فَلَا إضْرَارَ عَلَى الْوَرَثَةِ وَفِي حَيَاتِهِ لَا مِلْكَ لَهُمْ، لَكِنْ فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّهَا مِنْ الثُّلُثِ فَلَعَلَّهُ رِوَايَتَانِ.
بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ أَوْ ضَيْعَتَهُ وَالْمُشْتَرِي مُفْلِسٌ يُؤَجَّلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ نَقَدَ وَإِلَّا فُسِخَ، فَإِنْ أَنْكَرَ الشِّرَاءَ وَقَدْ قَبَضَ يَرْفَعُ الْوَصِيُّ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ فَيَقُولُ إنْ كَانَ بَيْنَكُمَا بَيْعٌ فَقَدْ فَسَخْته قَبْلَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ أَرَادَ عَزْلَ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ.
ــ
[رد المحتار]
فِي الْوَصِيَّةِ بِالسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ لَا تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ مَعَ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَفِيهِ إيهَامٌ أَنَّ بُطْلَانَ الْإِجَارَةِ سَبَبٌ لِاعْتِبَارِ الْوَصِيَّةِ مِنْ الْكُلِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَا إضْرَارَ عَلَى الْوَرَثَةِ) أَيْ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا بَطَلَتْ صَارَتْ الْمَنَافِعُ مِلْكَهُمْ (قَوْلُهُ وَفِي حَيَاتِهِ لَا مِلْكَ لَهُمْ) أَيْ فَمَا اسْتَوْفَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ الْمَوْتِ لَا إضْرَارَ عَلَيْهِمْ فِيهِ أَيْضًا، وَبِهِ سَقَطَ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَجَرَ مَا أُجْرَتُهُ مِائَةٌ مَثَلًا بِأَرْبَعِينَ وَطَالَ مَرَضُهُ حَتَّى اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَإِنَّهُ إنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَانَ إضْرَارًا بِالْوَرَثَةِ. اهـ فَافْهَمْ.
وَفِي شَرْحِ الْبِيرِيِّ عَنْ مُزَارَعَةِ الْمُحِيطِ: حَقُّ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِمَا يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ وَهُوَ الْأَعْيَانُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِمَا لَا يَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ كَالْمَنَافِعِ وَمَا لَيْسَ بِمَالٍ، لِأَنَّ الْإِرْثَ يَجْرِي فِيمَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ لِيَنْتَقِلَ بِالْمَوْتِ إلَيْهِمْ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ وَالْمَنَافِعُ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ اهـ.
وَاعْتَرَضَ الْبِيرِيُّ هَذَا الْحَصْرَ بِأَنَّهُ فِي حَيِّزِ الْمَنَافِعِ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْقِصَاصِ بِالنَّفْسِ لَيْسَ بِمَالٍ، وَلِهَذَا صَحَّ عَفْوُ الْمَرِيضِ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ اهـ وَأَقَرَّهُ أَبُو السُّعُودِ، أَقُولُ: وَهَذَا عَجِيبٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُؤَيِّدٌ لِلْحَصْرِ لَا مَانِعَ لَهُ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّهَا مِنْ الثُّلُثِ) وَمِثْلُهُ فِي النُّتَفِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ الْوَهْبَانِيَّةِ الْجَزْمَ بِالْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ أَوْ ضَيْعَتَهُ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (قَوْلُهُ يُؤَجِّلُ) أَيْ يُؤَجِّلُهُ الْحَاكِمُ كَمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ، وَانْظُرْ هَلْ يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ إذَا خَشِيَ الْهَرَبَ أَوْ يَفْسَخَ حَالًا إذَا لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَرَّرَهُ نَقْلًا (قَوْلُهُ وَقَدْ قَبَضَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ فَسْخُ الْعَقْدِ ط (قَوْلُهُ فَيَقُولُ) أَيْ الْحَاكِمُ بَعْدَ أَنْ حَلَّفَهُ فَحَلَفَ. قَالَ نَجْمُ الدِّينِ الْخَاصِّيُّ: وَيَجُوزُ مِثْلُ هَذَا الْفَسْخِ وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا بِالْمُخَاطَرَةِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ بَعْدَ إنْكَارِ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ يَكُونُ فَسْخًا فِي حُكْمِ الْإِقَالَةِ فَيَلْزَمُ الْوَصِيَّ كَمَا لَوْ تَقَايَلَا حَقِيقَةً، أَمَّا إذَا فَسَخَهُ الْحَاكِمُ لَا يَلْزَمُ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ بَلْ يَرْجِعُ إلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لِكَمَالِ وَلَايَةِ الْقَاضِي وَشُمُولِهَا، وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ. [تَنْبِيهٌ]
لَوْ اسْتَبَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ الْأَمْلَأَ بِالْأَلْفِ وَالْأَفْلَسَ بِالْأَلْفِ وَالْخَمْسِمِائَةِ يَبِيعُهُ الْوَصِيُّ مِنْ الْأَمْلَإِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى زِيَادَةِ الْأَفْلَسِ حَذَرًا مِنْ التَّلَفِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ) ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَنْصُوبِ الْقَاضِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهَا فِي أَوَّلِ بَابِ الْوَصِيِّ. وَأَمَّا وَصِيُّ الْمَيِّتِ، فَقَدْ مَرَّ فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَدُّهُ بَعْدَ قَبُولِهِ بِغَيْبَةِ الْمَيِّتِ لِئَلَّا يَصِيرَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ،
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْإِيضَاحِ، أَرَادَ عَزْلَ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْقِيَامَ فَلَا يَمْلِكُ إخْرَاجَهُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُوصِي أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ مَنْ لَهُ وَلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَإِذَا حَضَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيَنْظُرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute