للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ ظَهَرَ خَطَؤُهُ (إذَا قَالَ الشُّهُودُ قَضَيْت وَأَنْكَرَ الْقَاضِي فَالْقَوْلُ لَهُ) بِهِ يُفْتَى قَالَهُ ابْنُ الْغَرْسِ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ زَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ زَادَ فِي الْبَحْرِ (مَا لَمْ يُنَفِّذْهُ قَاضٍ آخَرُ) فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ لِوُجُودِ قَضَاءِ الثَّانِي بِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ قَيْدٌ حَسَنٌ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْبَحْرِ.

(شُرِطَ نَفَاذُ الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهِدَاتِ) مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ (أَنْ يَصِيرَ الْحُكْمُ فِي حَادِثَةٍ) بِأَنْ يَتَقَدَّمَهُ دَعْوَى صَحِيحَةٌ مِنْ خَصْمٍ عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ مُنَازِعٍ شَرْعِيٍّ، فَلَوْ بَرْهَنَ بِحَقٍّ عَلَى آخَرَ عِنْدَ قَاضٍ فَقَضَى بِهِ بِبُرْهَانِهِ بِدُونِ مُنَازَعَةٍ، وَمُخَاصَمَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَتَدَاعٍ بَيْنَهُمَا لَمْ يَنْفُذْ قَضَاؤُهُ لِفَقْدِ شَرْطِهِ، وَهُوَ التَّدَاعِي بِخُصُومَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَكَانَ إفْتَاءً فَيَحْكُمُ بِمَذْهَبِهِ لَا غَيْرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْقَضَاءِ وَأَفَادَهُ وَبِقَوْلِهِ (فَلَوْ رَفَعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْحَنَفِيِّ (قَضَاءُ مَالِكِيٍّ بِلَا دَعْوَى لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ وَعَمِلَ الْحَنَفِيُّ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ) لِعَدَمِ تَقَدُّمِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ لِخُرُوجِ قَضَاءِ الْمَالِكِيِّ مَخْرَجَ الْفَتْوَى، لِعَدَمِ تَقَدُّمِ الْخُصُومَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي هِيَ شَرْطُ انْعِقَادِ الْقَضَاءِ فِي حَقِّ الْعِبَادِ.

(إذَا ارْتَابَ) الْقَاضِي (فِي حُكْمِ) الْقَاضِي (الْأَوَّلِ لَهُ طَلَبُ شُهُودِ الْأَصْلِ) مَرَّ فِي الْقَضَاءِ قَيَّدَ بِارْتِيَابِهِ فِي حُكْمِ الْأَوَّلِ فَأَفَادَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْتَبْ فِيهِ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ قَالَ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ قَالُوا فِي قَضَاءِ الْعَدْلِ الْعَالِمِ لَا يُنْقَضُ، وَيُحْمَلُ عَلَى السَّدَادِ بِخِلَافِ قَضَاءِ غَيْرِهِ يَعْنِي إذَا تَبَيَّنَ وَجْهُ فَسَادِهِ بِطَرِيقِهِ فَلِلثَّانِي نَقْضُهُ.

ــ

[رد المحتار]

بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ لَا شَهَادَةَ فِيهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ ظَهَرَ خَطَؤُهُ) أَيْ بِيَقِينٍ كَمَا لَوْ قَضَى بِالْقِصَاصِ مَثَلًا فَجَاءَ الْمَقْتُولُ حَيًّا أَوْ كَانَ مُجْتَهِدًا فَرَأَى النَّصَّ بِخِلَافِهِ، كَمَا لَوْ تَحَوَّلَ اجْتِهَادُهُ وَأَفَادَ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْمُحِيطِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا لَمْ يَنْقَضِ مَا قَضَى فِيهِ بِاجْتِهَادِهِ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِخِلَافَةِ لِأَنَّهُ كَانَ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ فَصَحَّ، وَصَارَ شَرِيعَةً لَهُ فَإِذَا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِخِلَافِهِ صَارَ نَاسِخًا لِتِلْكَ الشَّرِيعَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ نَصٌّ بِخِلَافِهِ، لِأَنَّ النَّصَّ كَانَ مَوْجُودًا مُنَزَّلًا إلَّا أَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِ فَكَانَ الِاجْتِهَادُ فِي مَحَلِّ النَّصِّ فَلَا يَصِحُّ وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَفِي أَشْبَاهِ السُّيُوطِيّ عَنْ السُّبْكِيّ: أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي يُنْقَضُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إذَا كَانَ حُكْمًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَمَا خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَهُوَ حُكْمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَأَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِ شَارِحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي) أَمَّا لَوْ اعْتَرَفَ فَيَثْبُتُ حَيْثُ كَانَ مُوَلًّى لَا لَوْ مَعْزُولًا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُثْبِتُوا حُكْمَ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ الْأَصْلِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ، وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ أَرَادُوا إثْبَاتَ قَضَاءِ قَاضٍ آخَرَ اهـ بَحْرٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَرَجَّحَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ لِمَا عُلِمَ مِنْ أَحْوَالِ قُضَاةِ زَمَانِنَا اهـ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ قَضَاءِ الثَّانِي بِهِ) فَإِنَّهُ لَا يُنَفِّذُهُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهِ عِنْدَهُ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّعْوَى أَيْضًا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا بُدَّ فِي إمْضَاءِ الثَّانِي لِحُكْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الدَّعْوَى أَيْضًا وَلَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُ شُهُودِ الْأَصْلِ اهـ فَلَوْ قَبْلَ قَوْلِ الْأَوَّلِ لَزِمَ إبْطَالُ الْقَضَاءِ الثَّانِي بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ، وَالْإِمْضَاءِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الْقَاضِي الثَّانِي فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الْحَادِثَةَ لَا تُشْتَرَطُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْحُدُودِ، وَعِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ ط (قَوْلُهُ مُنَازَعٍ شَرْعِيٍّ) كَأَصِيلٍ أَوْ وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُتَوَلٍّ، أَوْ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ، وَالْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ نِزَاعَهُمَا لَا يُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ فَقَضَى بِهِ بِبُرْهَانِهِ) الْبَاءُ الْأُولَى لِلتَّعْدِيَةِ وَالثَّانِيَةُ لِلسَّبَبِيَّةِ ط (قَوْلُهُ بِدُونِ مُنَازَعَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ، وَالْمُرَادُ بِدُونِ حُضُورِ مُنَازِعٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَيَحْكُمُ بِمَذْهَبِهِ) يَعْنِي لَوْ رَفَعَ هَذَا الْحُكْمَ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَحْكُمُ بِمَذْهَبِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُلْزَمًا لِفَقْدِ شَرْطِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ إفْتَاءٌ أَيْ بَيَانُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ أَيْ إلَى الْحَنَفِيِّ) أَيْ مَثَلًا فَإِنَّ غَيْرَهُ إنْ كَانَ يَشْتَرِطُ مَا ذُكِرَ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ إذَا ارْتَابَ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ صَاحِبِ الْبَحْرِ، وَقَالَ لَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) أَقُولُ: عَلَى هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>