(حَاضِرٌ يَعْلَمُ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى الِابْنُ) مَثَلًا (أَنَّهُ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى وَجُعِلَ سُكُوتُهُ كَالْإِفْصَاحِ قَطْعًا لِلتَّزْوِيرِ وَالْحِيَلِ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ الدَّرْكَ أَوْ تَقَاضَى الثَّمَنَ وَقَالُوا فِيمَنْ زَوَّجُوهُ بِلَا جِهَازٍ إنَّ سُكُوتَهُ عَنْ طَلَبِ الْجِهَازِ عِنْدَ الزِّفَافِ رِضًا فَلَا يَمْلِكُ طَلَبَ الْجِهَازِ بَعْدَ سُكُوتِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْمَهْرِ (بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) فَإِنَّ سُكُوتَهُ وَ (لَوْ جَارًا) لَا يَكُونُ رِضَا (إلَّا إذَا) سَكَتَ الْجَارُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَ (تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ زَرْعًا وَبِنَاءً) فَحِينَئِذٍ (لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْفُضُولِيُّ مِلْكَ رَجُلٍ وَالْمَالِكُ سَاكِتٌ
ــ
[رد المحتار]
اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ سَمَاعِهَا بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَعَمُّ مَعَ كَوْنِهِ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ أَوْ بِدُونِهِ، لِأَنَّ عَدَمَ سَمَاعِهَا مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ لَمْ يُقَيِّدُوهُ هُنَا بِمُدَّةٍ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامِهِمْ تَأَمَّلْ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ سَمَاعِهَا لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى بُطْلَانِ الْحَقِّ، حَتَّى يَرِدَ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ مَهْجُورٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْحَقِّ، وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ مِنْ الْقَضَاءِ عَنْ سَمَاعِهَا خَوْفًا مِنْ التَّزْوِيرِ وَلِدَلَالَةِ الْحَالِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالُوا إنَّ الْحَقَّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّقَادُمِ كَمَا فِي قَضَاءِ الْأَشْبَاهِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِلْآخِرَةِ وَلِذَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً إذَا نَهَى السُّلْطَانُ عَنْ سَمَاعِهَا كَمَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ بَابِ التَّحْكِيمِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفْرَدَ (قَوْلُهُ حَاضِرٌ) الْمُرَادُ مِنْ الْحُضُورِ الِاطِّلَاعُ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ غَيْرُهَا مِنْ الْأَقَارِبِ (قَوْلُهُ إنَّهُ مِلْكُهُ) أَيْ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ مُشَاعًا أَوْ مُعَيَّنًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي الثَّمَنِ أَيْضًا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ حُضُورَهُ، وَتَرْكَهُ فِيمَا يَصْنَعُ إقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ وَأَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ إلَخْ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ إلَخْ) أَيْ أَطْلَقَهُ عَمَّا قَيَّدَهُ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ نَقْلًا عَنْ الْفَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ زَمَانًا قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ فِي الْكَنْزِ وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ نُقَيِّدْهُ بِهِ وَلِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْجَارِ مَعَ أَنَّ الْجَارَ يُخَالِفُهُ اهـ وَحَكَى فِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالًا أُخَرَ فَرَاجِعْهَا (قَوْلُهُ وَجُعِلَ سُكُوتُهُ كَالْإِفْصَاحِ) أَيْ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ، وَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ: إذَا ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ يُصَدَّقُ.
وَقَالَ فِي نَهْجِ النَّجَاةِ أَقُولُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعِي مَعْزُورًا، وَإِلَّا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَقَدْ قَالُوا يُعْذَرُ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي بِالتَّنَاقُضِ لِلْجَهْلِ فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ اهـ وَقَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ: اشْتَرَى دَارًا لِطِفْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَكَبِرَ الِابْنُ وَلَمْ يَعْلَمْ، ثُمَّ بَاعَهَا الْأَبُ وَسَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا الِابْنُ مِنْهُ ثُمَّ عَلِمَ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ، فَادَّعَى الدَّارَ تُقْبَلُ وَلَا يَصِيرُ مُتَنَاقِضًا بِالِاسْتِئْجَارِ لِأَنَّ فِيهِ خَفَاءً لِأَنَّ الْأَبَ يَسْتَبِدُّ بِالشِّرَاءِ لِلصَّغِيرِ وَعَسَى لَا يَعْلَمُ بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ الدَّرَكَ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ الْأَجْنَبِيِّ لِئَلَّا يُوهَمَ اخْتِصَاصُهُ بِالْقَرِيبِ وَأَوْضَحَ الْمَسْأَلَةُ الزَّيْلَعِيُّ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَمْلِكُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ الطَّلَبَ وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: أَقُولُ: الَّذِي ظَهَرَ لِي فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْأَطْمَاعَ الْفَاسِدَةَ فِي الْقَرِيبِ أَغْلَبُ، فَمَظِنَّةُ التَّلْبِيسِ فِيهِ أَرْجَحُ، وَلِذَلِكَ غَلَبَ فِي الْأَقْرِبَاءِ مَخْصُوصًا فِي دَعْوَى الْإِرْثِ لِسُهُولَةِ إثْبَاتِهِ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ طَمَعَهُ فِي مَالِ مَنْ هُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ نَادِرٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ يُرَجِّحُ جِهَةَ التَّزْوِيرِ: وَهِيَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي زَمَانًا (قَوْلُهُ إلَّا إذَا سَكَتَ الْجَارُ) وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَجَانِبِ بِالْأَوْلَى فَتَخْصِيصُ الْجَارِ بِالذِّكْرِ، لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْقَرِيبِ وَالزَّوْجَةِ.
(قَوْلُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ) أَيْ وَقْتَ عِلْمِهِ بِهِمَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّمْلِيِّ السَّابِقُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ قَيْدٍ، بَلْ مُجَرَّدُ السُّكُوتِ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ زَرْعًا وَبِنَاءً) الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يُطْلَقُ إلَّا لِلْمَالِكِ فَهُمَا مِنْ قَبِيلِ التَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) أَيْ دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْفُضُولِيُّ إلَخْ) ذَكَرَهَا لِأَدْنَى مُنَاسَبَةٍ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا ادَّعَى السَّاكِتُ الْمِلْكَ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute