للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَبِي حَامِدٍ اللَّفَّافِ وَخَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ وَأَبِي بَكْرٍ الْوَرَّاقِ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا يُحْصَى لِبُعْدِهِ أَنْ يُسْتَقْصَى، فَلَوْ وَجَدُوا فِيهِ شُبْهَةً مَا اتَّبَعُوهُ، وَلَا اقْتَدَوْا بِهِ وَلَا وَافَقُوهُ.

ــ

[رد المحتار]

الْمَاضِيَةِ لَقَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ سَنَةَ (١٦٠) .

(قَوْلُهُ: وَأَبِي حَامِدٍ اللَّفَّافِ) هُوَ أَحْمَدُ بْنُ خِضْرَوَيْهِ الْبَلْخِيّ، مِنْ كِبَارِ مَشَايِخِ خُرَاسَانَ، مَاتَ سَنَةَ (٢٤٠) رِسَالَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَخَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ) مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا، وَأَخَذَ الزُّهْدَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، وَصَحِبَهُ مُدَّةً: وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ سَنَةَ (٢١٥) كَمَا ذَكَرَهُ التَّمِيمِيُّ: وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: صَارَ الْعِلْمُ مِنْ اللَّهِ إلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ صَارَ إلَى الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، ثُمَّ صَارَ إلَى التَّابِعِينَ، ثُمَّ صَارَ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَرْضَ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَسْخَطْ.

(قَوْلُهُ: وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ) الزَّاهِدُ الْفَقِيهُ الْمُحَدِّثُ، أَحَدُ الْأَئِمَّةِ، جَمَعَ الْفِقْهَ وَالْأَدَبَ وَالنَّحْوَ وَاللُّغَةَ وَالْفَصَاحَةَ وَالْوَرَعَ وَالْعِبَادَةَ، وَصَنَّفَ الْكُتُبَ الْكَثِيرَةَ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَالزُّهْدِ، وَأَحَدُ شُيُوخِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَخَذَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَدَحَهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، وَشَهِدَ لَهُ الْأَئِمَّةُ، مَاتَ سَنَةَ (١٨١) وَتَرْجَمَهُ التَّمِيمِيُّ بِتَرْجَمَةٍ حَافِلَةٍ، وَذَكَرَ مِنْ مَحَاسِنِ أَخْبَارِهِ مَا يَأْخُذُ بِمَجَامِعِ الْعَقْلِ، وَلَهُ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي فُرُوعِ الْمُذْهَبِ ذُكِرَتْ فِي الْمُطَوَّلَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ) بْنِ مَلِيحِ بْنِ عَدِيٍّ الْكُوفِيِّ، شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَأَحَدِ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ: كَانَ وَكِيعٌ يَصُومُ الدَّهْرَ، وَيَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَا رَأَيْت أَفْضَلَ مِنْهُ قِيلَ لَهُ: وَلَا ابْنَ الْمُبَارَكِ؟ قَالَ: كَانَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ فَضْلٌ، وَلَكِنْ مَا رَأَيْت أَفْضَلَ مِنْ وَكِيعٍ، كَانَ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَيُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا. قَالَ: وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ يُفْتِي بِقَوْلِهِ أَيْضًا، مَاتَ سَنَةَ (١٩٨) ، وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ تَمِيمِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَأَبِي بَكْرٍ الْوَرَّاقِ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو التِّرْمِذِيُّ. أَقَامَ بِبَلْخٍ، وَصَحِبَ أَحْمَدَ بْنَ خِضْرَوَيْهِ، وَلَهُ تَصَانِيفُ فِي الرِّيَاضَاتِ، رِسَالَةٌ. وَفِي طَبَقَاتِ التَّمِيمِيِّ: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي جُمْلَةِ أَصْحَابِنَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْكَرْخِيَّ، فَقَالَ: وَلَهُ مِنْ الْكُتُبِ شَرْحُ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ، وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ خَرَجَ حَاجًّا فَلَمَّا سَارَ مَرْحَلَةً قَالَ لِأَصْحَابِهِ رُدُّونِي، ارْتَكَبْت سَبْعَمِائَةِ كَبِيرَةٍ فِي مَرْحَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَرَدُّوهُ.

اهـ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمْ) كَالْإِمَامِ الْعَارِفِ الْمَشْهُورِ بِالزُّهْدِ وَالْوَرَعِ وَالتَّقَشُّفِ وَالتَّقَلُّلِ حَاتِمٍ الْأَصَمِّ، أَحَدِ أَتْبَاعِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، لَهُ كَلَامٌ مُدَوَّنٌ فِي الزُّهْدِ وَالْحِكَمِ: سَأَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ: أَخْبِرْنِي يَا حَاتِمُ فِيمَ التَّخَلُّصُ مِنْ النَّاسِ؟ فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ فِي ثَلَاثِ خِصَالٍ: أَنْ تُعْطِيَهُمْ مَالَك وَلَا تَأْخُذَ مِنْ مَالِهِمْ شَيْئًا، وَتَقْضِيَ حُقُوقَهُمْ وَلَا تَسْتَقْضِيَ أَحَدًا مِنْهُمْ حَقًّا لَك، وَتَحْتَمِلَ مَكْرُوهَهُمْ وَلَا تُكْرِهَ أَحَدًا مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ، فَأَطْرَقَ أَحْمَدُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: يَا حَاتِمُ إنَّهَا لَشَدِيدَةٌ، فَقَالَ لَهُ حَاتِمُ: وَلَيْتَك تَسْلَمُ.

وَمِنْهُمْ خَتْمُ دَائِرَةِ الْوِلَايَةِ قُطْبُ الْوُجُودِ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الشَّاذِلِيُّ الْبَكْرِيُّ الشَّهِيرُ بِالْحَنَفِيِّ، الْفَقِيهُ الْوَاعِظُ أَحَدُ مَنْ صَرَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكَوْنِ، وَمَكَّنَهُ مِنْ الْأَحْوَالِ، وَنَطَقَ بِالْمُغَيَّبَاتِ، وَخَرَقَ لَهُ الْعَوَائِدَ، وَقَلَبَ لَهُ الْأَعْيَانَ، وَتَرْجَمَهُ بَعْضُهُمْ فِي مُجَلَّدَيْنِ، فَقَالَ الْعَارِفُ الشَّعْرَانِيُّ: إنَّهُ لَمْ يُحِطْ عِلْمًا بِمَقَامِهِ حَتَّى يَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ بَعْضَ أُمُورٍ عَلَى طَرِيقِ أَرْبَابِ التَّوَارِيخِ تُوُفِّيَ سَنَةَ (٨٤٧) .

(قَوْلُهُ: لِبُعْدِهِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا يُحْصَى، وَحُذِفَ مِنْ قَبْلُ قَوْلُهُ أَنْ يَسْتَقْصِيَ لِأَمْنِ اللَّبْسِ، وَهُوَ شَائِعٌ مُطَّرِدٌ: أَيْ لَا يُمْكِنُ إحْصَاؤُهُ لِتَبَاعُدِهِ مِنْ طَلَبِ اسْتِقْصَائِهِ: أَيْ غَايَتِهِ وَمُنْتَهَاهُ وَالتَّعْبِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>