للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَكَفِّهِ فِي الْأَصَحِّ وَفَخِذِهِ لَوْ بِعُذْرٍ لَا رُكْبَتِهِ، لَكِنْ صَحَّحَ الْحَلَبِيُّ أَنَّهَا كَفَخِذِهِ (وَكُرِهَ) بَسْطُ ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ تُرَابٌ أَوْ حَصَاةٌ) أَوْ حَرٌّ أَوْ بَرْدٌ لِأَنَّهُ تَرَفُّعٌ (وَإِلَّا) يَكُنْ تَرَفُّعًا، فَإِذَا لَمْ يَخَفْ أَذًى (لَا) بَأْسَ بِهِ فَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا، وَإِنْ خَافَهُ كَانَ مُبَاحًا.

وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: إنْ لِدَفْعِ تُرَابٍ عَنْ وَجْهِهِ كُرِهَ، وَعَنْ عِمَامَتِهِ لَا، وَصَحَّحَ الْحَلَبِيُّ عَدَمَ كَرَاهَةِ بَسْطِ الْخِرْقَةِ وَلَوْ بَسَطَ الْقَبَاءَ جَعَلَ كَتِفَهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ وَسَجَدَ عَلَى ذَيْلِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلتَّوَاضُعِ (وَإِنْ سَجَدَ لِلزِّحَامِ عَلَى ظَهْرِ) هَلْ هُوَ قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ لَمْ أَرَهُ (مُصَلٍّ صَلَاتَهُ) الَّتِي هُوَ فِيهَا (جَازَ) لِلضَّرُورَةِ (وَإِنْ لَمْ يُصَلِّهَا) بَلْ صَلَّى غَيْرَهَا أَوْ لَمْ يُصَلِّ أَصْلًا

ــ

[رد المحتار]

الصِّحَّةَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ. وَزَادَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمَأْثُورِ. وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: يَنْبَغِي تَرْجِيحُ الْفَسَادِ عَلَى الْكَفِّ وَالْفَخِذِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَمَا فِي الْقُنْيَةِ هُوَ الْوَسَطُ أَيْ وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا (قَوْلُهُ وَفَخِذُهُ لَوْ بِعُذْرٍ) أَيْ بِزَحْمَةٍ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ بِالْعُذْرِ الشَّرْعِيِّ الْمُجَوِّزِ لِلْإِيمَاءِ بِهِ بِاعْتِبَارِ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الْإِيمَاءِ بِهِ، كَمَا قُلْنَا فِيمَا لَوْ رَفَعَ إلَى وَجْهِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ وَخَفَضَ رَأْسَهُ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الزِّحَامَ لَيْسَ بِعُذْرٍ مُجَوِّزٍ لِلْإِيمَاءِ بِالسُّجُودِ. اهـ.

قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُجَوِّزٌ لَهُ، فَإِنَّ مَا يَأْتِي مِنْ تَجْوِيرِهِ عَلَى ظَهْرِ مُصَلٍّ صَلَاتَهُ يُفِيدُهُ تَأَمَّلْ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِمْكَانِ، وَإِلَّا فَالسُّجُودُ عَلَى الْفَخِذِ غَيْرُ مُمْكِنٍ عَادَةً (قَوْلُهُ لَا رُكْبَتِهِ) أَيْ بِعُذْرٍ أَوْ بِدُونِهِ، لَكِنْ يَكْفِيهِ الْإِيمَاءُ لَوْ بِعُذْرٍ زَيْلَعِيٌّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ إنَّهَا كَفَخِذِهِ) أَيْ فَيَصِحُّ بِعُذْرٍ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ فِي السُّجُودِ وَضْعُ أَكْثَرِ الْجَبْهَةِ أَوْ بَعْضِهَا وَإِنْ قَلَّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرُّكْبَةَ لَا تَسْتَوْعِبُ أَكْثَرَ الْجَبْهَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَصَحَّ هُوَ الثَّانِي فَلِذَا صَحَّحَ الْحَلَبِيُّ الْجَوَازَ ح (قَوْلُهُ وَكُرِهَ بَسْطُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَائِلِ الْمُتَّصِلِ بِهِ، أَمَّا الْمُنْفَصِلُ فَلَا يُكْرَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَرَفُّعٌ) أَيْ تَكَبُّرٌ فَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا إنْ قَصَدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَكُنْ تَرَفُّعًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَصَدَ بِذَلِكَ تَرَفُّعًا، وَكَانَ يَنْبَغِي التَّصْرِيحُ فِيمَا قَبْلَهُ بِقَصْدِ التَّرَفُّعِ حَتَّى تَظْهَرَ الْمُقَابَلَةُ، ثُمَّ مُرَادُ الشَّارِحِ بِهَذَا وَمَا بَعْدَهُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ عِبَارَاتِهِمْ، فَفِي بَعْضِهَا يُكْرَهُ، وَفِي بَعْضِهَا لَا بَأْسَ بِهِ، وَفِي بَعْضِهَا لَا يُكْرَهُ فَأَشَارَ إلَى حَمْلِ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى حَالَةٍ كَمَا وَفَّقَ بِهِ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلْحِلْيَةِ.

(قَوْلُهُ كُرِهَ) أَيْ لِأَنَّهُ دَلِيلُ قَصْدِ التَّرَفُّعِ، بِخِلَافِهِ عَنْ الْعِمَامَةِ فَإِنَّهُ لِصِيَانَةِ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْحَلَبِيُّ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ وَأَمَّا عَلَى الْخِرْقَةِ وَنَحْوِهَا فَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ تُحْمَلُ لَهُ الْخِمْرَةُ فَيَسْجُدُ عَلَيْهَا» وَهِيَ حَصِيرٌ صَغِيرَةٌ مِنْ الْخُوصِ؟ وَيُحْكَى عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ سَجَدَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى الْخِرْقَةِ فَنَهَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ خُوَارِزْمَ، فَقَالَ الْإِمَامُ: جَاءَ التَّكْبِيرُ مِنْ وَرَائِي: أَيْ تَتَعَلَّمُونَ مِنَّا ثُمَّ تُعَلِّمُونَا، هَلْ تُصَلُّونَ عَلَى الْبَوَارِي فِي بِلَادِكُمْ؟ قَالَ نَعَمْ، فَقَالَ: تُجَوِّزُ الصَّلَاةَ عَلَى الْحَشِيشِ وَلَا تُجَوِّزُهَا عَلَى الْخِرْقَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي السُّجُودِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا فُرِشَ عَلَى الْأَرْضِ مِمَّا لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَةِ الْمُصَلِّي بِالْإِجْمَاعِ إلَخْ. اهـ. وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ عِنْدَنَا السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى مَا تُنْبِتُهُ كَمَا فِي نُورِ الْإِيضَاحِ وَمُنْيَةِ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلتَّوَاضُعِ) أَيْ لِقُرْبِهِ مِنْ الْأَرْضِ. وَعُلِّلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا بِأَنَّ الذَّيْلَ فِي مَسَاقِطِ الزِّبْلِ وَطَهَارَةُ مَوْضِعِ الْقَدَمَيْنِ فِي الْقِيَامِ شَرْطٌ وِفَاقًا، وَمَوْضِعُ السَّجْدَةِ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّهَا تَتَأَتَّى بِالْأَنْفِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الدِّرْهَمِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَمْ أَرَهُ) أَصْلُ التَّوَقُّفِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الشَّارِطِ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ عَلَى ظَهْرِ مُصَلٍّ صَلَاتَهُ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>