للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[رد المحتار]

فِي وَاجِبٍ فِعْلِيٍّ كَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ، بِخِلَافِ الْقُنُوتِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ فِعْلِهِمَا الْمُخَالَفَةُ فِي الْفِعْلِ وَهُوَ الْقِيَامُ مَعَ رُكُوعِ الْإِمَامِ. اهـ.

فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُتَابَعَةَ لَيْسَتْ فَرْضًا، بَلْ تَكُونُ وَاجِبَةً فِي الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ الْفِعْلِيَّةِ، وَتَكُونُ سُنَّةً فِي السُّنَنِ وَكَذَا فِي غَيْرِهَا عِنْدَ مُعَارَضَةِ سُنَّةٍ، وَتَكُونُ خِلَافُ الْأَوْلَى إذَا عَارَضَهَا وَاجِبٌ آخَرُ أَوْ كَانَتْ فِي تَرْكٍ لَا يَلْزَمُ مِنْ فِعْلِهِ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ فِي وَاجِبٍ فِعْلِيٍّ كَرَفْعِ الْيَدَيْنِ لِلتَّحْرِيمَةِ وَنَظَائِرِهِ، وَتَكُونُ غَيْرَ جَائِزَةٍ إذَا كَانَتْ فِي فِعْلِ بِدْعَةٍ أَوْ مَنْسُوخٍ أَوْ مَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالصَّلَاةِ أَوْ فِي تَرْكِ مَا يَلْزَمُ مِنْ فِعْلِهِ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ فِي وَاجِبٍ فِعْلِيٍّ

وَيُشْكَلُ عَلَى هَذَا مَا فِي شَرْحِ الْقُهُسْتَانِيِّ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ الْكَيْدَانِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ إنَّ الْمُتَابَعَةَ فَرْضٌ كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَأَنَّهَا شَرْطٌ فِي الْأَفْعَالِ دُونَ الْأَذْكَارِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ اهـ وَكَذَا مَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ لَوْ قَامَ سَاهِيًا فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى يَعُودُ وَيَقْعُدُ لِأَنَّ الْقُعُودَ فَرْضٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْمُتَابَعَةِ، حَتَّى قَالَ فِي الْبَحْرِ: ظَاهِرَةٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعُدْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَرْكِ الْفَرْضِ. وَقَالَ فِي النَّهْرِ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْوَاجِبِ فَرْضٌ فِي الْفَرْضِ. اهـ.

أَقُولُ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْفَرْضِ الْوَاجِبَ، وَكَوْنُ الْمُتَابَعَةِ فَرْضًا لَا يَصِحُّ عَلَى إطْلَاقِهِ، لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَوْ قَامَ قَبْلَ قُعُودِ إمَامِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ تَصِحُّ صَلَاتُهُ إنْ قَرَأَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ بَعْدَ قُعُودِ الْإِمَامِ قَدْرِ التَّشَهُّدِ وَإِلَّا لَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ، فَلَوْ كَانَتْ الْمُتَابَعَةُ فَرْضًا فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا، نَعَمْ تَكُونُ الْمُتَابَعَةُ فَرْضًا؛ بِمَعْنَى أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَرْضِ مَعَ إمَامِهِ أَوْ بَعْدَهُ، كَمَا لَوْ رَكَعَ إمَامُهُ فَرَكَعَ مَعَهُ مُقَارِنًا أَوْ مُعَاقِبًا وَشَارَكَهُ فِيهِ أَوْ بَعْدَ مَا رَفَعَ مِنْهُ، فَلَوْ لَمْ يَرْكَعْ أَصْلًا أَوْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ إمَامُهُ وَلَمْ يُعِدْهُ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي ذَاتِهَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: مُقَارِنَةٌ لِفِعْلِ الْإِمَامِ مِثْلَ أَنْ يُقَارِنَ إحْرَامُهُ لِإِحْرَامِ إمَامِهِ وَرُكُوعُهُ لِرُكُوعِهِ وَسَلَامُهُ لِسَلَامِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا مَا لَوْ رَكَعَ قَبْلَ إمَامِهِ وَدَامَ حَتَّى أَدْرَكَهُ إمَامُهُ فِيهِ. وَمُعَاقَبَةً لِابْتِدَاءِ فِعْلِ إمَامِهِ مَعَ الْمُشَارَكَةِ فِي بَاقِيهِ. وَمُتَرَاخِيَةٌ عَنْهُ، فَمُطْلَقُ الْمُتَابَعَةِ الشَّامِلُ لِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ يَكُونُ فَرْضًا فِي الْفَرْضِ، وَوَاجِبًا فِي الْوَاجِبِ، وَسُنَّةً فِي السُّنَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ أَوْ عَدَمِ لُزُومِ الْمُخَالَفَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَلَا يُشْكِلُ مَسْأَلَةُ الْمَسْبُوقِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا لَكِنَّهُ يَأْتِي بِهَا فِي آخِرِ صَلَاتِهِ الَّتِي يَقْضِيهَا بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ، فَقَدْ وُجِدَتْ الْمُتَابَعَةُ الْمُتَرَاخِيَةُ فَلِذَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَالْمُتَابَعَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِعَدَمِ التَّأْخِيرِ وَالتَّرَاخِي الشَّامِلَةُ لِلْمُقَارَنَةِ وَالْمُعَاقَبَةِ لَا تَكُونُ فَرْضًا بَلْ تَكُونُ وَاجِبَةً فِي الْوَاجِبِ وَسُنَّةً فِي السُّنَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارَضَةِ وَعَدَمِ لُزُومِ الْمُخَالَفَةِ أَيْضًا، وَالْمُتَابَعَةُ الْمُقَارِنَةُ بِلَا تَعْقِيبٍ وَلَا تَرَاخٍ سُنَّةٌ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا، وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُقَدِّمَةِ الْكَيْدَانِيَّةِ حَيْثُ ذَكَرَ الْمُتَابَعَةَ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي السُّنَنِ، وَمُرَادُهُ بِالثَّانِيَةِ الْمُقَارِنَةُ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي شَرْحِهَا.

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُتَابَعَةَ فَرْضٌ أَوْ شَرْطٌ كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ أَرَادَ بِهِ مُطْلَقًا بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَمَنْ قَالَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَغَيْرِهِ أَرَادَ بِهِ الْمُقَيَّدَةَ بِعَدَمِ التَّأْخِيرِ، وَمَنْ قَالَ إنَّهَا سُنَّةٌ أَرَادَ بِهِ الْمُقَارِنَةَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى تَوْفِيقِهِ، وَأَسْأَلُهُ هِدَايَةَ طَرِيقِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>