للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ سَجَدَ عَلَى كُمِّهِ أَوْ فَاضِلِ ثَوْبِهِ صَحَّ لَوْ الْمَكَانُ) الْمَبْسُوطُ عَلَيْهِ ذَلِكَ (طَاهِرًا) وَإِلَّا لَا، مَا لَمْ يُعِدْ سُجُودَهُ عَلَى طَاهِرٍ فَيَصِحُّ اتِّفَاقًا وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مُتَّصِلٍ وَلَوْ بَعْضَهُ

ــ

[رد المحتار]

إلَّا فِي جَوَالِقَ أَوْ ثَلْجٍ إنْ لَمْ يُلَبِّدْهُ وَكَانَ يَغِيبُ فِيهِ وَجْهُهُ وَلَا يَجِدُ حَجْمُهُ، أَوْ حَشِيشٍ إلَّا إنْ وَجَدَ حَجْمَهُ، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ الْجَوَازُ عَلَى الطُّرَّاحَةِ الْقُطْنِ، فَإِنْ وَجَدَ الْحَجْمَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ) أَيْ عَنْ اشْتِرَاطِ وُجُودِ الْحَجْمِ فِي السُّجُودِ عَلَى نَحْوِ الْكَوْرِ وَالطَّرَّاحَةِ، كَمَا يَغْفُلُونَ عَنْ اشْتِرَاطِ السُّجُودِ عَلَى الْجَبْهَةِ فِي كَوْرِ الْعِمَامَةِ.

(قَوْلُهُ صَحَّ) أَيْ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْكُمِّ تَبَعًا لِلْمُصَلِّي يَقْتَضِي عَدَمَ اعْتِبَارِهِ حَائِلًا فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ سَجَدَ بِلَا حَائِلٍ. وَلَا يَجُوزُ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِكُمِّهِ كَمَا لَا يَجُوزُ بِكَفِّهِ (قَوْلُهُ الْمَبْسُوطُ عَلَيْهِ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ إلَى الْكُمِّ أَوْ فَاضِلِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَاهِرًا فَلَا يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَ الْمَرْغِينَانِيُّ صَحَّحَ الْجَوَازَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ اتِّفَاقًا) أَيْ إنْ أَعَادَ سُجُودَهُ عَلَى طَاهِرٍ صَحَّ اتِّفَاقًا، وَلَمْ أَرَ نَقْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِهَا، وَإِنَّمَا رَأَيْت فِي السِّرَاجِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا حَيْثُ قَالَ: إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ؛ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَجُوزُ لِأَنَّ السُّجُودَ رُكْنٌ كَالْقِيَامِ وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ لِأَنَّ وَضْعَ الْجَبْهَةِ عِنْدَهُمْ فَرْضٌ وَالْجَبْهَةُ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ، فَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَجُزْ، وَإِنْ أَعَادَ تِلْكَ السَّجْدَةَ عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ جَازَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ. وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِاسْتِئْنَافِ الصَّلَاةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَهُ فِي السُّجُودِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى طَرَفِ أَنْفِهِ وَذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ اهـ. فَقَوْلُهُ وَإِنْ أَعَادَ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ هَذَا فِي السُّجُودِ عَلَى النَّجِسِ بِلَا حَائِلٍ، لَكِنْ فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحِهَا مَا يُخَالِفُهُ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ نَجِسٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ أَعَادَ سُجُودَهُ عَلَى طَاهِرٍ أَوْ لَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ أَعَادَهُ عَلَى طَاهِرٍ لَا تَفْسُدُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِالسُّجُودِ عَلَى النَّجِسِ تَفْسُدُ السَّجْدَةُ لَا الصَّلَاةُ عِنْدَهُ. وَعِنْدَهُمَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ لِفَسَادِ جُزْئِهَا وَكَوْنُهُ لَا تُجْزِئُ. اهـ. مُلَخَّصًا. وَفِي إمْدَادِ الْفَتَّاحِ: لَا يَصِحُّ لَوْ أَعَادَهُ عَلَى طَاهِرٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْجَوَازُ. اهـ. وَالْخِلَافُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمَجْمَعِ وَالْمَنْظُومَةِ وَالْكَافِي وَالدُّرَرِ وَالْمَوَاهِبِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا فِي بَحْثِ النَّهْيِ مِنْ كُتُبِ الْأُصُولِ كَالْمَنَارِ وَالتَّحْرِيرِ وَأُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ فَقَدْ عَزَاهُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ إلَى شَرْحِ الْقُدُورِيِّ عَلَى مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ، وَعَزَاهُ فِي الْحِلْيَةِ إلَى الزَّاهِدِيِّ وَالْمُحِيطِ عَنْ النَّوَادِرِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْوَضْعَ لَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ لِلنَّجَاسَةِ حَقِيقَةً، فَانْحَطَّتْ دَرَجَتُهُ عَنْ الْحَمْلِ فَلَمْ يَفْسُدْ لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ مُعْتَدًّا بِهِ. اهـ. لَكِنْ يَكْفِينَا كَوْنُ مَا فِي السِّرَاجِ رِوَايَةَ النَّوَادِرِ، وَمَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْإِمْدَادِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَدَائِعِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ بِلَا نَقْلِ خِلَافٍ مَنْ اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ، فَلَوْ وَقَفَ ابْتِدَاءً عَلَى مَكَان نَجِسٍ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: إذَا وَقَفَ الْمُصَلِّي عَلَى مَكَان طَاهِرٍ ثُمَّ تَحَوَّلَ إلَى مَكَان نَجِسٍ ثُمَّ عَادَ إلَى الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَمْكُثْ عَلَى النَّجَاسَةِ مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ أَدَاءُ أَدْنَى رُكْنٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ السُّجُودُ أَوْ الْقِيَامُ عَلَى النَّجَاسَةِ بِلَا حَائِلٍ مُنْفَصِلٍ.

وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ عَدَمَ اعْتِبَارِهِمْ الْحَائِلَ الْمُتَّصِلَ حَائِلًا لِتَبَعِيَّتِهِ لِلْمُصَلِّي، وَلِذَا لَوْ قَامَ عَلَى النَّجَاسَةِ وَهُوَ لَابِسٌ خُفًّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ السُّجُودُ وَلَوْ اُعْتُبِرَ حَائِلًا لَصَحَّتْ سَجْدَتُهُ بِدُونِ إعَادَتِهَا عَلَى طَاهِرٍ؛ فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فِي السِّرَاجِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَخِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مُتَّصِلٍ) أَيْ يَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ طَهَارَةِ مَا تَحْتَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْضَهُ إلَخْ) كَذَا أَطْلَقْت

<<  <  ج: ص:  >  >>