وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَقَوَدٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ: أَيْ إيمَاءُ الْأَخْرَسِ فِيمَا يُذْكَرُ مُعْتَبَرٌ، وَمِثْلُهُ مُعْتَقَلُ اللِّسَانِ إنْ عُلِمَتْ إشَارَتُهُ وَامْتَدَّتْ عُقْلَتُهُ إلَى مَوْتِهِ بِهِ يُفْتَى. قُلْت: وَمَرَّ فِي الْوَصَايَا وَذَكَرَهُ هُنَا الْأَكْمَلُ وَابْنُ الْكَمَالِ وَالزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ. ثُمَّ مُفَادُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْإِشَارَةِ أَوْ طَلَّقَ مَثَلًا تَوَقَّفَ فَإِنْ مَاتَ عَلَى عُقْلَتِهِ نَفَذَ مُسْتَنِدًا وَإِلَّا لَا وَعَلَيْهِ، فَلَوْ تَزَوَّجَ بِالْإِشَارَةِ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِعَدَمِ نَفَاذِهِ، لَكِنَّهُ إذَا مَاتَ بِحَالِهِ كَانَ لَهَا الْمَهْرُ مِنْ تَرِكَتِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُهُ فِي الزَّوَاهِرِ عِنْدَ ذِكْرِ الْأَشْبَاهِ الْأَحْكَامَ الْأَرْبَعَةَ أَنَّ قَوْلَهُمْ وَالضَّابِطُ لِلْمُقْتَصِرِ وَالْمُسْتَنَدُ أَنَّ مَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ يَقَعُ مُقْتَصَرًا وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ يَقَعُ مُسْتَنَدًا كَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ يُخَالِفُ ذَلِكَ إذْ مُقْتَضَاهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ مُقْتَصِرٌ فَتَنَبَّهْ (لَا) تَكُونُ إشَارَتُهُ وَكِتَابَتُهُ كَالْبَيَانِ (فِي حَدٍّ)
ــ
[رد المحتار]
بِمَا فِيهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ أَيْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ عِلْمٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مُعْتَقَلُ إلَخْ) الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ لَا مُعْتَقَلُ اللِّسَانِ، إلَّا إنْ عُلِمَتْ إشَارَتُهُ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ، وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ التُّمُرْتَاشِيِّ تَقْدِيرُهُ بِسَنَةٍ، قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَاسْتَثْنَى الْعِمَادِيُّ الْمَرِيضَ إذَا طَالَ عَلَيْهِ الِاعْتِقَالُ فَإِنَّهُ كَالْأَخْرَسِ كَمَا أَفَادَهُ الْبُرْجَنْدِيُّ مَعْزِيًّا لِلْعِمَادِيَّةِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْهَا، فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِيمَنْ يُرْجَى مِنْهُ الْكَلَامُ فَافْهَمْ الْمَرَامَ اهـ وَعِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ: فَلَوْ أَصَابَهُ فَالِجٌ فَذَهَبَ لِسَانُهُ أَوْ مَرِضَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَلَامِ بِضَعْفِهِ إلَّا أَنَّهُ عَاقِلٌ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ إلَى وَصِيَّةٍ فَقَدْ صَحَّ وَصِيَّتُهُ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا إنَّهَا لَمْ تَصِحَّ كَمَا فِي الْعِمَادِيِّ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَّقَ مَثَلًا) أَيْ كَمَا إذَا أَعْتَقَ ط.
(قَوْلُهُ نَفَذَ مُسْتَنِدًا) فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ إنْ مَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ وَقْتِ الْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمَعْتُوقِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ط (قَوْلُهُ لِعَدَمِ نَفَاذِهِ) لِأَنَّ نَفَاذَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَوْتِهِ عَلَى عُقْلَتِهِ، لَا عَلَى إجَازَتِهِ، حَتَّى يُقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طَلَبُهُ الْوَطْءِ دَلِيلًا عَلَى إرَادَةِ النِّكَاحِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُهُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: نَفَذَ مُسْتَنِدًا حَتَّى فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ (قَوْلُهُ الْأَحْكَامَ الْأَرْبَعَةَ) الَّتِي هِيَ الِاقْتِصَارُ كَمَا فِي إنْشَاءِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالِانْقِلَابِ، كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ بِالشَّرْطِ، فَعِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَنْقَلِبُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ عِلَّةً وَالِاسْتِنَادُ كَالْمَضْمُونَاتِ تُمْلَكُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدَةً إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ وَالتَّبَيُّنِ، مِثْلُ أَنْ كَانَ زَيْدٌ الْيَوْمَ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَتَبَيَّنَ فِي الْغَدِ وُجُودُهُ فِيهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْيَوْمِ، وَتَعْتَدُّ مِنْهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاسْتِنَادِ أَنَّهُ فِي التَّبْيِينِ يُمْكِنُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ الْعِبَادُ وَفِي الِاسْتِنَادِ لَا يُمْكِنُ اهـ مِنْ الْأَشْبَاهِ مُلَخَّصًا، وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ) مَفْعُولُ ذَكَرَ، وَقَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ إلَخْ مَقُولُ الْقَوْلِ، وَجُمْلَةُ يُخَالِفُ خَبَرُ إنَّ (قَوْلُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ يُخَالِفُ الْقَوْلَ بِالِاسْتِنَادِ فِي نَحْوِ: طَلَاقُ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ وَعَتَاقِهِ ط. أَقُولُ: وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالتَّعْلِيقُ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافًا إلَيْهِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ اللُّزُومُ، فَإِنَّ التَّعْلِيقَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ، وَالْمُضَافُ إلَيْهِ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِزَوْجَةِ إنْسَانٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ، فَإِنْ أَجَازَهُ لَزِمَ التَّعْلِيقُ، فَتَطْلُقُ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ لَا قَبْلَهَا، وَكَذَا الطَّلَاقُ الْمُنْجَزُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ، فَإِذَا أَجَازَهُ وَقَعَ مُقْتَصِرًا عَلَى وَقْتِ الْإِجَازَةِ، وَلَا يَسْتَنِدُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ فَإِنَّهُ بِالْإِجَازَةِ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْبَيْعِ، حَتَّى مَلَكَ الْمُشْتَرِي الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ وَالضَّابِطُ فِيهِ أَنَّ مَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَنِدُ اهـ فَأَنْتَ تَرَاهُ لَمْ يَجْعَلْ الضَّابِطَ لِكُلِّ مُقْتَصِرٍ وَمُسْتَنِدٍ بَلْ لِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنْهُ، وَهُوَ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَقَعَ نَحْوُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إلَّا مُقْتَصَرًا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا لِمَا مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ إذْ لَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فِي حَدٍّ) تَنَاوَلَ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْحَدِّ أَيْ لَا يُحَدُّ الْأَخْرَسُ إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute