(وَضَعَ مِنْجَلًا فِي الصَّحْرَاءِ لِيَصِيدَ بِهِ حِمَارَ وَحْشٍ وَسَمَّى عَلَيْهِ فَجَاءَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي) قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ وَجَدَهُ مَيِّتًا مِنْ سَاعَتِهِ لَمْ يَحِلَّ زَيْلَعِيٌّ (وَوَجَدَ الْحِمَارَ مَجْرُوحًا مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ) لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَذْبَحَهُ إنْسَانٌ أَوْ يَجْرَحَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالنَّطِيحَةِ (كُرِهَ تَحْرِيمًا) وَقِيلَ تَنْزِيهًا وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ (مِنْ الشَّاةِ سَبْعٌ الْحَيَاءُ وَالْخُصْيَةُ وَالْغُدَّةُ وَالْمَثَانَةُ وَالْمَرَارَةُ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَالذَّكَرُ) لِلْأَثَرِ الْوَارِدِ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ وَجَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَقَالَ:
فَقُلْ ذَكَرٌ وَالْأُنْثَيَانِ مَثَانَةٌ ... كَذَاك دَمٌ ثُمَّ الْمَرَارَةُ وَالْغُدَدْ
وَقَالَ غَيْرُهُ:
ــ
[رد المحتار]
عَلَى الِانْتِفَاعِ بَعْدَ الْأَمْرِ مُتَعَدٍّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَزَعَهُ قَبْلَهُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَأَفَادَ ط نَحْوَهُ
(قَوْلُهُ وَضَعَ مِنْجَلًا) بِكَسْرِ الْمِيمِ ط يُحْصَدُ بِهِ الزَّرْعُ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ أَيْضًا وَالْعَيْنِيُّ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ، وَمُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الذَّبَائِحِ أَنَّهُ لِلِاحْتِرَازِ حَيْثُ قَالَ: وَتُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ حَالَ الذَّبْحِ أَوْ الرَّمْيِ لِصَيْدٍ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ حَالَ وَضْعِ الْحَدِيدِ لِحِمَارِ الْوَحْشِ إذَا لَمْ يَقْعُدْ عَنْ طَلَبِهِ اهـ وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ هُنَاكَ وَفِي كِتَابِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ كُرِهَ تَحْرِيمًا) لِمَا رَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ وَاصِلِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الشَّاةِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ وَالْقُبُلَ وَالْغُدَّةَ وَالْمَرَارَةَ وَالْمَثَانَةَ وَالدَّمَ» ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الدَّمُ حَرَامٌ وَأَكْرَهُ السِّتَّةَ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ - {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣]- الْآيَةَ فَلَمَّا تَنَاوَلَهُ النَّصُّ قَطَعَ بِتَحْرِيمِهِ وَكَرِهَ مَا سِوَاهُ، لِأَنَّهُ مِمَّا تَسْتَخْبِثُهُ الْأَنْفُسُ، وَتَكْرَهُهُ وَهَذَا الْمَعْنَى سَبَبُ الْكَرَاهِيَةِ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧]- زَيْلَعِيٌّ.
وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ آخِرَ كِتَابِ الذَّبَائِحِ: وَمَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فَالْمُرَادُ مِنْهُ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ السِّتَّةِ وَبَيْنَ الدَّمِ فِي الْكَرَاهَةِ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ مُحَرَّمٌ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: الدَّمُ حَرَامٌ وَأَكْرَهُ السِّتَّةَ فَأَطْلَقَ الْحَرَامَ عَلَى الدَّمِ، وَسَمَّى مَا سِوَاهُ مَكْرُوهًا لِأَنَّ الْحَرَامَ الْمُطْلَقَ مَا ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ وَهُوَ الْمُفَسَّرُ مِنْ الْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: ١٤٥]- وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى حُرْمَتِهِ، وَأَمَّا حُرْمَةُ مَا سِوَاهُ مِنْ السِّتَّةِ فَمَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، بَلْ بِالِاجْتِهَادِ أَوْ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ الْمُحْتَمِلِ لِلتَّأْوِيلِ أَوْ الْحَدِيثِ، فَلِذَا فَصَّلَ فَسَمَّى الدَّمَ حَرَامًا وَذَا مَكْرُوهًا اهـ. أَقُولُ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُتُونِ هُوَ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَنْزِيهًا) قَائِلُهُ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الذَّكَرَ أَوْ الْغُدَّةَ لَوْ طُبِخَ فِي الْمَرَقَةِ لَا تُكْرَهُ الْمَرَقَةُ وَكَرَاهَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ اهـ. وَاخْتَارَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ مَا فِي الْقُنْيَةِ وَقَالَ: إنَّ فِيهِ فَائِدَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ، وَالْأُخْرَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَكْلُ الْمَرَقَةِ وَاللَّحْمِ اهـ نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهِ، وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ اسْتِدْلَالِ الْإِمَامِ بِالْآيَةِ وَأَيْضًا فَكَلَامُ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ لَا يُعَارِضُ ظَاهِرَ الْمُتُونِ وَكَلَامُ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ مِنْ الشَّاةِ) ذِكْرُ الشَّاةِ اتِّفَاقِيٌّ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْمَأْكُولَاتِ ط.
(قَوْلُهُ الْحَيَاءُ) هُوَ الْفَرْجُ مِنْ ذَوَاتِ الْخُفِّ وَالظِّلْفِ وَالسِّبَاعِ، وَقَدْ يُقْصَرُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَالْغُدَّةُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ كُلُّ عُقْدَةٍ فِي الْجَسَدِ أَطَافَ بِهَا شَحْمٌ، وَكُلُّ قِطْعَةٍ صُلْبَةٍ بَيْنَ الْعَصَبِ وَلَا تَكُونُ فِي الْبَطْنِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ) أَمَّا الْبَاقِي فِي الْعُرُوقِ بَعْدَ الذَّبْحِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ فِي بَيْتٍ) وَقَبْلَهُ بَيْتٌ آخَرُ ذَكَرَهُ فِي الْمِنَحِ وَهُوَ.
وَيُكْرَهُ أَجْزَاءٌ مِنْ الشَّاةِ سَبْعَةٌ ... فَخُذْهَا فَقَدْ أَوْضَحْتهَا لَك بِالْعَدَدْ
(قَوْلُهُ فَقُلْ ذَكَرٌ إلَخْ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَعَلَيْهِ فَالْمَعْدُودُ سِتَّةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَصْلَ الْبَيْتِ حَيَا ذَكَرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ) أَيْ بِطَرِيقِ الرَّمْزِ وَمِثْلُهُ قَوْلِي:
إنَّ الَّذِي مِنْ الْمُذَكَّاةِ رُمِيَ ... يَجْمَعُهُ حُرُوفُ فَخْذٍ مُدْغَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute