لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ لَوْ اسْتَخْلَفَ مُسَافِرٌ سَبَقَهُ الْحَدَثُ مُقِيمًا فَإِنَّ الْقُعُودَ الْأَوَّلَ فَرْضٌ عَلَيْهِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ عَارِضٌ
(وَالتَّشَهُّدَانِ) وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بِتَرْكِ بَعْضِهِ كَكُلِّهِ وَكَذَا فِي كُلِّ قَعْدَةٍ فِي الْأَصَحِّ إذْ قَدْ يَتَكَرَّرُ عَشْرًا؛ كَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي تَشَهُّدَيْ الْمَغْرِبِ وَعَلَيْهِ سَهْوٌ فَسَجَدَ مَعَهُ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ تَذَكَّرَ سُجُودَ تِلَاوَةٍ فَسَجَدَ مَعَهُ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَتَشَهَّدَ مَعَهُ ثُمَّ قَضَى الرَّكْعَتَيْنِ بِتَشَهُّدَيْنِ وَوَقَعَ لَهُ كَذَلِكَ.
قُلْت: وَمِثْلُ التِّلَاوَةِ تَذَكُّرُ الصُّلْبِيَّةِ؛ فَلَوْ فَرَضْنَا تَذَكُّرَهَا أَيْضًا لَهُمَا زِيدَ أَرْبَعٌ
ــ
[رد المحتار]
مِنْ أَنَّهُ يَرْفَعُ التَّشَهُّدَ لَا الْقَعْدَةَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّشَهُّدَ يَسْتَلْزِمُ الْقَعْدَةَ فَهِيَ وَاجِبَةٌ ح (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ عَارِضٌ) أَيْ بِسَبَبِ الِاسْتِخْلَافِ، فَإِنَّ الْمُسَافِرَ يُفْتَرَضُ قُعُودُهُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ آخِرُ صَلَاتِهِ وَالْمُقِيمُ بِالِاسْتِخْلَافِ قَامَ مَقَامَهُ فَتُفْرَضُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْقَعْدَةُ كَالْقَعْدَةِ الثَّانِيَةِ، قِيلَ وَيُجَابُ بِهَذَا أَيْضًا عَنْ الْمَسْبُوقِ، كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي ثَانِيَةِ الْمَغْرِبِ فَإِنَّ الْقُعُودَ الثَّانِيَ مِمَّا عَدَا الْأَخِيرَ فَرْضٌ عَلَيْهِ بِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ قُعُودَ الْإِمَامِ الْأَخِيرَ يُفْتَرَضُ عَلَى الْمَسْبُوقِ بِمُتَابَعَتِهِ لِإِمَامِهِ فَهُوَ عَارِضٌ بِالِاقْتِدَاءِ. وَأَقُولُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ مِنْ قَوْلِهِمَا أَرَادَ بِالْأَوَّلِ مَا لَيْسَ بِآخِرٍ إذْ الْمَسْبُوقُ بِثَلَاثٍ فِي الرُّبَاعِيَّةِ يَقْعُدُ ثَلَاثَ قَعَدَاتٍ وَالْوَاجِبُ مِنْهَا مَا عَدَا الْأَخِيرَةَ اهـ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْإِمَامَةِ مِنْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَوْ قَامَ قَبْلَ السَّلَامِ قَبْلَ قُعُودِ إمَامِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، فَإِنْ قَرَأَ فِي قِيَامِهِ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَسَيَأْتِي تَمَامُ بَيَانِهِ، فَلَوْ كَانَ الْقُعُودُ فَرْضًا عَلَيْهِ لَمَا صَحَّ هَذَا التَّفْصِيلُ وَلَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ وَالتَّشَهُّدَانِ) أَيْ تَشَهُّدُ الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَتَشَهُّدُ الْأَخِيرَةِ وَالتَّشَهُّدُ الْمَرْوِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا يَجِبُ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَرْوِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ بِتَرْكِ بَعْضِهِ كَكُلِّهِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: مِنْ بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ فَإِنَّهُ يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهِ وَلَوْ قَلِيلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَاحِدٌ مَنْظُومٌ، فَتَرْكُ بَعْضِهِ كَتَرْكِ كُلِّهِ اهـ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي كُلِّ قَعْدَةٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى التَّوَرُّكِ عَلَى الْمَتْنِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالتَّثْنِيَةِ، إذْ لَوْ أُفْرِدَ لَكَانَ اسْمَ جِنْسٍ شَامِلًا لِكُلِّ تَشَهُّدٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْبَحْرِ ح.
(قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ مَا قِيلَ إنَّهُ فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ فِي تَشَهُّدَيْ الْمَغْرِبِ) أَيْ اقْتَدَى بِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مِنْ تَشَهُّدَيْ الْمَغْرِبِ فَيَكُونُ قَدْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ فَسَجَدَ أَيْ الْمَأْمُومُ مَعَهُ أَيْ مَعَ الْإِمَامِ لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ عَلَيْهِ وَتَشَهَّدَ أَيْ الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ لِأَنَّ سُجُودِ السَّهْوِ يَرْفَعُ التَّشَهُّدَ ثُمَّ تَذَكَّرَ: أَيْ الْإِمَامُ سُجُودَ تِلَاوَةٍ فَسَجَدَ أَيْ الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ لِأَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ يَرْفَعُ الْقَعْدَةَ ثُمَّ سَجَدَ أَيْ الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ لِلسَّهْوِ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ إلَّا إذَا وَقَعَ خَاتِمًا لِأَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَتَشَهَّدَ أَيْ الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يَرْفَعُ التَّشَهُّدَ ثُمَّ قَضَى أَيْ الْمَأْمُومُ الرَّكْعَتَيْنِ بِتَشَهُّدَيْنِ، لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَقْضِي آخِرَ صَلَاتِهِ مِنْ حَيْثُ الْأَفْعَالُ، فَمِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ مَا صَلَّاهُ مَعَ الْإِمَامِ آخِرُ صَلَاتِهِ، فَإِذَا أَتَى بِرَكْعَةٍ مِمَّا عَلَيْهِ كَانَتْ ثَانِيَةَ صَلَاتِهِ فَيَقْعُدُ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيَقْعُدُ. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَوَقَعَ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُومِ كَذَلِكَ أَيْ مِثْلُ مَا وَقَعَ لِلْإِمَامِ بِأَنْ سَهَا فِيمَا يَقْضِيهِ فَسَجَدَ لَهُ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ تَذَكَّرَ سُجُودَ تِلَاوَةٍ فَسَجَدَهُ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَتَشَهَّدَ لِمَا ذَكَرْنَا ح.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُ التِّلَاوِيَّةِ تَذَكُّرُ الصُّلْبِيَّةِ) أَيْ فِي إبْطَالِ الْقَعْدَةِ قَبْلَهَا وَإِعَادَةِ سُجُودِ السَّهْوِ ط (قَوْلُهُ لَهُمَا) أَيْ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ زِيدَ أَرْبَعٌ) وَذَلِكَ بِأَنْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ الصُّلْبِيَّةَ بَعْدَ الْقَعْدَةِ الْخَامِسَةِ فَسَجَدَهَا الْمَأْمُومُ مَعَهُ وَتَشَهَّدَ لِارْتِفَاعِ الْقَعْدَةِ ثُمَّ سَجَدَ مَعَهُ لِلسَّهْوِ وَتَشَهَّدَ لِمَا قَدَّمْنَا، وَوَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ لِلْمَأْمُومِ فَتَصِيرُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ قَعْدَةً، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَرَاخَى تَذَكُّرُ الصُّلْبِيَّةِ عَنْ التِّلَاوِيَّةِ كَمَا هُوَ الْمَفْرُوضُ، أَوْ بِالْعَكْسِ بِأَنْ تَرَاخَى تَذَكُّرُ التِّلَاوِيَّةِ عَنْ الصُّلْبِيَّةِ؛ وَأَمَّا إذَا تَذَكَّرَهُمَا مَعًا؛ فَإِمَّا أَنْ يَتَذَكَّرَ قَبْلَ الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ تَشَهُّدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute