عَنْ الْقِرَاءَةِ أَصْلًا أَوْ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ، وَلَوْ أَضْعَفَهُ عَنْ الْقِيَامِ الْخُرُوجُ لِجَمَاعَةٍ صَلَّى فِي بَيْتِهِ قَائِمًا بِهِ يُفْتَى خِلَافًا لِلْأَشْبَاهِ
(وَمِنْهَا الْقِرَاءَةُ) لِقَادِرٍ عَلَيْهَا كَمَا سَيَجِيءُ وَهُوَ رُكْنٌ زَائِدٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ لِسُقُوطِهِ بِالِاقْتِدَاءِ بِلَا خُلْفٍ
(وَمِنْهَا
ــ
[رد المحتار]
تَعِبَ ط.
(قَوْلُهُ أَصْلًا) أَمَّا لَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِرَاءَةِ إذَا قَامَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْرَأَ مِقْدَارَ قُدْرَتِهِ وَالْبَاقِي قَاعِدًا شَرْحُ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ الْخُرُوجُ لِجَمَاعَةٍ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَتَيَسَّرْ لَهُ الْجَمَاعَةُ فِي بَيْتِهِ، أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ ط (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) وَجْهُهُ أَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ بِخِلَافِ الْجَمَاعَةِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، خِلَافًا لِأَحْمَدَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضٌ عِنْدَهُ، وَقِيلَ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ قَاعِدًا عِنْدَنَا لِأَنَّهُ عَاجِزٌ إذْ ذَاكَ، ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَصَحَّحَهُ الزَّاهِدِيُّ شَرْحُ الْمُنْيَةِ، وَثُمَّ قَالَ ثَالِثٌ مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمُنْيَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَشْرَعُ مَعَ الْإِمَامِ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الرُّكُوعِ يَقُومُ وَيَرْكَعُ أَيْ إنْ قَدَرَ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلنَّهْرِ جَعَلَهُ فِي الْخُلَاصَةِ أَصَحَّ وَبِهِ يُفْتَى.
قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَلَعَلَّهُ أَشْبَهُ لِأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِلْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ سُنَّةٌ بَلْ يُعَدُّ هَذَا عُذْرًا فِي تَرْكِهَا اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ.
مَبْحَثُ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْقِرَاءَةُ) أَيْ قِرَاءَةُ آيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ، وَهِيَ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ النَّفْلِ وَالْوِتْرِ وَفِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْفَرْضِ كَمَا سَيَأْتِي مَتْنًا فِي بَابِ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ. وَأَمَّا تَعْيِينُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْفَرْضِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَقِيلَ سُنَّةٌ لَا فَرْضٌ كَمَا سَنُحَقِّقُهُ فِي الْوَاجِبَاتِ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ أَوْ ثَلَاثِ آيَاتٍ فَهِيَ وَاجِبَةٌ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي. [فَرْعٌ]
قَدْ تُفْرَضُ الْقِرَاءَةُ فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ كَمَا لَوْ اسْتَخْلَفَ مَسْبُوقًا بِرَكْعَتَيْنِ وَأَشَارَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الِاسْتِخْلَافِ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مَعَ بَيَانِ حُكْمِ الْقِرَاءَةِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالشَّوَاذِّ أَوْ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. مَبْحَثٌ الرُّكْنِ الْأَصْلِيِّ وَالرُّكْنِ الزَّائِدِ
(قَوْلُهُ لِسُقُوطِهِ بِالِاقْتِدَاءِ بِلَا خُلْفٍ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الرُّكْنَ الزَّائِدَ هُوَ مَا يَسْقُطُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِ ضَرُورَةٍ، وَالرُّكْنُ الْأَصْلِيُّ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا لِضَرُورَةٍ. وَأُورِدَ عَلَى تَسْمِيَةِ الرُّكْنِ زَائِدًا أَنَّ الرُّكْنَ مَا كَانَ دَاخِلَ الْمَاهِيَّةِ فَكَيْفَ يُوصَفُ بِالزِّيَادَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ حَيْثُ قِيَامُ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِهِ فِي حَالَةٍ وَانْتِفَاؤُهُ بِانْتِفَائِهِ، وَزَائِدٌ مِنْ حَيْثُ قِيَامُهُ بِدُونِهِ فِي حَالَةٍ أُخْرَى، فَالصَّلَاةُ مَاهِيَّةٌ اعْتِبَارِيَّةٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَعْتَبِرَهَا الشَّارِعُ تَارَةً بِأَرْكَانٍ وَأُخْرَى بِأَقَلَّ مِنْهَا. وَأُورِدَ عَلَى تَفْسِيرِ الرُّكْنِ الزَّائِدِ بِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَسْمِيَةُ غَسْلِ الرِّجْلِ رُكْنًا زَائِدًا فِي الْوُضُوءِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الزَّائِدَ مَا إذَا سَقَطَ لَا يَخْلُفُهُ بَدَلٌ وَالْمَسْحُ بَدَلُ الْغَسْلِ وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ إلَى خَلَفٍ فَلَيْسَتْ بِزَوَائِدَ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ. وَأُورِدَ أَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ خَلَفٌ عَنْ قِرَاءَةِ الْمُقْتَدِي، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» وَأَجَابَ ح بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَلَفِ: خَلَفٌ يَأْتِي بِهِ مَنْ فَاتَهُ الْأَصْلُ. وَهَاهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ وَهُوَ أَحْسَنُ مِمَّا فِي ط مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ الْخَلْفِيَّةَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّارِعَ مَنَعَهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَاكْتَفَى بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ عَنْهُ. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا نُسَلِّمُ سُقُوطَ الْقِرَاءَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ لِيَلْزَمَ كَوْنُهَا زَائِدًا إذْ سُقُوطُهَا لِضَرُورَةِ الِاقْتِدَاءِ وَمِنْ هُنَا ادَّعَى ابْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ رُكْنٌ أَصْلِيٌّ. اهـ. أَقُولُ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ ضَرُورَةٌ إذْ الضَّرُورَةُ الْعَجْزُ الْمُبِيحُ لِتَرْكِ أَدَاءِ الرُّكْنِ وَالْمُقْتَدِي قَادِرٌ عَلَى الْقِرَاءَةِ غَيْرَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ عَنْهَا شَرْعًا وَالْمَنْعُ لَا يُسَمَّى عَجْزًا إلَّا بِتَأْوِيلٍ. وَقَدْ خَالَفَ ابْنُ مَالِكٍ الْجَمَّ الْغَفِيرَ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ فَلَا تُعْتَبَرُ مُخَالَفَتُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute