للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ وَاحِدَةً نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ، وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ (كَمَا يُكْرَهُ تَنْزِيهًا بِكَوْرِ عِمَامَتِهِ) إلَّا بِعُذْرٍ (وَإِنْ صَحَّ) عِنْدَنَا (بِشَرْطِ كَوْنِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ) كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا كَمَا مَرَّ.

(أَمَّا إذَا كَانَ) الْكَوْرُ (عَلَى رَأْسِهِ فَقَطْ وَسَجَدَ عَلَيْهِ مُقْتَصِرًا) أَيْ وَلَمْ تُصِبْ الْأَرْضُ جَبْهَتَهُ وَلَا أَنْفَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ (لَا) يَصِحُّ لِعَدَمِ السُّجُودِ عَلَى مَحَلِّهِ وَبِشَرْطِ طَهَارَةِ الْمَكَانِ وَأَنْ يَجِدَ حَجْمَ الْأَرْضِ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ:

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي الْبَحْرِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ وَضْعَهُمَا فَرْضٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ اعْتِمَادُ الْفَرْضِيَّةِ وَالْأَرْجَحُ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَالْقَوَاعِدُ عَدَمُ الْفَرْضِيَّةِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَالدُّرَرِ: إنَّهُ الْحَقُّ. ثُمَّ الْأَوْجَهُ حَمْلُ عَدَمِ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى الْوُجُوبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَاحِدَةً) صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَيْضِ (قَوْلُهُ نَحْوُ الْقِبْلَةِ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالْمُرَادُ بِوَضْعِ الْقَدَمِ هُنَا وَضْعُ الْأَصَابِعِ أَوْ جُزْءٍ مِنْ الْقَدَمِ وَإِنْ وَضَعَ أُصْبُعًا وَاحِدَةً أَوْ ظَهْرَ الْقَدَمِ بِلَا أَصَابِعَ، إنْ وَضَعَ مَعَ ذَلِكَ إحْدَى قَدَمَيْهِ صَحَّ وَإِلَّا لَا. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ: وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَضْعِ الْأَصَابِعِ تَوْجِيهُهَا نَحْوَ الْقِبْلَةِ لِيَكُونَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَهُوَ وَضْعُ ظَهْرِ الْقَدَمِ، وَقَدْ جَعَلُوهُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ، وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ التَّنَبُّهُ لَهُ، فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ عَنْهُ غَافِلُونَ. اهـ.

أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ قَالَ فِي الْفَيْضِ: وَلَوْ وَضَعَ ظَهْرَ الْقَدَمِ دُونَ الْأَصَابِعِ، بِأَنْ كَانَ الْمَكَانُ ضَيِّقًا أَوْ وَضَعَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى لِضِيقِهِ جَازَ كَمَا لَوْ قَامَ عَلَى قَدَمٍ وَاحِدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَكَانُ ضَيِّقًا يُكْرَهُ. اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي اعْتِبَارِ وَضْعِ ظَاهِرِ الْقَدَمِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْكَرَاهَةِ بِلَا عُذْرٍ، لَكِنْ رَأَيْت فِي الْخُلَاصَةِ إنْ وَضَعَ إحْدَاهُمَا بِإِنْ الشَّرْطِيَّةِ بَدَلَ أَوْ الْعَاطِفَةِ. اهـ. لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي اشْتِرَاطِ تَوْجِيهِ الْأَصَابِعِ، بَلْ الْمُصَرَّحُ بِهِ أَنَّ تَوْجِيهَهَا نَحْوَ الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ يُكْرَهُ تَرْكُهَا، كَمَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ عِنْدَ تَعَرُّضِ الْمُصَنِّفِ لَهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ تَنْزِيهًا) لَمَّا كَانَ فِي الْمَتْنِ اشْتِبَاهٌ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْكَرَاهَةَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا. وَفِي السُّجُودِ عَلَى الْكَوْرِ وَاحِدَةً، وَهِيَ فِي الْأُولَى تَحْرِيمِيَّةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ تَنْزِيهِيَّةٌ، أَشَارَ إلَى تَوْضِيحِهِ، وَقَدْ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ ط (قَوْلُهُ بِكَوْرِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى كَمَا فِي أَبِي السُّعُودِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. وَاَلَّذِي فِي الشبراملسي عَلَى الْمَوَاهِبِ عَنْ عِصَامٍ أَنَّهُ بِالضَّمِّ، وَبِالْفَتْحِ شَاذٌّ، وَهُوَ دَوْرُ الْعِمَامَةِ ط (قَوْلُهُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ) أَيْ كَوْنِ الْكَوْرِ الَّذِي سَجَدَ عَلَيْهِ عَلَى الْجَبْهَةِ لَا فَوْقَهَا. وَلَمَّا كَانَ الْكَوْرُ مُفْرَدًا مُضَافًا يُعَمُّ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعِمَامَةُ ذَاتَ أَكْوَارٍ: كَوْرٌ مِنْهَا عَلَى الْجَبْهَةِ، وَكَوْرٌ مِنْهَا أَرْفَعُ مِنْهُ عَلَى الرَّأْسِ، وَهَكَذَا إنَّهُ يَصِحُّ السُّجُودُ عَلَى أَيِّ كَوْرٍ مِنْهَا نَبَّهَ عَلَى دَفْعِهِ بِقَوْلِهِ بِشَرْطِ إلَخْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَيِّ دَوْرٍ مِنْ أَدْوَارِهَا نَزَلَ عَلَى جَبْهَتِهِ، لَا جُمْلَتِهَا كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ. اهـ.، فَقَوْلُهُ لَا جُمْلَتَهَا مَعْنَاهُ مَا قُلْنَاهُ.

وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى الْجَبْهَةِ أَكْثَرُ مِنْ كَوْرٍ وَاحِدٍ لَا يَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ وِجْدَانُ الْحَجْمِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْرٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَوَهَّمُهُ أَحَدٌ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مَا قُلْنَاهُ آخِرَ عِبَارَتِهِ حَيْثُ قَالَ قَدْ نَبَّهْنَا بِمَا ذَكَرْنَا تَنْبِيهًا حَسَنًا، وَهُوَ أَنَّ صِحَّةَ السُّجُودِ عَلَى الْكَوْرِ إذَا كَانَ عَلَى الْجَبْهَةِ أَوْ بَعْضِهَا، أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الرَّأْسِ فَقَطْ وَسَجَدَ عَلَيْهِ وَلَمْ تُصِبْ جَبْهَتُهُ الْأَرْضَ عَلَى الْقَوْلِ بِتَعْيِينِهَا وَلَا أَنْفُهُ عَلَى مُقَابِلِهِ لَا تَصِحُّ. اهـ. فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قَوْلُهُ وَقِيلَ فَرْضٌ كَبَعْضِهَا وَإِنْ قَلَّ ح (قَوْلُهُ أَيْ وَلَمْ تُصِبْ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ مُقْتَصِرًا ط (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ) أَيْ بِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَنْفِ (قَوْلُهُ عَلَى مَحَلِّهِ) أَيْ مَحَلِّ السُّجُودِ الَّذِي هُوَ الْجَبْهَةُ وَالْأَنْفُ (قَوْلُهُ وَبِشَرْطٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَجِدَ حَجْمَ الْأَرْضِ) تَفْسِيرُهُ أَنَّ السَّاجِدَ لَوْ بَالَغَ لَا يَتَسَفَّلُ رَأْسَهُ أَبْلَغَ مِنْ ذَلِكَ، فَصَحَّ عَلَى طُنْفُسَةٍ وَحَصِيرٍ وَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسَرِيرٍ وَعَجَلَةٍ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْأَرْضِ لَا عَلَى ظَهْرِ حَيَوَانٍ كَبِسَاطٍ مَشْدُودٍ بَيْنَ أَشْجَارٍ، وَلَا عَلَى أُرْزٍ أَوْ ذُرَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>