أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَلَا يَدْرِي أَيَّهمَا هُوَ يُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا مَاتَا مَعًا لِتَحَقُّقِ التَّعَارُضِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ (وَ) إذَا لَمْ يَعْلَمْ تَرْتِيبَهُمْ (يَقْسِمُ مَالَ كُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى وَرَثَتِهِ الْأَحْيَاءِ) إذْ لَا تَوَارُثَ بِالشَّكِّ
(وَالْكَافِرُ يَرِثُ بِالنَّسَبِ وَالسَّبَبِ كَالْمُسْلِمِ وَلَوْ) اجْتَمَعَ (لَهُ قَرَابَتَانِ) لَوْ تَفَرَّقَتَا (فِي شَخْصَيْنِ حَجَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَإِنَّهُ يَرِثُ بِالْحَاجِبِ وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَرِثُ بِالْقَرَابَتَيْنِ) (عِنْدَنَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ) لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ قُلْت (وَلَا يَرِثُونَ بِأَنْكِحَةٍ مُسْتَحَلَّةٍ عِنْدَهُمْ) أَيْ يَسْتَحِلُّونَهَا كَتَزَوُّجِ مَجُوسِيٍّ أُمَّهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا يُوجِبُ التَّوَارُثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُوجِبُهُ بَيْنَ الْمَجُوسِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ قَالَ وَكُلُّ نِكَاحٍ لَوْ أَسْلَمَا يُقِرَّانِ عَلَيْهِ يَتَوَارَثَانِ وَمَا لَا فَلَا انْتَهَى وَصَحَّحَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ
ــ
[رد المحتار]
فِي الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَذَكَرْت فِيهِ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ كُلِّهَا أَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ هُوَ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ مَا إذَا عُلِمَ التَّلَاحُقُ، وَجُهِلَ عَيْنُ السَّابِقِ، وَقَدْ خَصَّهُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ بِالْخَامِسَةِ وَهِيَ مَا إذَا عُلِمَ السَّابِقُ بِعَيْنِهِ ثُمَّ أَشْكَلَ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ إنَّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّةَ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي الْخَامِسَةِ فَقَطْ كَمَا فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ لِلشَّنْشُورِيِّ لَكِنْ إذَا جَرَى النِّزَاعُ فِي الثَّانِيَةِ يَجْرِي فِي الْخَامِسَةِ بِالْأَوْلَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَوَّلًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِهِ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا تَوَارُثَ بِالشَّكِّ) عِلَّةٌ لِمُقَدَّرٍ وَهُوَ وَلَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ أَوْ لِمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ آخِرًا وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ: يَرِثُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ إلَّا مَا وَرِثَ مِنْ صَاحِبِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتِحْقَاقُ الْأَحْيَاءِ مُتَيَقَّنٌ وَالشَّكُّ لَا يُعَارِضُ الْيَقِينَ فَلَوْ غَرِقَ أَخَوَانِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا تِسْعُونَ دِرْهَمًا وَخَلَّفَ بِنْتًا وَأُمًّا وَعَمًّا فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ تُقْسَمُ تَرِكَةُ كُلٍّ عَلَى وَرَثَتِهِ الْأَحْيَاءِ مِنْ سِتَّةٍ، لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْعَمِّ مَا بَقِيَ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مَا بَقِيَ وَهُوَ ثَلَاثُونَ لِلْأَخِ لَا لِلْعَمِّ ثُمَّ تُقْسَمُ الثَّلَاثُونَ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْأُمِّ وَالْعَمِّ عَلَى سِتَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَصِيرُ لِلْبِنْتِ سِتُّونَ وَلِلْأُمِّ عِشْرُونَ وَلِلْعَمِّ عَشَرَةٌ اهـ قَاسِمٌ مُلَخَّصًا [تَنْبِيهٌ] بَرْهَنَ كُلٌّ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ آخِرًا تَهَاتَرَتَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ كُلٍّ أَنَّ أَبَا الْآخَرِ مَاتَ أَوَّلًا وَحَلَفَ لَمْ يُصَدَّقْ أَمَّا لَوْ بَرْهَنَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي الْأُولَى أَوْ ادَّعَى، وَحَلَفَ فِي الثَّانِيَةِ صُدِّقَ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ وَلَوْ مَاتَ أَخَوَانِ عِنْدَ الزَّوَالِ أَوْ الطُّلُوعِ أَوْ الْغُرُوبِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَحَدُهُمَا فِي الْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ فِي الْمَغْرِبِ وَرِثَ مَيِّتُ الْمَغْرِبِ مِنْ مَيِّتِ الْمَشْرِقِ لِمَوْتِهِ قَبْلَهُ: لِأَنَّ الشَّمْسَ وَغَيْرَهَا مِنْ الْكَوَاكِبِ تَزُولُ وَتَطْلُعُ وَتَغْرُبُ فِي الْمَشْرِقِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ اهـ سَكْبُ الْأَنْهُرِ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ اتَّحَدَتْ الْبَلْدَةُ أَوْ تَقَارَبَتْ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ ذَلِكَ اهـ قُلْت: لَا شَكَّ فِي انْتِفَاءِ الْإِرْثِ بِالشَّكِّ وَثُبُوتِهِ بِعَدَمِهِ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرِثُ بِالْحَاجِبِ) كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مَجُوسِيٌّ أُمَّهُ زَادَ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ أَوْ وَطِئَ مُسْلِمٌ أَوْ غَيْرُهُ لِشُبْهَةٍ فَوَلَدَتْ بِنْتًا فَمَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ أُمِّهَا وَهِيَ جَدَّتُهَا تَرِثُ بِالْأُمُومَةِ فَقَطْ لِأَنَّ الْأُمَّ تَحْجُبُ الْجَدَّةَ (قَوْلُهُ: يَرِثُ بِالْقَرَابَتَيْنِ) كَمَا لَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ الْمَذْكُورَةُ عَنْ بِنْتِهَا وَهِيَ بِنْتُ ابْنِهَا تَرِثُ النِّصْفَ بِكَوْنِهَا بِنْتًا وَالسُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ بِكَوْنِهَا بِنْتَ ابْنٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَنَا) أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيَرِثُ بِأَقْوَاهُمَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ بَابِ الْعَوْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِثُونَ إلَّا بِأَنْكِحَةٍ مُسْتَحَلَّةٍ عِنْدَهُمْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِالْقَرَابَتَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذِهِ الْأَنْكِحَةَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِي حُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ الْقَرَابَةِ لِأَنَّ النَّسَبَ يُسْتَحَقُّ بِهِ الْمِيرَاثُ وَلَوْ كَانَ سَبَبُهُ مَحْظُورًا كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ مَقْدِسِيٌّ وَفِيهِ وَلَوْ ثَبَتَ حُرْمَةُ مُصَاهَرَةٍ بَيْنَ زَوْجَيْنِ فَحَدَثَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَمَاتَ الْأَبُ مَنَعَ إرْثَهُ الْقَاضِي سُلَيْمَانُ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ السُّغْدِيُّ يَرِثُ اهـ سَائِحَانِيٌّ قُلْت: وَقَدْ نَظَمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ هُنَا فَرَاجِعْ شُرُوحَهَا (قَوْلُهُ: كَتَزَوُّجِ مَجُوسِيٍّ أُمَّهُ) أَيْ فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَرِثَ بِالنَّسَبِ لَا بِالزَّوْجِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ نِكَاحٍ إلَخْ) وَذَلِكَ كَالنِّكَاحِ بِلَا شُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ مُعْتَقِدِينَ حِلَّهُ بِخِلَافِ الْمَحَارِمِ أَوْ فِي عِدَّةِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُمَا لَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ وَقَدْ جَعَلَ فِي الْجَوْهَرَةِ هَذَا ضَابِطًا لِلنِّكَاحِ الْجَائِزِ وَالنِّكَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute