لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَكَرَّرُ
(وَهِيَ) عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ (قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ) فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بِتَرْكِ أَكْثَرِهَا لَا أَقَلِّهَا، لَكِنْ فِي الْمُجْتَبَى يَسْجُدُ بِتَرْكِ آيَةٍ مِنْهَا وَهُوَ أَوْلَى
قُلْت: وَعَلَيْهِ فَكُلُّ آيَةٍ وَاجِبَةٌ كَكُلِّ تَكْبِيرَةِ عِيدٍ وَتَعْدِيلُ رُكْنٍ وَإِتْيَانُ كُلٍّ وَتَرْكُ تَكْرِيرِ كُلٍّ كَمَا يَأْتِي فَلْيُحْفَظْ (وَضَمُّ) أَقْصَرِ (سُورَةٍ) كَالْكَوْثَرِ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهَا، هُوَ ثَلَاثُ آيَاتٍ قِصَارٍ، نَحْوُ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: ٢١] {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} [المدثر: ٢٢] {ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ} [المدثر: ٢٣] وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْآيَةُ أَوْ الْآيَتَانِ تَعْدِلُ ثَلَاثًا قِصَارًا ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ
ــ
[رد المحتار]
فَرَائِضَهُ لَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ مُجْزِئًا فِي الْحُكْمِ وَسُقُوطُ الْفَرْضِ بِهِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ، فَإِذَا كَانَ الثَّانِي فَرْضًا يَلْزَمُ مِنْهُ تَكْرَارُ الْفَرْضِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ) وَإِلَّا فَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ) هَذَا إذَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْوَقْتِ وَإِلَّا اكْتَفَى بِآيَةٍ وَاحِدَةٍ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وَخَصَّ الْبَزْدَوِيُّ الْفَجْرَ بِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ إسْمَاعِيلُ (قَوْلُهُ بِتَرْكِ أَكْثَرِهَا) يُفِيدُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَكْثَرُ، وَلَا يَعْرَى عَنْ تَأَمُّلٍ بَحْرٌ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّهَا بِتَمَامِهَا وَاجِبَةٌ عِنْدَهُ؛ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَأَكْثَرُهَا، وَلِذَا لَا يَجِبُ السَّهْوُ بِنِسْيَانِ الْبَاقِي كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ، فَكَلَامُ الشَّارِحِ جَارٍ عَلَى قَوْلِهِمَا ط (قَوْلُهُ وَهُوَ أَوْلَى) لَعَلَّهُ لِلْمُوَاظَبَةِ الْمُفِيدَةِ لِلْوُجُوبِ ط (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ وَبِنَاءً عَلَى مَا فِي الْمُجْتَبَى فَكُلُّ آيَةٍ وَاجِبَةٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا فِي الْمُجْتَبَى مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بِأَنَّهَا بِتَمَامِهَا وَاجِبَةٌ وَذِكْرُ الْآيَةِ تَمْثِيلٌ لَا تَقْيِيدٌ إذْ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْهَا آيَةٍ أَوْ أَقَلَّ وَلَوْ حَرْفًا لَا يَكُونُ آتِيًا بِكُلِّهَا الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ، كَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ ضَمُّ ثَلَاثِ آيَاتٍ، فَلَوْ قَرَأَ دُونَهَا كَانَ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ.
(قَوْلُهُ كَكُلِّ تَكْبِيرَةِ عِيدٍ) وَهِيَ سِتُّ تَكْبِيرَاتٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ ح (قَوْلُهُ وَتَعْدِيلُ رُكْنٍ) عُطِفَ عَلَى تَكْبِيرَةٍ: أَيْ وَكَكُلِّ تَعْدِيلِ رُكْنٍ وَمِثْلُهُ تَعْدِيلُ الْقَوْمَةِ وَتَعْدِيلُ الْجِلْسَةِ عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا ح (قَوْلُهُ وَإِتْيَانُ كُلٍّ إلَخْ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى كُلٍّ الْأَوَّلِ أَوْ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى كُلٍّ الثَّانِي، وَالْمُرَادُ أَنَّ مِنْ الْوَاجِبَاتِ إتْيَانَ كُلِّ فَرْضٍ أَوْ وَاجِبٍ فِي مَحَلِّهِ، وَتَرْكُ تَكْرِيرِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَأَفَادَ هَذَا الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي آخِرِ الْوَاجِبَاتِ (قَوْلُهُ وَتَرْكُ تَكْرِيرِ كُلٍّ) هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَعَلِمْت الْمُرَادَ مِنْهُ. وَاَلَّذِي فِي عَامَّةِ النُّسَخِ: وَتَرْكُ كُلٍّ بِإِسْقَاطِ تَكْرِيرٍ. وَتَوْجِيهُهُ بِأَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ كَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ تَنْظِيرَ الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ يَسْجُدُ بِتَرْكِ آيَةٍ، وَالْمَعْنَى كَمَا يَسْجُدُ بِتَرْكِ كُلِّ تَكْبِيرَةِ عِيدٍ بِمُفْرَدِهَا، وَتَرْكِ كُلِّ تَعْدِيلِ رُكْنٍ بِمُفْرَدِهِ، وَتَرْكِ إتْيَانِ كُلٍّ مِنْ التَّكْبِيرَاتِ أَوْ التَّعْدِيلَاتِ جُمْلَةً، وَكَذَا بِتَرْكِ كُلِّ هَذِهِ الْمَذْكُورَةِ جُمْلَةً، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ تَعْدِلُ ثَلَاثًا قِصَارًا) أَيْ مِثْلُ - {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: ٢١]- إلَخْ وَهِيَ ثَلَاثُونَ حَرْفًا، فَلَوْ قَرَأَ آيَةً طَوِيلَةً قَدْرَ ثَلَاثِينَ حَرْفًا يَكُونُ قَدْ أَتَى بِقَدْرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي فَصْلِ يَجْهَرُ الْإِمَامُ أَنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ آيَةٌ وَأَنَّ الْآيَةَ عُرْفًا طَائِفَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ مُتَرْجَمَةٌ أَقَلُّهَا سِتَّةُ أَحْرُفٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا كَلَمْ يَلِدْ إلَّا إذَا كَانَتْ كَلِمَةً فَالْأَصَحُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ آيَةً طَوِيلَةً قَدْرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَرْفًا يَكُونُ قَدْ أَتَى بِقَدْرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمَشْرُوعَ ثَلَاثُ آيَاتٍ مُتَوَالِيَةٌ عَلَى النَّظْمِ الْقُرْآنِيِّ مِثْلَ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: ٢١] إلَخْ وَلَا يُوجَدُ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَةٌ أَقْصَرُ مِنْهَا، فَالْوَاجِبُ إمَّا هِيَ أَوْ مَا يَعْدِلُهَا مِنْ غَيْرِهَا لَا مَا يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ أَقْصَرِ آيَةٍ وُجِدَتْ فِي الْقُرْآنِ، وَلِذَا قَالَ تَعْدِلُ ثَلَاثًا قِصَارًا وَلَمْ يَقُلْ تَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ أَقْصَرِ آيَةٍ. عَلَى أَنَّ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ تَعْدِلُ أَقْصَرَ سُورَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَسَنَذْكُرُ فِي فَصْلِ الْجَهْرِ زِيَادَةً فِي هَذَا الْبَحْثِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ) أَيْ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَنْ الْمُنْيَةِ. وَعِبَارَتُهُ: وَإِنْ قَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ قِصَارًا أَوْ كَانَتْ الْآيَةُ أَوْ الْآيَتَانِ تَعْدِلُ ثَلَاثَ آيَاتٍ قِصَارٍ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْكَرَاهَةِ الْمَذْكُورَةِ يَعْنِي كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ. قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَنْ الْمُلْتَقَى: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُهِمٌّ فِيهِ يُسْرٌ عَظِيمٌ لِدَفْعِ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute