لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ، ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ، وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ (طِوَالُ الْمُفَصَّلِ) مِنْ الْحُجُرَاتِ إلَى آخَرِ الْبُرُوجِ (فِي الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ، وَ) مِنْهَا إلَى آخِرِ - لَمْ يَكُنْ - (أَوْسَاطُهُ فِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ، وَ) بَاقِيَةُ (قِصَارِهِ فِي الْمَغْرِبِ) أَيْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سُورَةٌ مِمَّا ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ،
ــ
[رد المحتار]
أَقُولُ: وَقَوْلُ الْكَافِي بِقَدْرِ مَا لَا يَفُوتُهُ الْوَقْتُ يَشْمَلُ الْفَاتِحَةَ، فَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِآيَةٍ إنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ بِالزِّيَادَةِ، وَهَلْ هُوَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أَوْ خَاصٌّ بِالْفَجْرِ؟ فِيهِ خِلَافٌ حَكَاهُ فِي الْقُنْيَةِ. وَقَالَ فِي آخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَقِيلَ يُرَاعِي سُنَّةُ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْفَجْرِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ. وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُرَاعِيَ قَدْرَ الْوَاجِبِ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِهِ مُفْسِدٌ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ بِخِلَافِ خُرُوجِ الْوَقْتِ اهـ أَيْ فَإِنَّهُ فِي غَيْرِ الْفَجْرِ مُفْسِدٌ اتِّفَاقًا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ لَهُ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَتَسْبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَرْكَ الثَّنَاءِ وَالتَّعَوُّذِ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ أَوْ الظُّهْرِ لَوْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ تَرْكُ السُّنَّةِ لِإِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ فَتَرْكُ سُنَّةِ السُّنَّةِ أَوْلَى. اهـ.
(قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ) وَنَقَلَهُ الزَّاهِدِيُّ فِي الْقُنْيَةِ عَنْ الْمُجَرَّدِ بِقَوْلِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَاَلَّذِي يُصَلِّي وَحْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِمَامِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا مِنْ الْقِرَاءَةِ سِوَى الْجَهْرِ. قَالَ الزَّاهِدِيُّ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ الْمَسْنُونَةَ يَسْتَوِي فِيهَا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ (قَوْلُهُ طِوَالُ الْمُفَصَّلِ) بِكَسْرِ الطَّاءِ جَمْعُ طَوِيلٍ كَكَرِيمٍ وَكِرَامٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الصِّحَاحِ. وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَالرَّجُلُ الطَّوِيلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ مَالِكٍ فِي مُثَلَّثِهِ وَالْمُفَصَّلُ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ السُّبْعُ السَّابِعُ مِنْ الْقُرْآنِ؛ سُمِّيَ بِهِ لِكَثْرَةِ فَصْلِهِ بِالْبَسْمَلَةِ أَوْ لِقِلَّةِ الْمَنْسُوخِ مِنْهُ، وَلِهَذَا يُسَمَّى بِالْمُحْكَمِ أَيْضًا.
وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ مِنْ الْحُجُرَاتِ. اهـ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: نَظَمَ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ الْأَقْوَالَ فِيهِ بِقَوْلِهِ:
مُفَصَّلٌ قُرْآنٌ بِأَوَّلِهِ أَتَى ... خِلَافٌ فَصَافَّاتٌ وَقَافٌ وَسَبِّحْ
وَجَاثِيَةٌ مُلْكٌ وَصَفٌّ قِتَالُهَا ... وَفَتْحٌ ضُحًى حُجُرَاتُهَا ذَا الْمُصَحَّحُ
وَزَادَ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ قَوْلَيْنِ فَأَوْصَلَهَا إلَى اثْنَيْ عَشَرَ قَوْلًا: الرَّحْمَنُ، وَالْإِنْسَانُ (قَوْلُهُ إلَى آخِرِ الْبُرُوجِ) عَزَاهُ فِي الْخَزَائِنِ إلَى شَرْحِ الْكَنْزِ لِلشَّيْخِ بَاكِيرٍ، وَقَالَ بَعْدَهُ: وَفِي النَّهْرِ لَا يَخْفَى دُخُولُ الْغَايَةِ فِي الْمُغَيَّا هُنَا اهـ فَالْبُرُوجُ مِنْ الطِّوَالِ، وَهُوَ مُفَادُ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا، لَكِنْ مُفَادُ مَا نَقَلْنَاهُ بَعْدَهَا عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ أَنَّهَا مِنْ الْأَوْسَاطِ، وَنَقَلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْكَافِي بَلْ نَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْكَافِي خُرُوجَ الْغَايَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَعَلَيْهِ فَسُورَةُ - لَمْ يَكُنْ - مِنْ الْقِصَارِ، وَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ صَاحِبُ الْحِلْيَةِ وَقَالَ: الْعِبَارَةُ لَا تُفِيدُ ذَلِكَ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى ثَبْتٍ فِي ذَلِكَ مِنْ خَارِجٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيْ لِأَنَّ الْغَايَةَ تَحْتَمِلُ الدُّخُولَ وَالْخُرُوجَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فِي الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي نِيَّةِ الْمُصَلِّي مِنْ أَنَّ الظُّهْرَ كَالْعَصْرِ، لَكِنْ الْأَكْثَرُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَبَاقِيهِ) أَيْ بَاقِي الْمُفَصَّلِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سُورَةٌ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الطِّوَالِ وَالْأَوْسَاطِ وَالْقِصَارِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ إلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ حَيْثُ عَدَدُ الْآيَاتِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ مِنْ الْمُفَصَّلِ سُنَّةٌ وَالْمِقْدَارُ الْمُعَيَّنُ سُنَّةٌ أُخْرَى. ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ وَقَدْرَ أَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسِينَ وَاقْتَصَرَ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَفِي الْمُجَرَّدِ: مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى الْمِائَةِ، وَالْكُلُّ ثَابِتٌ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَيَقْرَأُ فِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ يَقْرَأُ عِشْرِينَ وَفِي الْمَغْرِبِ آيَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. اهـ.
أَقُولُ: كَوْنُ الْمَقْرُوءِ مِنْ سُوَرِ الْمُفَصَّلِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمُتُونِ كَالْقُدُورِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute