للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ.

(قَالَ هَذِهِ رَضِيعَتِي ثُمَّ اعْتَرَفَ) بِالْخَطَإِ (وَصَدَّقَتْهُ) فِي خَطَئِهِ (فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ) أَفَادَ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَوْلِ كَقَوْلِهِ (هُوَ حَقٌّ أَوْ صِدْقٌ أَوْ كَمَا قُلْت أَوْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ شُهُودًا أَوْ مَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ) مِنْ الثَّبَاتِ اللَّفْظِيِّ الدَّالِّ عَلَى الثَّبَاتِ النَّفْسِيِّ وَهَلْ يَكُونُ تَكْرَارُ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ ثَبَاتًا خِلَافٌ مَبْسُوطٌ فِي الْمَبْسُوطِ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ التَّكْرَارَ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِقْرَارُ (وَلَوْ أَخَذَ) رَجُلٌ (غَرِيمَهُ فَنَزَعَهُ إنْسَانٌ مِنْ يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ (وَكَذَا إذَا دَلَّ السَّارِقُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ أَوْ أَمْسَكَ هَارِبًا مِنْ عَدُوِّهِ حَتَّى قَتَلَهُ) عَدُوُّهُ لِمَا قُلْنَا (فِي يَدِهِ مَالُ إنْسَانٍ فَقَالَ لَهُ سُلْطَانٌ ادْفَعْ إلَى هَذَا الْمَالَ وَإِلَّا) تَدْفَعْهُ إلَيَّ (اقْطَعْ يَدَك أَوْ أَضْرِبْك خَمْسِينَ فَدَفَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ) الدَّافِعُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ.

(قَالَ تَرَكْت دَعْوَايَ عَلَى فُلَانٍ وَفَوَّضْت أَمْرِي إلَى الْآخِرَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ (الْإِجَازَةُ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ) عَلَى الصَّحِيحِ (فَلَوْ غَصَبَ عَيْنًا لِإِنْسَانٍ فَأَجَازَ الْمَالِكُ غَصْبَهُ صَحَّ) إجَازَتُهُ وَحِينَئِذٍ (فَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ) وَلَوْ انْتَفَعَ بِهِ فَأَمَرَهُ بِالْحِفْظِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَحْفَظْ وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ.

ــ

[رد المحتار]

لِيَرْجِعَ فِي تَرِكَتِهَا بِمَا أَنْفَقَ وَأَنْكَرَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ إذْنَهَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَوَجْهُهُ شَهَادَةُ الْعُرْفِ الظَّاهِرُ لَهُ تَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ) لَمْ أَرَهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ آنِفًا

(قَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) وَالْعُذْرُ لَهُ فِي رُجُوعِهِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ، فَقَدْ يَظْهَرُ لَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ خَطَأُ النَّاقِلِ، وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي اغْتَفَرُوا فِيهَا التَّنَاقُضَ أَفَادَهُ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَكُونُ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَقَعَتْ فِي زَمَنِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ الشِّحْنَةِ، فَأَفْتَى: بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ ثَبَاتًا، وَخَالَفَهُ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ، وَوَقَعَ نِزَاعٌ طَوِيلٌ وَعُقِدَ لَهَا مَجَالِسُ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ قَايِتْبَايْ، وَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنْ عُرِضَتْ النُّقُولُ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْقَاضِي زَكَرِيَّا مِنْ نَحْوِ أَرْبَعِينَ كِتَابًا. فَأَجَابَ: بِأَنَّ صَرِيحَ هَذِهِ النُّقُولِ وَمَنْطُوقَهَا أَنَّ الثَّبَاتَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِقَوْلِهِ، هُوَ حَقٌّ أَوْ نَحْوُهُ وَلَيْسَ فِي صَرِيحِهَا أَنَّ التَّكْرَارَ كَذَلِكَ نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَبْسُوطِ، وَلَكِنَّ الثَّابِتَ عَلَى الْإِقْرَارِ كَالْمُجَدِّدِ لَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَهُ يَقُومُ مَقَامَ قَوْلِهِ هُوَ حَقٌّ، وَنَحْوُهُ، وَقَدَّمْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ خِلَافٌ مَبْسُوطٌ فِي الْمَبْسُوطِ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَبْسُوطِ بَيَانُ الْخِلَافِ، وَأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَنَّ التَّكْرَارَ يَثْبُتُ بِهِ الْإِصْرَارُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا يَثْبُتُ صَوَابُهُ حَذْفُ لَا، وَلَوْ قَالَ صَرِيحُ النُّقُولِ أَنَّ التَّكْرَارَ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِصْرَارُ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ) أَيْ النَّزْعُ، وَقَدْ دَخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ضَيَاعِ حَقِّهِ فِعْلُ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ، وَهُوَ هُرُوبُهُ فَلَا يُضَافُ إلَيْهِ التَّلَفُ كَمَا إذَا حَلَّ قَيْدَ الْعَبْدِ فَأَبَقَ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَضْرِبُك خَمْسِينَ) أَيْ فَأَكْثَرَ فَلَوْ قَالَ لَهُ: أَحْبِسُك شَهْرًا أَوْ أَضْرِبُك ضَرْبًا، فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَالِ لِلْغَيْرِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِخَوْفِ التَّلَفِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْإِكْرَاهِ أَنَّ أَمْرَ السُّلْطَانِ إكْرَاهٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَدَفَعَهُ) أَمَّا إذَا دَفَعَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُهُ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ فَلَوْ ادَّعَى ذَلِكَ أَيْ الْأَخْذَ مِنْهُ كَرْهًا، هَلْ يُكْتَفَى مِنْهُ بِالْيَمِينِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بُرْهَانٍ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ حَمَوِيٌّ. أَقُولُ: مُقْتَضَى كَوْنِهِ أَمِينًا أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِالْيَمِينِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْهَلَاكَ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ الْإِجَازَةُ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَوَائِلَ كِتَابِ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ فَأَجَازَ الْمَالِكُ غَصْبَهُ) الَّذِي فِي الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا غَصَبَ شَيْئًا وَقَبَضَهُ فَأَجَازَ الْمَالِكُ قَبْضَهُ إلَخْ وَهُوَ أَنْسَبُ مِنْ قَوْلِهِ غَصَبَهُ (قَوْلُهُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَحْفَظْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْفَعْ بِهِ يَبْرَأُ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا انْتَفَعَ بِهِ وَدَامَ عَلَى الِانْتِفَاعِ كَمَا لَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ، فَإِذَا أَمَرَهُ بِالْحِفْظِ لَا يَبْرَأُ حَتَّى يَنْزِعَهُ وَيَحْفَظَهُ أَمَّا لَوْ نَزَعَهُ قَبْلَ الْأَمْرِ وَحَفِظَهُ فَأَمَرَهُ بِالْحِفْظِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَبْرَأُ لِأَنَّهُ بِدَوَامِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>