(إذَا تَرَتَّبَ بَيْعُ التَّعَاطِي عَلَى بَيْعٍ بَاطِلٍ أَوْ فَاسِدٍ لَا يَنْعَقِدُ) مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْبَحْرِ
(خَبَّأَ قَوْمًا ثُمَّ سَأَلَ رَجُلًا عَنْ شَيْءٍ فَأَقَرَّ بِهِ وَهُمْ يَرَوْنَهُ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهُ وَهُوَ لَا يَرَاهُمْ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ) بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ (وَإِنْ سَمِعُوا كَلَامَهُ وَلَمْ يَرَوْهُ لَا تَجُوزُ) شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّغْمَةَ تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ فَتَقَعُ الشُّبْهَةُ إلَّا إذَا عَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ بِأَنْ دَخَلُوا الْبَيْتَ ثُمَّ خَرَجُوا وَجَلَسُوا عَلَى بَابِهِ وَلَا مَسْلَكَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ فَسَمِعُوا إقْرَارَهُ وَلَمْ يَرَوْهُ وَقْتَهُ.
(بَاعَ عَقَارًا) أَوْ حَيَوَانًا أَوْ ثَوْبًا (وَابْنُهُ أَوْ امْرَأَتُهُ) أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ أَقَارِبِهِ
ــ
[رد المحتار]
لَا فَرْقَ بَيْنَ قَضَاءِ الْعَدْلِ الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ قِيلَ يَعْنِي لَا يَتَعَرَّضُ لِنَقْضِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ: أَيْ لَا يَسْأَلُ عَنْ الْأَحْوَالِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّقْضِ، فَلَا يُقَالُ هَلْ قَضَى بِالرِّشْوَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِمْ: وَيُحْمَلُ عَلَى السَّدَادِ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَدْلِ الْعَالِمِ فَيَسْأَلُ عَنْ حَالِهِ
(قَوْلُهُ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ إلَخْ) وَمَرَّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ مُتَارَكَةِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ خَاصًّا بِالْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي، بَلْ الْبَيْعِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَذَلِكَ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: شَرَى ثَوْبًا شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ لَقِيَهُ غَدًا فَقَالَ: قَدْ بِعْتنِي ثَوْبَك هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: بَلَى فَقَالَ قَدْ أَخَذْته فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَذَا عَلَى مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنْ كَانَا تَتَارَكَا الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَهُوَ جَائِزٌ الْيَوْمَ اهـ. أَقُولُ: وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ قَطِيعِ غَنْمٍ كُلِّ شَاةٍ بِكَذَا إنَّهُ فَاسِدٌ، وَإِنْ عَلِمَ بِعَدَدِ الْغَنَمِ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ رَضِيَا انْعَقَدَ بِالتَّعَاطِي وَنَظِيرُهُ الْبَيْعُ بِالرَّقْمِ سِرَاجٌ اهـ وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْفَتْحِ وَغَيْرِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ) أَيْ وَحْدَهُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ لَا إذَا عَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ دَخَلَ مَعَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِحُصُولِ الشُّبْهَةِ بِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُقِرَّ هُوَ مُدَّعِي الْحَقِّ، وَأَنَّهُ جَعَلَ نَغْمَتَهُ كَنَغْمَةِ الْآخَرِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ بَاعَ عَقَارًا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ وَسَلَّمَ وَقَيَّدَ بِالْبَيْعِ إذْ لَوْ أَجَّرَ أَوْ رَهَنَ، أَوْ أَعَارَ ثُمَّ ادَّعَى الْحَاضِرُ تُسْمَعُ إذْ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ ذَلِكَ الْخُرُوجُ عَنْ الْمِلْكِ، وَقَدْ يَرْضَى الشَّخْصُ بِالِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ، وَلَا يَرْضَى بِالْخُرُوجِ عَنْ مِلْكِهِ، وَلِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ رَمْلِيٌّ. أَقُولُ: وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْوَقْفُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الشَّلَبِيُّ، وَوَاقَفَهُ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَالِمًا مِنْ أَعْيَانِ الْحَنَفِيَّةِ فِي عَصْرِهِ كَتَبَ أَسْمَاءَهُمْ وَخُطُوطَهُمْ بِمُوَافَقَتِهِ فِي آخِرِ كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَةِ فَرَاجِعْهَا.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْبَيْعِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَرِيبِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ، فَلَا لِمَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى أَوَّلَ كِتَابِ الدَّعْوَى عَنْ الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ تَصَرَّفَ فِي أَرْضٍ زَمَانًا وَرَجُلٌ آخَرُ يَرَى تَصَرُّفَهُ فِيهَا، ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَرِّفُ وَلَمْ يَدَّعِ الرَّجُلُ حَالَ حَيَاتِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ اهـ، وَفِي الْحَامِدِيَّةِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ تَصَرَّفَ زَمَانًا فِي أَرْضٍ وَرَجُلٌ آخَرُ يَرَى الْأَرْضَ وَالتَّصَرُّفَ، وَلَمْ يَدَّعِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى وَلَدِهِ فَتُتْرَكُ عَلَى يَدِ الْمُتَصَرِّفِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَوْتَ غَيْرُ قَيْدٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يُقَيِّدُوا بِهِ هُنَا وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مُجَرَّدَ السُّكُوتِ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ مَانِعٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ بَيْعٌ، وَأَمَّا السُّكُوتُ عِنْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَمْنَعُ إلَّا دَعْوَى الْقَرِيبِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ نَقَلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْغَرْسِ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ إذَا تَرَكَ الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَلَمْ يَكُنْ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى، ثُمَّ ادَّعَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى مَعَ التَّمَكُّنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى: لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَيْسَ لَهُمَا وَلِيٌّ، أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمِيرًا جَائِزًا يُخَافُ مِنْهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute