للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ نِسَاءً، أَمَّا سَلَامُ التَّشَهُّدِ فَيَعُمُّ لِعَدَمِ الْخِطَابِ (وَالْحَفَظَةُ فِيهِمَا) بِلَا نِيَّةِ عَدَدٍ كَالْإِيمَانِ بِالْأَنْبِيَاءِ.

وَقَدَّمَ الْقَوْلَ لِأَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّ خَوَاصَّ بَنِي آدَمَ وَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ الْمَلَائِكَةِ.؛ وَعَوَامُّ بَنِي آدَمَ وَهُمْ الْأَتْقِيَاءُ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ؛ وَالْمُرَادُ بِالْأَتْقِيَاءِ مَنْ اتَّقَى الشِّرْكَ فَقَطْ كَالْفَسَقَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الرَّوْضَةِ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ قُلْت: وَفِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ تَبَعًا لِلْقُهُسْتَانِيِّ: خَوَاصُّ الْبَشَرِ وَأَوْسَاطُهُ أَفْضَلُ مِنْ خَوَاصِّ الْمَلَائِكَةِ وَأَوْسَاطِهِ عِنْدَ

ــ

[رد المحتار]

هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ مَنْ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَقِيلَ إنَّهُ يَعُمُّ كَسَلَامِ التَّشَهُّدِ حِلْيَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ نِسَاءً) صَرَّحَ بِهِ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ، وَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْوِيهِنَّ فِي زَمَانِنَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ حُضُورِهِنَّ الْجَمَاعَةَ، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْحُضُورِ وَعَدَمِهِ، حَتَّى لَوْ حَضَرَ خَنَاثَى أَوْ صِبْيَانٌ نَوَاهُمْ أَيْضًا حِلْيَةٌ وَبَحْرٌ، لَكِنْ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ لَا يَنْوِي النِّسَاءَ وَإِنْ حَضَرْنَ لِكَرَاهَةِ حُضُورِهِنَّ (قَوْلُهُ فَيَعُمُّ إلَخْ) وَلِذَا وَرَدَ «إذَا قَالَ الْعَبْدُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» (قَوْلُهُ وَالْحَفَظَةِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَنْ، وَلَمْ يَقُلْ الْكَتَبَةَ لِيَشْمَلَ مَنْ يَحْفَظُ أَعْمَالَ الْمُكَلَّفِ وَهُمْ الْكِرَامُ الْكَاتِبُونَ، وَمَنْ يَحْفَظُهُ مِنْ الْجِنِّ وَهُمْ الْمُعَقِّبَاتُ، وَيَشْمَلُ كُلَّ مُصَلٍّ فَإِنَّ الْمُمَيِّزَ لَا كَتَبَةَ لَهُ، أَفَادَهُ فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ، وَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْإِمَامِ وَلَا يَكُونُ صَبِيًّا (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ (قَوْلُهُ بِلَا نِيَّةِ عَدَدٍ) أَيْ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ، فَقِيلَ مَعَ كُلِّ مُؤْمِنٍ اثْنَانِ، وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ، وَقِيلَ خَمْسَةٌ، وَقِيلَ عَشْرَةٌ، وَقِيلَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَتَمَامُهُ فِي شُرُوحِ الْمُنْيَةِ.

مَطْلَبٌ فِي عَدَدِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ كَالْإِيمَانِ بِالْأَنْبِيَاءِ) لِأَنَّ عَدَدَهُمْ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ قَطْعًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ آمَنْت بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ أَوَّلُهُمْ آدَم وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِعْرَاجٌ؛ فَلَا يَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّهُمْ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، وَأَنَّ الرُّسُلَ مِنْهُمْ ثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّهُ خَبَرُ آحَادٍ (قَوْلُهُ وَقَدَّمَ الْقَوْلَ) أَيْ الْمُعَبَّرَ عَنْهُمْ بِمَنْ بِدَلِيلِ عَطْفِ الْحَفَظَةِ عَلَيْهِمْ وَالْعَطْفُ لِلْمُغَايَرَةِ وَعَبَّرَ بِالْقَوْمِ لِيَخْرُجَ الْجِنُّ فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا أَفْضَلَ مِنْ الْمَلَكِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى مَا قَالَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ مِنْ أَنَّ لِلْبُدَاءَةِ أَثَرًا فِي الِاهْتِمَامِ وَلِذَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي الْوَصَايَا بِالنَّوَافِلِ: إنَّهُ يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ (قَوْلُهُ مَنْ اتَّقَى الشِّرْكَ فَقَطْ) الْأَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ لَفْظُ فَقَطْ، فَيَصِيرُ الْمَعْنَى مَنْ اتَّقَى الشِّرْكَ سَوَاءٌ اتَّقَى الْمَعَاصِي أَيْضًا أَوْ لَا. ح (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الرَّوْضَةِ) أَيْ رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ للزندوستي حَيْثُ قَالَ: أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ الْخَلِيقَةِ وَأَنَّ نَبِيَّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَفْضَلُهُمْ وَأَنَّ أَفْضَلَ الْخَلَائِقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ الْمَلَائِكَةُ الْأَرْبَعَةُ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ وَالرُّوحَانِيُّونَ وَرَضْوَانُ وَمَالِكٌ؛ وَأَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ وَالشُّهَدَاءَ وَالصَّالِحِينَ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْمَلَائِكَةِ. وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ الْإِمَامُ: سَائِرُ النَّاسِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْمَلَائِكَةِ وَقَالَا: سَائِرُ الْمَلَائِكَةِ أَفْضَلُ. اهـ. مُلَخَّصًا. مَطْلَبٌ فِي تَفْضِيلِ الْبَشَرِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَسَّمَ الْبَشَرَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: خَوَاصُّ كَالْأَنْبِيَاءِ وَأَوْسَاطٌ كَالصَّالِحِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَوَامُّ كَبَاقِي النَّاسِ.

وَقَسَّمَ الْمَلَائِكَةَ إلَى قِسْمَيْنِ: خَوَاصُّ كَالْمَلَائِكَةِ الْمَذْكُورِينَ وَغَيْرِهِمْ كَبَاقِي الْمَلَائِكَةِ. وَجَعَلَ خَوَاصَّ الْبَشَرِ أَفْضَلَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ خَاصِّهِمْ وَعَامِّهِمْ، وَبَعْدَهُمْ فِي الْفَضْلِ خَوَاصُّ الْمَلَائِكَةِ فَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَاقِي الْبَشَرِ أَوْسَاطِهِمْ وَعَوَامِّهِمْ وَبَعْدَهُمْ أَوْسَاطُ الْبَشَرِ فَهُمْ أَفْضَلُ مِمَّنْ عَدَا خَوَاصَّ الْمَلَائِكَةِ؛ وَكَذَلِكَ عَوَامُّ الْبَشَرِ عِنْدَ الْإِمَامِ كَأَوْسَاطِهِمْ فَالْأَفْضَلُ عِنْدَهُ خَوَاصُّ الْبَشَرِ، ثُمَّ خَوَاصُّ الْمَلَكِ، ثُمَّ بَاقِي الْبَشَرِ. وَعِنْدَهُمَا خَوَاصُّ الْبَشَرِ ثُمَّ خَوَاصُّ الْمَلَكِ، ثُمَّ أَوْسَاطُ الْبَشَرِ، ثُمَّ بَاقِي الْمَلَكِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْقُهُسْتَانِيَّ جَعَلَ كُلًّا مِنْ الْبَشَرِ وَالْمَلَكِ قِسْمَيْنِ: خَوَاصُّ وَأَوْسَاطٌ، وَجَعَلَ خَوَاصَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>