(فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْفَرْضِ) وَهَلْ يُكْرَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ؟ الْمُخْتَارُ لَا (وَ) فِي (جَمِيعِ) رَكَعَاتِ (النَّفْلِ) لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ (وَ) كُلُّ (الْوِتْرِ) احْتِيَاطًا وَتَعْيِينُ الْقِرَاءَةِ (فِي الْأُولَيَيْنِ) مِنْ الْفَرْضِ عَلَى الْمَذْهَبِ
(وَتَقْدِيمُ الْفَاتِحَةِ)
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: قَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الدُّرَرِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ: وَثَلَاثُ آيَاتٍ قِصَارٌ تَقُومُ مَقَامَ الصُّورَةِ وَكَذَا الْآيَةُ الطَّوِيلَةُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْفَيْضِ وَغَيْرِهِ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ قَرَأَ آيَةً طَوِيلَةً كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ أَوْ الْمُدَايَنَةِ الْبَعْضَ فِي رَكْعَةٍ وَالْبَعْضَ فِي رَكْعَةٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، قِيلَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَا قَرَأَ آيَةٌ تَامَّةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْآيَاتِ يَزِيدُ عَنْ ثَلَاثٍ قِصَارٍ أَوْ يَعْدِلُهَا فَلَا تَكُونُ قِرَاءَتُهُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ اهـ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ بَعْضَ الْآيَةِ كَالْآيَةِ فِي أَنَّهُ إذَا بَلَغَ قَدْرَ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ يَكْفِي (قَوْلُهُ فِي الْأُولَيَيْنِ) تَنَازَعَ فِيهِ قِرَاءَةٌ وَضَمٌّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَضَمُّ سُورَةٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْأُولَيَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُكْرَهُ) أَيْ ضَمُّ السُّورَةِ (قَوْلُهُ الْمُخْتَارُ لَا) أَيْ لَا يُكْرَهُ تَحْرِيمًا بَلْ تَنْزِيهًا لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ. قَالَ فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحِهَا: فَإِنْ ضَمَّ السُّورَةَ إلَى الْفَاتِحَةِ سَاهِيًا يَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِتَأْخِيرِ الرُّكُوعِ عَنْ مَحَلِّهِ وَفِي أَظْهَرِ الرِّوَايَاتِ لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا مَشْرُوعَةٌ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَاتِحَةِ مَسْنُونٌ لَا وَاجِبٌ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ فَخْرِ الْإِسْلَامِ أَنَّ السُّورَةَ مَشْرُوعَةٌ فِي الْأُخْرَيَيْنِ نَقْلًا. وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ. وَفِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ نَفْلًا الْجَوَازُ، وَالْمَشْرُوعِيَّةُ بِمَعْنَى عَدَمِ الْحُرْمَةِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا أَفَادَهُ فِي الْحِلْيَةِ. مَطْلَبٌ كُلُّ شَفْعٍ مِنْ النَّفْلِ صَلَاةٌ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ) كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخُرُوجِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ، فَإِذَا قَامَ إلَى شَفْعٍ آخَرَ كَانَ بَانِيًا صَلَاةً عَلَى تَحْرِيمَةِ صَلَاةٍ، وَمِنْ ثَمَّةَ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ نَوَى أَرْبَعًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِتَحْرِيمَتِهَا سِوَى الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَأَنَّ الْقِيَامَ إلَى الثَّالِثَةِ بِمَنْزِلَةِ تَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ، حَتَّى أَنَّ فَسَادَ الشَّفْعِ الثَّانِي لَا يُوجِبُ فَسَادَ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ، وَقَالُوا: يُسْتَحَبُّ الِاسْتِفْتَاحُ فِي الثَّالِثَةِ وَالتَّعَوُّذُ، وَتَمَامُهُ فِي الْحِلْيَةِ وَسَيَأْتِي أَيْضًا فِي بَابِ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ. قَالَ ح: وَلَا يُنَافِيهِ عَدَمُ افْتِرَاضِ الْقَعْدَةِ الْأُولَى فِيهِ الَّذِي هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْكُلَّ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَعْدَة كَمَا فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ فَرْضُهَا التَّحْرِيمَةُ (قَوْلُهُ احْتِيَاطًا) أَيْ لَمَّا ظَهَرَتْ آثَارُ السُّنِّيَّةِ فِيهِ، مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لَهُ وَلَا يُقَامُ، أَعْطَيْنَاهُ حُكْمَ السُّنَّةِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ احْتِيَاطًا ح (قَوْلُهُ وَتَعْيِينُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ) لَا يَتَكَرَّرُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ الْأُولَيَيْنِ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْقِرَاءَةُ وَلَوْ آيَةً فَتَعْيِينُ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا فِيهِمَا وَاجِبٌ وَضَمُّ السُّورَةِ مَعَ الْفَاتِحَةِ وَاجِبٌ آخَرُ ط.
(قَوْلُهُ مِنْ الْفَرْضِ) أَيْ الرُّبَاعِيِّ أَوْ الثُّلَاثِيِّ، وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْفَرْضِ الثُّنَائِيِّ كَالْفَجْرِ وَالْجُمُعَةِ وَمَقْصُورَةِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) اعْلَمْ أَنَّ فِي مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ الْمَفْرُوضَةِ فِي الْفَرْضِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ مَحَلَّهَا الرَّكْعَتَانِ الْأُولَيَانِ عَيْنًا وَصَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ. وَالثَّانِي أَنَّ مَحَلَّهَا رَكْعَتَانِ مِنْهَا غَيْرُ عَيْنٍ: أَيْ فَيَكُونُ تَعْيِينُهَا فِي الْأُولَيَيْنِ وَاجِبًا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. الثَّالِثُ أَنَّ تَعْيِينَهَا فِيهِمَا أَفْضَلُ، وَعَلَيْهِ مَشَى فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَقَطْ يَصِحُّ، وَيَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ لَوْ سَاهِيًا لَكِنَّ سَبَبَهُ عَلَى الْأَوَّلِ تَغْيِيرُ الْفَرْضِ عَنْ مَحَلِّهِ وَتَكُونُ قِرَاءَتُهُ قَضَاءً عَنْ قِرَاءَتِهِ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَسَبَبُهُ عَلَى الثَّانِي تَرْكُ الْوَاجِبِ وَتَكُونُ قِرَاءَتُهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ أَدَاءً كَذَا فِي نَوَافِلِ الْبَحْرِ وَفِيهِ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَتِهِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ: هَلْ هِيَ قَضَاءٌ أَوْ أَدَاءُ، فَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهَا أَدَاءٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْقِرَاءَةُ فِي رَكْعَتَيْنِ غَيْرُ عَيْنٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَنَّهَا قَضَاءٌ فِي الْأُخْرَيَيْنِ اسْتِدْلَالًا بِعَدَمِ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ الْإِمَامُ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَتْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ أَدَاءً لَجَازَ لِأَنَّهُ يَكُونُ اقْتِدَاءَ الْمُفْتَرِضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute