يَعْنِي فِي الْمُجْتَهَدِ فِيهِ لَا فِي الْمَقْطُوعِ بِنَسْخِهِ أَوْ بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ كَقُنُوتِ فَجْرٍ
وَإِنَّمَا تَفْسُدُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي الْفُرُوضِ كَمَا بَسَطْنَاهُ فِي الْخَزَائِنِ. قُلْت: فَبَلَغَتْ أُصُولُهَا
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبُ الْمُرَادِ بِالْمُجْتَهَدِ فِيهِ
(قَوْلُهُ يَعْنِي فِي الْمُجْتَهَدِ فِيهِ) الْمُرَادُ بِالْمُجْتَهِدِ فِيهِ مَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى دَلِيلٍ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا بِحَيْثُ يُسَوَّغُ لِلْمُجْتَهِدِ بِسَبَبِهِ مُخَالَفَةُ غَيْرِهِ، حَتَّى لَوْ كَانَ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحَكَمِ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ نَفَذَ حُكْمُهُ، وَإِذَا رَفَعَ حُكْمَهُ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ لَا يَرَاهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إمْضَاؤُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ كَحِلِّ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا أَوْ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ كَالِاكْتِفَاءِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَجِيءُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى مُجْتَهَدًا فِيهِ، حَتَّى إذَا رَفَعَ حُكْمَهُ إلَى مَنْ لَا يَرَاهُ يَنْقُضُهُ وَلَا يُمْضِيهِ. وَأَفَادَ وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى وَعَدَمُ جَوَازِهَا فِيمَا كَانَ بِدْعَةً أَوْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالصَّلَاةِ كَمَا لَوْ زَادَ سَجْدَةً أَوْ قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ سَاهِيًا كَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ. وَمِثَالُ مَا تَجِبُ فِيهِ الْمُتَابَعَةُ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ مَا ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي شَرْحِ الْكَيْدَانِيَّةِ عَنْ الْجُلَابِيِّ بِقَوْلِهِ كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَسَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ وَالْقُنُوتِ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي الْوِتْرِ. اهـ.
وَالْمُرَادُ بِتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِمَّا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ؛ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ يَرَاهَا خَمْسًا مَثَلًا كَشَافِعِيٍّ، وَمَثَّلَ لِمَا لَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ فِي شَرْحِ الْكَيْدَانِيَّةِ عَنْ الْجُلَابِيِّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: كَالْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ وَالتَّكْبِيرِ الْخَامِسِ فِي الْجِنَازَةِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ وَتَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ، قَالَ فَالْمُتَابَعَةُ فِيهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ اهـ لَكِنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ قَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا كَأَئِمَّةِ بَلْخٍ، فَكَوْنُهُ مِمَّا لَا يُسَوَّغُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَلِهَذَا قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ فِي بَابِ الْجِنَازَةِ: إنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا: أَيْ مِمَّا قَالَهُ أَئِمَّةُ بَلْخٍ أَنَّ الْأَوْلَى مُتَابَعَةُ الْحَنَفِيِّ لِلشَّافِعِيِّ بِالرَّفْعِ إذَا اقْتَدَى بِهِ، وَلَمْ أَرَهُ. اهـ.
أَيْ فَإِنَّ اخْتِلَافَ أَئِمَّتِنَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ فَتَأَمَّلْ، وَقَالَ الْأَوْلَى وَلَمْ يَقُلْ يَجِبُ لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي الْوَاجِبِ أَوْ الْفَرْضِ وَهَذَا الرَّفْعُ غَيْرُ وَاجِبٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ لَا فِي الْمَقْطُوعِ بِنَسْخِهِ) كَمَا لَوْ كَبَّرَ فِي الْجِنَازَةِ خَمْسًا، فَإِنَّ الْآثَارَ اخْتَلَفَتْ فِي فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَوَى الْخَمْسَ وَالسَّبْعَ وَالتِّسْعَ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إلَّا أَنَّ آخِرَ فِعْلِهِ كَانَ أَرْبَعًا، فَكَانَ نَاسِخًا لِمَا قَبْلَهُ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ كَقُنُوتِ فَجْرٍ) فَإِنَّهُ إمَّا مَقْطُوعٌ بِنَسْخِهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ كَانَ سُنَّةً أَوْ بَعْدَ سُنِّيَّتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ كَانَ دُعَاءً عَلَى قَوْمٍ شَهْرًا كَمَا فِي الْفَتْحِ مِنْ النَّوَافِلِ، فَهُوَ مِثَالٌ لِلْمَقْطُوعِ بِنَسْخِهِ أَوْ بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ ح
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَفْسُدُ) أَيْ الصَّلَاةُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي الْفُرُوضِ الْمُرَادُ بِالْمُخَالَفَةِ هُنَا عَدَمُ الْمُتَابَعَةِ أَصْلًا بِأَنْوَاعِهَا الثَّلَاثِ الْمَارَّةِ، وَالْفَسَادُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ بِتَرْكِ الْفَرْضِ لَا بِتَرْكِ الْمُتَابَعَةِ، لَكِنْ أُسْنِدَ إلَيْهَا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهَا تَرْكُهُ، وَخَصَّ الْفَرْضَ لِأَنَّهُ لَا فَسَادَ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ أَوْ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ فِي الْخَزَائِنِ) وَنَصُّهُ: وُجُوبُ الْمُتَابَعَةِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ هِيَ تَارَةً تُفْرَضُ وَتَارَةً تَجِبُ وَتَارَةً لَا تَجِبُ، فَفِي وِتْرِ الْفَتْحِ إنَّمَا تَجِبُ الْمُتَابَعَةُ فِي الْفِعْلِ الْمُجْتَهَدِ فِيهِ لَا فِي الْمَقْطُوعِ بِنَسْخِهِ أَوْ بِعَدَمِ كَوْنِهِ سُنَّةً مِنْ الْأَصْلِ كَقُنُوتِ الْفَجْرِ. وَفِي الْعِنَايَةِ إنَّمَا يَتَّبِعُهُ فِي الْمَشْرُوعِ دُونَ غَيْرِهِ. وَفِي الْبَحْرِ: الْمُخَالَفَةُ فِيمَا هُوَ مِنْ الْأَرْكَانِ أَوْ الشَّرَائِطُ مُفْسِدَةٌ لَا فِي غَيْرِهَا. اهـ. مَطْلَبُ سُنَنِ الصَّلَاةِ
(قَوْلُهُ قُلْت فَبَلَغَتْ أُصُولَهَا إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا زَادَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي الْفَاتِحَةِ سِتَّ آيَاتٍ، وَقَدْ عَدَّهَا فِي الْمَتْنِ وَاجِبًا وَاحِدًا، وَكَذَا تَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ سِتٌّ وَعَدَّهَا وَاحِدًا فَيُزَادُ عَلَيْهِ عَشْرَةٌ، وَتَعْدِيلُ الْأَرْكَانِ عَدَّهُ وَاحِدًا وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَيُزَادُ ثَلَاثَةً فَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَالرَّابِعَ عَشَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute