(وَالْمُعْتَبَرُ) فِي الْقِبْلَةِ (الْعَرْصَةُ لَا الْبِنَاءُ) فَهِيَ مِنْ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ إلَى الْعَرْشِ
(وَقِبْلَةُ الْعَاجِزِ عَنْهَا) لِمَرَضٍ وَإِنْ وَجَدَ مُوَجِّهًا عِنْدَ الْإِمَامِ أَوْ خَوْفِ مَالٍ: وَكَذَا كُلُّ مَنْ سَقَطَ عَنْهُ الْأَرْكَانُ
ــ
[رد المحتار]
لَا يُعِيدُ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ. وَفِيهَا: لَوْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَتَحَرَّى، إنْ أَصَابَ جَازَ وَإِلَّا لَا، وَكَذَا الْأَعْمَى. اهـ. وَمَسَائِلُ التَّحَرِّي سَتَأْتِي وَرَجَّحَ فِي الْبَحْرِ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى فِي الْمَفَازَةِ بِالتَّحَرِّي وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ لَكِنَّهُ لَا يَعْرِفُ النُّجُومَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي الْجَهْلِ بِالْأَدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَغَيْرِهِمَا. أَمَّا دَقَائِقُ عِلْمِ الْهَيْئَةِ وَصُوَرُ النُّجُومِ الثَّوَابِتِ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي الْجَهْلِ بِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِبْلَةِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الَّذِي يَجِبُ اسْتِقْبَالُهُ أَوْ اسْتِقْبَالُ جِهَتِهِ هُوَ الْعَرْصَةُ، وَهِيَ لُغَةً: كُلُّ بُقْعَةٍ بَيْنَ الدُّورِ وَاسِعَةٌ لَا بِنَاءَ فِيهَا كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا تِلْكَ الْبُقْعَةُ الشَّرِيفَةُ (قَوْلُهُ لَا الْبِنَاءُ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقِبْلَةِ الْكَعْبَةُ الَّتِي هِيَ الْبِنَاءُ الْمُرْتَفِعُ عَلَى الْأَرْضِ، وَلِذَا لَوْ نُقِلَ الْبِنَاءُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَصَلَّى إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ، بَلْ تَجِبُ الصَّلَاةُ إلَى أَرْضِهَا كَمَا فِي الْفَتَاوَى الصُّوفِيَّةِ عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. مَطْلَبُ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ ثَابِتَةٌ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ عِدَّةِ الْفَتَاوَى: الْكَعْبَةُ إذَا رُفِعَتْ عَنْ مَكَانِهَا لِزِيَارَةِ أَصْحَابِ الْكَرَامَةِ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ جَازَتْ الصَّلَاةُ إلَى أَرْضِهَا. اهـ. وَفِي الْمُجْتَبَى: وَقَدْ رُفِعَ الْبِنَاءُ فِي عَهْدِ ابْن الزُّبَيْرِ عَلَى قَوَاعِدِ الْخَلِيلِ وَفِي عَهْدِ الْحَجَّاجِ لِيُعِيدَهَا عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ. اهـ. فَتَّالٌ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ نَقَلَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ، فَيُرَدُّ بِهِ عَلَى مَنْ نَسَبَ إمَامَنَا إلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِهَا وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ (قَوْلُهُ فَهِيَ مِنْ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ إلَى الْعَرْشِ) صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْفَتَاوَى الصُّوفِيَّةِ مَعْزِيًّا لِلْحُجُنَّةِ، ثُمَّ قَالَ: فَلَوْ صَلَّى فِي الْجِبَالِ الْعَالِيَةِ وَالْآبَارِ الْعَمِيقَةِ السَّافِلَةِ جَازَ كَمَا جَازَ عَلَى سَطْحِهَا وَفِي جَوْفِهَا فَتَّالٌ، فَلَوْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ الْبِنَاءَ لَا الْعَرْصَةَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، فَالتَّفْرِيعُ صَحِيحٌ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ) لِأَنَّ الْقَادِرَ بِقُدْرَةِ الْغَيْرِ عَاجِزٌ عِنْدَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ يُكَلَّفُ بِقُدْرَةِ نَفْسِهِ لَا بِقُدْرَةِ غَيْرِهِ خِلَافًا لَهُمَا، فَيَلْزَمُهُ عِنْدَهُمَا التَّوَجُّهُ إنْ وَجَدَ مُوَجِّهًا، وَبِقَوْلِهِمَا جَزَمَ فِي الْمُنْيَةِ وَالْمِنَحِ وَالدُّرَرِ وَالْفَتْحِ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْوُضُوءِ وَوَجَدَ مَنْ يُوَضِّئُهُ حَيْثُ يَلْزَمُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ اتِّفَاقًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، وَقَدَّمْنَا الْفَرْقَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ فَرَاجِعْهُ. وَإِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ وَوَجَدَ أَجِيرًا بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ عِنْدَهُمَا كَمَا قَالُوهُ فِي التَّيَمُّمِ أَمْ لَا: لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَيَنْبَغِي اللُّزُومُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ الرَّوْضَةِ، لَكِنْ بِتَقْيِيدِ كَوْنِ الْأُجْرَةِ دُونَ نِصْفِ دِرْهَمٍ، فَلَوْ طَلَبَ نِصْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَلْزَمُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا فَسَّرُوهُ بِذَلِكَ فِي التَّيَمُّمِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ أَوْ خَوْفِ مَالٍ) أَيْ خَوْفِ ذَهَابِهِ بِسَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إنْ اسْتَقْبَلَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ مِلْكًا لَهُ أَوْ أَمَانَةً قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا ط وَلَمْ يَعْزُهُ إلَى أَحَدٍ فَلْيُرَاجَعْ، نَعَمْ سَيَأْتِي فِي مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُ الصَّلَاةِ لِضَيَاعِ مَا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا عَلَى مَنْ سَقَطَ عَنْهُ الْأَرْكَانُ) أَيْ تَكُونُ قِبْلَتُهُ جِهَةَ قُدْرَتِهِ أَيْضًا: فَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَشْمَلُ أَيْ الْعُذْرُ مَا إذَا كَانَ عَلَى لَوْحٍ فِي السَّفِينَةِ يُخَالِفُ الْغَرَقَ إذَا انْحَرَفَ إلَيْهَا، وَمَا إذَا كَانَ فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ لَا يَجِدُ عَلَى الْأَرْضِ مَكَانًا يَابِسًا أَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ جُمُوحًا لَوْ نَزَلَ لَا يُمْكِنُهُ الرُّكُوبُ إلَّا بِمُعِينٍ أَوْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْكَبَ إلَّا بِمُعِينٍ وَلَا يَجِدُهُ فَكَمَا تَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الدَّابَّةِ وَلَوْ كَانَتْ فَرْضًا وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْأَرْكَانُ كَذَلِكَ يَسْقُطُ عَنْهُ التَّوَجُّهُ إلَى الْقِبْلَةِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إذَا قَدَرَ اهـ فَيُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَدَمُ إمْكَانِ الِاسْتِقْبَالِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ إيقَافُهَا إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا بِأَنْ خَافَ الضَّرَرَ كَأَنْ تَذْهَبَ الْقَافِلَةُ وَيَنْقَطِعَ فَلَا يَلْزَمُهُ إيقَافُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute