أَمَّا السَّهْوِيَّةُ فَتَرْفَعُ التَّشَهُّدَ لَا الْقَاعِدَةَ، حَتَّى لَوْ سَلَّمَ بِمُجَرَّدِ رَفْعِهِ مِنْهَا لَمْ تَفْسُدْ، بِخِلَافِ تِلْكَ السَّجْدَتَيْنِ.
(وَتَعْدِيلُ الْأَرْكَانِ) أَيْ تَسْكِينُ الْجَوَارِحِ قَدْرَ تَسْبِيحَةٍ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَكَذَا فِي الرَّفْعِ مِنْهُمَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْكَمَالُ،
ــ
[رد المحتار]
أَصْلًا. وَقَالَ الرَّحْمَتِيُّ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْقِرَاءَةِ الَّتِي هِيَ رُكْنٌ فَأَخَذَتْ حُكْمَ الْقِرَاءَةِ فَلَزِمَ تَأْخِيرُ الْقَعْدَةِ عَنْهَا (قَوْلُهُ أَمَّا السَّهْوِيَّةُ) أَيْ السَّجْدَةُ السَّهْوِيَّةُ، وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ لِأَنَّهَا سَجْدَتَانِ ط (قَوْلُهُ فَتَرْفَعُ التَّشَهُّدَ) أَيْ تُبْطِلُهُ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مِثْلُهَا فَتَجِبُ إعَادَتُهُ، وَإِنَّمَا لَا تَرْفَعُ الْقَعْدَةَ لِأَنَّهَا رُكْنٌ فَهِيَ أَقْوَى مِنْهَا (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ رَفْعِهِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ السَّهْوِيَّةِ بِلَا قُعُودٍ وَلَا تَشَهُّدٍ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ الرُّكْنَ لَمْ تَرْتَفِعْ فَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ تِلْكَ السَّجْدَتَيْنِ) أَيْ الصُّلْبِيَّةِ وَالتِّلَاوِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ سَلَّمَ بِمُجَرَّدِ رَفْعِهِ مِنْهُمَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِرَفْعِهِمَا الْقَعْدَةَ.
مَطْلَبٌ قَدْ يُشَارُ إلَى الْمُثَنَّى بِاسْمِ الْإِشَارَةِ الْمَوْضُوعِ لِلْمُفْرَدِ [تَنْبِيهٌ] قَدْ يُشَارُ إلَى الْمُثَنَّى بِاسْمِ الْإِشَارَةِ الْمَوْضُوعِ لِلْمُفْرَدِ كَمَا هُنَا وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى - {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة: ٦٨]- أَيْ بَيْنَ الْفَارِضِ وَالْبِكْرِ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
إنَّ لِلْخَيْرِ وَلِلشَّرِّ مَدًى ... وَكِلَا ذَلِكَ وَجْهٌ وَقُبُلْ
فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَتَعْدِيلُ الْأَرْكَانِ) هُوَ سُنَّةٌ عِنْدَهُمَا فِي تَخْرِيجِ الْجُرْجَانِيِّ، وَفِي تَخْرِيجِ الْكَرْخِيِّ، وَاجِبٌ حَتَّى تَجِبَ سَجْدَتَا السَّهْوِ بِتَرْكِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَجَزَمَ بِالثَّانِي فِي الْكَنْزِ وَالْوِقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى، وَهُوَ مُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ كَمَا يَأْتِي قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَبِهَذَا يُضَعَّفُ قَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الرَّفْعِ مِنْهُمَا) أَيْ يَجِبُ التَّعْدِيلُ أَيْضًا فِي الْقَوْمَةِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالْجَلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَتَضَمَّنَ كَلَامُهُ وُجُوبَ نَفْسِ الْقَوْمَةِ وَالْجَلْسَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ التَّعْدِيلِ فِيهِمَا وُجُوبُهُمَا (قَوْلُهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْكَمَالُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمُقْتَضَى الدَّلِيلِ وُجُوبُ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ أَيْ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي الْقَوْمَةِ وَالْجَلْسَةِ، وَوُجُوبُ نَفْسِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِلْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَلِلْأَمْرِ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، وَلِمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ مِنْ لُزُومِ سُجُودِ السَّهْوِ بِتَرْكِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ سَاهِيًا وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَيَكُونُ حُكْمُ الْجَلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْكُلِّ هُوَ مُخْتَارُ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ وَتِلْمِيذِهِ ابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ، حَتَّى قَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. اهـ. مَطْلَبٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْ الدِّرَايَةِ إذَا وَافَقَتْهَا رِوَايَةٌ
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِل عَنْ الدِّرَايَةِ أَيْ الدَّلِيلِ إذَا وَافَقَتْهَا رِوَايَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَمِثْلُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَقَدْ شَدَّدَ الْقَاضِي الصَّدْرُ فِي شَرْحِهِ فِي تَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ جَمِيعِهَا تَشْدِيدًا بَلِيغًا فَقَالَ: وَإِكْمَالُ كُلِّ رُكْنٍ وَاجِبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ فَرِيضَةٌ، فَيَمْكُثُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي الْقَوْمَةِ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَطْمَئِنَّ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ، هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْهَا سَاهِيًا يَلْزَمُهُ السَّهْوُ وَلَوْ عَمْدًا يُكْرَهُ أَشَدَّ الْكَرَاهَةِ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ وَتَكُونَ مُعْتَبَرَةً فِي حَقِّ سُقُوطِ التَّرْتِيبِ وَنَحْوِهِ كَمَنْ طَافَ جُنُبًا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْأَوَّلُ كَذَا هَذَا. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصَحَّ رِوَايَةً وَدِرَايَةً وُجُوبُ تَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ، وَأَمَّا الْقَوْمَةُ وَالْجَلْسَةُ وَتَعْدِيلُهُمَا فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ السُّنِّيَّةُ، وَرُوِيَ وُجُوبُهَا، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَدِلَّةِ، وَعَلَيْهِ الْكَمَالُ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَدْ عَلِمْت قَوْلَ تِلْمِيذِهِ إنَّهُ الصَّوَابُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ بِفَرْضِيَّةِ الْكُلِّ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَالْعَيْنِيِّ وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute