَإِذَنْ ثَبَتَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمَا زَيْلَعِيٌّ أَيْ فِي صُورَتَيْ الْإِيصَاءِ لَهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ إفْرَادِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ مِنْ بَلْدَتَيْنِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ اتِّفَاقِيٌّ نَظَرًا إلَى الْغَالِبِ، حَتَّى لَوْ وَلَّى السُّلْطَانُ قَاضِيَيْنِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ وَجَعَلَ لَهُمَا نَصْبَ الْأَوْصِيَاءِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَفَادَهُ ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>