للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَسُّ جُدْرَانٍ وَلَوْ أَعْمَى، فَسِوَاهُ رَجُلٌ بَنَى وَلَمْ يَقْتَدِ الرَّجُلُ بِهِ وَلَا بِمُتَحَرٍّ تَحَرَّى؛ وَلَوْ ائْتَمَّ بِمُتَحَرٍّ بِلَا تَحَرٍّ لَمْ يَجُزْ إنْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ، وَلَوْ سَلَّمَ فَتَحَوَّلَ رَأْيُ مَسْبُوقٍ وَلَاحِقٍ اسْتَدَارَ الْمَسْبُوقُ وَاسْتَأْنَفَ اللَّاحِقُ، وَمَنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى

ــ

[رد المحتار]

قَوْمٌ وَالْمَسْجِدُ فِي مِصْرٍ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، قَالَ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ فِي فَتَاوَاهُ جَازَ. اهـ. وَفِي الْكَافِي: وَلَا يَسْتَخْرِجُهُمْ مِنْ مَنَازِلِهِمْ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ لِلْمَسْجِدِ قَوْمًا مِنْ أَهْلِهِ مُقِيمِينَ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا حَاضِرِينَ فِيهِ وَقْتَ دُخُولِهِ وَهُمْ حَوْلَهُ فِي الْقَرْيَةِ وَجَبَ طَلَبُهُمْ لِيَسْأَلهُمْ قَبْلَ التَّحَرِّي لِأَنَّ التَّحَرِّيَ مُعَلَّقٌ بِالْعَجْزِ عَنْ تَعَرُّفِ الْقِبْلَةِ بِغَيْرِهِ. اهـ. وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي، لِأَنَّ الْمُرَادَ إذَا لَمْ يَكُونُوا دَاخِلَ الْمَنَازِلِ وَلَمْ يَلْزَمْ الْحَرَجُ مِنْ طَلَبِهِمْ بِتَعَسُّفِ الظُّلْمَةِ وَالْمَطَرِ وَنَحْوِهِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَمَسُّ جُدْرَانٍ) لِأَنَّ الْحَائِطَ لَوْ كَانَتْ مَنْقُوشَةً لَا يُمْكِنُهُ تَمْيِيزُ الْمِحْرَابِ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ ثَمَّ هَامَةٌ مُؤْذِيَةٌ فَجَازَ لَهُ التَّحَرِّي بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ، فَأَمَّا فِي الْأَكْثَرِ فَيُمْكِنُ تَمْيِيزُ الْمِحْرَابِ مِنْ غَيْرِهِ فِي الظُّلْمَةِ بِلَا إيذَاءٍ، فَلَا يَجُوزُ التَّحَرِّي إسْمَاعِيلُ عَنْ الْمِفْتَاحِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْمَى إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَلَوْ صَلَّى الْأَعْمَى رَكْعَةً إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَسَوَّاهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَاقْتَدَى بِهِ، إنْ وَجَدَ الْأَعْمَى وَقْتَ الشُّرُوعِ مَنْ يَسْأَلُهُ فَلَمْ يَسْأَلْهُ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُمَا وَإِلَّا جَازَتْ صَلَاةُ الْأَعْمَى دُونَ الْمُقْتَدِي لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ إمَامَهُ بَنَى صَلَاتَهُ عَلَى الْفَاسِدِ وَهُوَ الرَّكْعَةُ الْأُولَى اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْفَيْضِ وَالسِّرَاجِ، وَمُفَادُهُ أَنَّ الْأَعْمَى لَا يَلْزَمُهُ إمْسَاسُ الْمِحْرَابِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْأَلُهُ، وَأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ السُّؤَالَ مَعَ إمْكَانِهِ وَأَصَابَ الْقِبْلَةَ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَلَا بِمُتَحَرٍّ تَحَوَّلَ) أَيْ إلَى الْقِبْلَةِ مَعَ الْمُقْتَدَى بِحَالَتِهِ الْأُولَى: وَعِبَارَتُهُ فِي الْخَزَائِنِ. كَمَنْ تَحَرَّى فَأَخْطَأَ ثُمَّ عَلِمَ فَتَحَوَّلَ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ مَنْ عَلِمَ بِحَالِهِ اهـ أَيْ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الْإِمَامَ كَانَ عَلَى الْخَطَأِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ بَحْرٌ. وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ تَحَوَّلَ بِالتَّحَرِّي أَيْضًا إلَى جِهَةٍ ظَنَّهَا الْقِبْلَةَ جَازَ لِلْآخَرِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إنْ تَحَرَّى مِثْلَهُ وَإِلَّا فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِمُتَحَرٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِائْتَمَّ، وَقَوْلُهُ بِلَا تَحَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفِ حَالٍ مِنْ فَاعِلِ ائْتَمَّ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ اقْتِدَاؤُهُ إنْ ظَهَرَ أَنَّ الْإِمَامَ مُخْطِئٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ إنَّمَا تَجُوزُ عِنْدَ ظُهُورِ الْإِصَابَةِ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي، وَأَمَّا صَلَاةُ الْإِمَامِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ لِتَحَرِّيهِ، وَإِنْ أَصَابَ الْإِمَامُ جَازَتْ صَلَاتُهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ اسْتَدَارَ الْمَسْبُوقُ إلَخْ) لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِيهِ، بِخِلَافِ اللَّاحِقِ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ فِيمَا يَقْضِيهِ وَالْمُقْتَدِي إذَا ظَهَرَ لَهُ وَهُوَ وَرَاءَ الْإِمَامِ أَنَّ الْقِبْلَةَ غَيْرُ الْجِهَةِ الَّتِي يُصَلِّي إلَيْهَا الْإِمَامُ لَا يُمْكِنُهُ إصْلَاحُ صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ إنْ اسْتَدَارَ خَالَفَ إمَامَهُ فِي الْجِهَةِ قَصْدًا وَهُوَ مُفْسِدٌ وَإِلَّا كَانَ مُتِمًّا صَلَاتَهُ إلَى مَا هُوَ غَيْرُ الْقِبْلَةِ عِنْدَهُ وَهُوَ مُفْسِدٌ أَيْضًا فَكَذَلِكَ اللَّاحِقُ شَرْحُ الْمُنْيَةِ: بَقِيَ مَا إذَا كَانَ لَاحِقًا وَمَسْبُوقًا: وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ قَضَى مَا لَحِقَ بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ مَا سَبَقَ بِهِ، فَإِنْ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ فِي قَضَاءِ مَا لَحِقَ بِهِ اسْتَأْنَفَ، وَإِنْ تَحَوَّلَ فِي قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ اسْتَدَارَ، وَأَمَّا إنْ قَضَى مَا سَبَقَ بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ مَا لَحِقَ بِهِ، فَإِنْ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ فِيمَا لَحِقَ بِهِ اسْتَأْنَفَ، وَإِنْ تَحَوَّلَ فِيمَا سَبَقَ بِهِ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى رَأْيِهِ إلَى شُرُوعِهِ فِيمَا لَحِقَ بِهِ اسْتَأْنَفَ وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ إلَى شُرُوعِهِ فِيمَا لَحِقَ بِهِ بِأَنْ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ قَبْلَ قَضَاءِ مَا لَحِقَ بِهِ إلَى جِهَةِ إمَامِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَدِيرُ تَأَمَّلْ ح وَأَقَرَّهُ ط وَالرَّحْمَتِيُّ (قَوْلُهُ وَمَنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ إلَخْ) فِي الْبَحْرِ وَالْحِلْيَةِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ تَحَرَّى فَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ، قِيلَ يُؤَخِّرُ، وَقِيلَ يُصَلِّي إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ. اهـ. وَرَجَّحَ فِي زَادِ الْفَقِيرِ الْأَوَّلَ حَيْثُ جَزَمَ بِهِ، وَعَبَّرَ عَنْ الْأَخِيرَيْنِ بِقِيلَ وَاخْتَارَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْوَسَطَ وَقَالَ إنَّهُ الْأَحْوَطُ، وَنَقَلَ ح عَنْ الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ أَنَّهُ الْأَصْوَبُ، فَلِهَذَا اخْتَارَهُ الشَّارِحُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقُهُسْتَانِيِّ تَرْجِيحُ الْأَخِيرِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ لِي فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ تَحَرَّى وَلَمْ يَتَيَقَّنْ بِشَيْءٍ فَصَلَّى إلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ كَانَتْ جَائِزَةً وَلَوْ أَخْطَأَ فِيهِ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ أَخَّرَ الصَّلَاةَ، وَقِيلَ يُصَلِّي إلَى الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ اهـ وَمُفَادُهُ أَنَّ مَعْنَى التَّخْيِيرِ أَنَّهُ يُصَلِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>