(جِهَةُ قُدْرَتِهِ) وَلَوْ مُضْطَجِعًا بِإِيمَاءٍ لِخَوْفِ رُؤْيَةِ عَدُوٍّ وَلَمْ يُعِدْ لِأَنَّ الطَّاعَةَ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ (وَيَتَحَرَّى) هُوَ بَذْلَ الْمَجْهُودِ لِنَيْلِ الْمَقْصُودِ (عَاجِزٌ عَنْ مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ) بِمَا مَرَّ (فَإِنْ ظَهَرَ خَطَؤُهُ لَمْ يُعِدْ) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فِي صَلَاتِهِ أَوْ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ) وَلَوْ فِي سُجُودِ سَهْوٍ (اسْتَدَارَ وَبَنَى) حَتَّى لَوْ صَلَّى كُلَّ رَكْعَةٍ لِجِهَةٍ جَازَ وَلَوْ بِمَكَّةَ أَوْ مَسْجِدٍ مُظْلِمٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَرْعُ أَبْوَابٍ
ــ
[رد المحتار]
وَلَا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَأَوْضَحَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرِ وَالْحِلْيَةِ، وَقَيَّدَ فِي الْحِلْيَةِ مَسْأَلَةَ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ لِلطِّينِ بِمَا إذَا عَجَزَ عَنْ النُّزُولِ، فَإِنْ قَدَرَ نَزَلَ وَصَلَّى وَاقِفًا بِالْإِيمَاءِ زَادَ الزَّيْلَعِيُّ: وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ دُونَ السُّجُودِ أَوْمَأَ قَاعِدًا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ نَدِيَّةً مُبْتَلَّةً بِحَيْثُ لَا يَغِيبُ وَجْهُهُ فِي الطِّينِ صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ وَسَجَدَ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي بَابِ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَلَوْ مُضْطَجِعًا إلَخْ) تَعْمِيمٌ لِقُدْرَةٍ: أَيْ يَتَوَجَّهُ الْعَاجِزُ إلَى أَيِّ جِهَةٍ قَدَرَ وَلَوْ كَانَ مُضْطَجِعًا. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَيَسْتَوِي فِيهِ: أَيْ فِي الْعَجْرِ الْخَوْفُ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ لِصٍّ، حَتَّى إذَا خَافَ أَنْ يَرَاهُ إنْ تَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى أَيِّ جِهَةٍ قَدَرَ، وَلَوْ خَافَ أَنْ يَرَاهُ الْعَدُوُّ إنْ قَعَدَ صَلَّى مُضْطَجِعًا بِالْإِيمَاءِ، وَكَذَا الْهَارِبُ مِنْ الْعَدُوِّ رَاكِبًا يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعِدْ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْذَارَ سَمَاوِيَّةٌ حَتَّى الْخَوْفُ مِنْ عَدُوٍّ لِأَنَّ الْخَوْفَ لَمْ يَحْصُلْ بِمُبَاشَرَةِ أَحَدٍ، بِخِلَافِ الْمُقَيَّدِ إذَا صَلَّى قَاعِدًا فَإِنَّهُ يُعِيدُ عِنْدَهُمَا أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الشَّرْحِ الْمُنْيَةِ وَمَرَّ تَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي التَّيَمُّمِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَ هُنَا أَيْضًا، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ صَلَاتِهِ قَاعِدًا أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ لِأَنَّ الْقَيْدَ عُذْرٌ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ بِمُبَاشَرَةِ الْمَخْلُوقِ تَأَمَّلْ. مَطْلَبُ مَسَائِلِ التَّحَرِّي فِي الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ هُوَ) أَيْ التَّحَرِّي الْمَفْهُومُ مِنْ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) مُتَعَلِّقٌ بِمَعْرِفَةٍ، وَاَلَّذِي مَرَّ هُوَ الِاسْتِدْلَال بِالْمَحَارِيبِ وَالنُّجُومِ وَالسُّؤَالِ مِنْ الْعَالِمِ بِهَا، فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يَتَحَرَّى مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ، حَتَّى لَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ فَتَحَرَّى وَلَمْ يَسْأَلْهُ إنْ أَصَابَ الْقِبْلَةَ جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ قِبْلَةَ التَّحَرِّي مَبْنِيَّةٌ عَلَى مُجَرَّدِ شَهَادَةِ الْقَلْبِ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ وَأَهْلُ الْبَلَدِ لَهُمْ عِلْمٌ بِجِهَةِ الْقِبْلَةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْأَمَارَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا مِنْ النُّجُومِ وَغَيْرِهَا فَكَانَ فَوْقَ الثَّابِتِ بِالتَّحَرِّي، وَكَذَا إذَا وَجَدَ الْمَحَارِيبَ الْمَنْصُوبَةَ فِي الْبَلْدَةِ أَوْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ وَلَهُ عِلْمٌ بِالِاسْتِدْلَالِ بِالنُّجُومِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي لِأَنَّ ذَلِكَ فَوْقَهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْحِلْيَةِ وَغَيْرِهَا. وَاسْتُفِيدَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْأَدِلَّةِ الْمَارَّةِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى وَلَا يُقَلِّدَ مِثْلَهُ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ؟ لَمْ أَرَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ ظَهَرَ خَطَؤُهُ) أَيْ بَعْدَمَا صَلَّى (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) وَهُوَ كَوْنُ الطَّاعَةِ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ بِخَطَئِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ) أَيْ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الصَّوَابَ فِي جِهَةٍ أُخْرَى فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادُهُ الثَّانِي أَرْجَحَ، إذْ الْأَضْعَفُ كَالْعَدَمِ، وَكَذَا الْمُسَاوِي فِيمَا يَظْهَرُ تَرْجِيحًا لِلْأَوَّلِ بِالْعَمَلِ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ اسْتَدَارَ وَبَنَى) أَيْ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ، لِمَا رُوِيَ «أَنَّ أَهْلَ قُبَاءَ كَانُوا مُتَوَجِّهِينَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَأُخْبِرُوا بِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ فَاسْتَدَارُوا إلَى الْقِبْلَةِ، وَأَقَرَّهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ» وَأَمَّا إذَا تَحَوَّلَ رَأْيُهُ فَلِأَنَّ الِاجْتِهَادَ الْمُتَجَدِّدَ لَا يَنْسَخُ حُكْمَ مَا قَبْلَهُ فِي حَقِّ مَا مَضَى شَرْحُ الْمُنْيَةِ، وَيَنْبَغِي لُزُومُ الِاسْتِدَارَةِ عَلَى الْفَوْرِ، حَتَّى لَوْ مَكَثَ قَدْرَ رُكْنٍ فَسَدَتْ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِمَكَّةَ) بِأَنْ كَانَ مَحْبُوسًا وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُ فَصَلَّى بِالتَّحَرِّي ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ بَحْرٌ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْخَانِيَّةِ حِلْيَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ قَرْعُ أَبْوَابٍ) فِي الْخُلَاصَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute