وَلَوْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ عَزْلَ مَنْصُوبِ الْقَاضِي الْآخَرَ جَازَ إنْ رَأَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ وَإِلَّا لَا، وَتَمَامُهُ فِي وَكَالَةِ تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ مَعْزِيًّا لِلْمُلْتَقَطَاتِ وَغَيْرِهَا فَلْيُحْفَظْ.
وَفِي وَصَايَا السَّرْجِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا فَنَصَّبَ لَهُ وَصِيًّا ثُمَّ حَضَرَ الْوَصِيُّ فَأَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْوَصِيَّةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَنَصَّبَ الْقَاضِي الْآخَرَ لَا يَخْرُجُ الْأَوَّلُ (إلَّا بِشِرَاءِ كَفَنِهِ وَتَجْهِيزِهِ وَالْخُصُومَةُ فِي حُقُوقِهِ وَشِرَاءِ حَاجَةِ الطِّفْلِ وَالِاتِّهَابِ لَهُ وَإِعْتَاقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَرَدِّ وَدِيعَةٍ وَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ مُعَيَّنَتَيْنِ)
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ إلَخْ) الَّذِي ذَكَرَهُ فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ مَعْزِيًّا لِلْمُلْتَقَطَاتِ هُوَ مَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ. وَفِي قَوْلِهِ فَكَذَا نَائِبُهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ الْقَاضِي حَتَّى تَلْحَقَهُ الْعُهْدَةُ، بِخِلَافِ أَمِينِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فَلَا تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي نَائِبٌ عَنْهُ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَاضِي مَحْجُورًا عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَنْ التَّصَرُّفِ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّهِ وَلَوْ مَنْصُوبَهُ بِخِلَافِهِ مَعَ أَمِينِهِ، وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَمْلِكَ الْقَاضِي شِرَاءَ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ وَصِيٍّ نَصَّبَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ أَمِينَهُ، وَالْحُكْمُ بِخِلَافِهِ كَمَا فِي غَالِبِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ اهـ
(قَوْلُهُ وَنَصَّبَ الْقَاضِي الْآخَرَ لَا يُخْرِجُ الْأَوَّلَ) وَالْوَصِيُّ هُوَ الْأَوَّلُ دُونَ وَصِيِّ الْقَاضِي لِأَنَّهُ اتَّصَلَ بِهِ اخْتِيَارُ الْمَيِّتِ كَمَا إذَا كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا اهـ كَذَا فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ عَلَى الْأَشْبَاهِ عَنْ الْمُحِيطِ.
أَقُولُ: بَقِيَ أَنَّ تَصَرُّفَ الثَّانِي بِغَيْبَةِ الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ نَافِذٌ؟ وَالظَّاهِرُ نَفَاذُهُ لَوْ الْغَيْبَةُ مُنْقَطِعَةً. وَفِي الْأَشْبَاهِ: وَلَا يُنَصِّبُ الْقَاضِي وَصِيًّا مَعَ وُجُودِهِ: أَيْ وَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا إذَا غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً أَوْ أَقَرَّ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ اهـ وَالْغَيْبَةُ، الْمُنْقَطِعَةُ، أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ لَا تَصِلُ إلَيْهِ الْقَوَافِلُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: ادَّعَى رَجُلٌ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَالْوَصِيُّ غَائِبٌ يُنَصِّبُ الْقَاضِي خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ يُنَصِّبُ الْقَاضِي خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ لِيَصِلَ الْمُدَّعِي إلَى حَقِّهِ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَصِيِّ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَمْلِكُ الْمُدَّعِي أَنْ يُخَاصِمَ الْوَصِيَّ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ إلَّا بِشِرَاءِ كَفَنِهِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسَائِلُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بُطْلَانِ انْفِرَادِ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ وَتَجْهِيزِهِ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَكَفَاهُ عَمَّا قَبْلَهُ قَالَ فِي التَّبْيِينِ لِأَنَّ فِي التَّأْخِيرِ فَسَادَ الْمَيِّتِ وَلِهَذَا يَمْلِكُهُ الْجِيرَانُ أَيْضًا فِي الْحَضَرِ وَالرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ اهـ ط (قَوْلُهُ وَالْخُصُومَةِ) وَجْهُ الِانْفِرَادِ فِيهَا أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ عَلَيْهَا عَادَةً، وَلَوْ اجْتَمَعَا لَمْ يَتَكَلَّمْ إلَّا أَحَدُهُمَا غَالِبًا دُرَرٌ (قَوْلُهُ وَشِرَاءِ حَاجَةِ الطِّفْلِ) أَيْ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ إتْقَانِيٌّ لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِهِ لُحُوقَ ضَرَرٍ بِهِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَالِاتِّهَابِ لَهُ) أَيْ قَبُولِ الْهِبَةِ لِلطِّفْلِ لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِهِ خَشْيَةَ الْفَوَاتِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْوَلَايَةِ وَلِهَذَا تَمْلِكُهُ الْأُمُّ وَمَنْ هُوَ فِي عِيَالِهِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِعْتَاقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ) لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ، بِخِلَافِ إعْتَاقِ مَا لَيْسَ بِمُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَقَدْ أَطْلَقَ قَاضِي خَانْ الْعَبْدَ وَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَفَادَهُ ط.
أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ مَجَّانًا، فَلَوْ بِمَالٍ احْتَاجَ إلَى الرَّأْيِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاجْتِمَاعِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَرَدِّ وَدِيعَةٍ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ بِقَبْضِ وَدِيعَةِ الْمَيِّتِ سَائِحَانِيٌّ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ وَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ) أَيْ بِعَيْنٍ أَوْ بِأَلْفٍ مُرْسَلَةٍ ابْنُ الشِّحْنَةِ؛ فَلَوْ احْتَاجَ إلَى بَيْعِ شَيْءٍ لِيُؤَدِّيَ مِنْ ثَمَنِهِ الْوَصِيَّةَ فَلَا إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ إتْقَانِيٌّ، وَقَوْلُهُ مُعَيَّنَتَيْنِ نَعْتٌ لِوَدِيعَةٍ وَوَصِيَّةٍ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَخْذَهُ بِلَا دَفْعِ الْوَصِيِّ اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: أَوْصَى بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِحِنْطَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ فَفَعَلَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، إنْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ فِي مِلْكِ الْمُوصِي جَازَ دَفْعُهُ، وَإِلَّا فَإِنْ اشْتَرَاهَا فَالْحِنْطَةُ لِلْمُشْتَرِي وَالصَّدَقَةُ عَنْ نَفْسِهِ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَعَلَى الْخِلَافِ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِكَذَا مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْفُقَرَاءَ فَلَيْسَ لَهُ الِانْفِرَادُ،