للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمْ؛ وَلَوْ قَدَّمُوا غَيْرَ الْأَوْلَى أَسَاءُوا بِلَا إثْمٍ.

(وَ) اعْلَمْ أَنَّ (صَاحِبَ الْبَيْتِ) وَمِثْلُهُ إمَامِ الْمَسْجِدِ الرَّاتِبُ (أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ) مُطْلَقًا (إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ سُلْطَانٌ أَوْ قَاضٍ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِمَا، وَصَرَّحَ الْحَدَّادِيُّ بِتَقْدِيمِ الْوَالِي عَلَى الرَّاتِبِ (وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ مِنْ الْمَالِكِ) لِمَا مَرَّ.

(وَلَوْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، إنْ) الْكَرَاهَةُ (لِفَسَادٍ فِيهِ أَوْ لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنْهُ كُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ تَحْرِيمًا لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» (وَإِنْ هُوَ أَحَقَّ لَا) وَالْكَرَاهَةُ عَلَيْهِمْ.

(وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا (إمَامَةُ عَبْدٍ) وَلَوْ مُعْتَقًا قُهُسْتَانِيٌّ. عَنْ الْخُلَاصَةِ، وَلَعَلَّهُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ تَقَدُّمِ الْحَرِّ الْأَصْلِيِّ، إذْ الْكَرَاهَةُ تَنْزِيهِيَّةٌ فَتَنَبَّهْ (وَأَعْرَابِيٌّ)

ــ

[رد المحتار]

وَابْنُ كَثِيرٍ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ لَهُ مَعْلُومٌ وَغَيْرُهُ، نَعَمْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ ذِي الْمَعْلُومِ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا حَضَرَا مَعًا رَحْمَتِيٌّ: أَيْ فَيُقْرَعُ لَوْ لَهُ مَعْلُومٌ وَإِلَّا يُقَدِّمُ مَنْ شَاءَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمْ) لَا يَظْهَرُ هَذَا إلَّا فِي الْمَنْصِبِ، وإلَّا فَكُلٌّ يُصَلِّي خَلْفَ مَنْ يَخْتَارُهُ ط لَكِنْ فِيهِ تَكْرَارِ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ أَسَاءُوا بِلَا إثْمٍ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ فِي الْفِقْهِ وَالصَّلَاحِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَقْرَأُ فَقَدَّمَ الْقَوْمُ الْآخَرَ فَقَدْ أَسَاءُوا وَتَرَكُوا السُّنَّةَ وَلَكِنْ لَا يَأْثَمُونَ، لِأَنَّهُمْ قَدَّمُوا رَجُلًا صَالِحًا، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْإِمَارَةِ وَالْحُكُومَةِ، أَمَّا الْخِلَافَةُ وَهِيَ الْإِمَامَةُ الْكُبْرَى فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكُوا الْأَفْضَلَ، وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ اهـ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ الْحَاضِرِينَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ وَأَقْرَأُ مِنْهُ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: جَمَاعَةٌ أَضْيَافٌ فِي دَارٍ نُرِيدُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمَالِكُ، فَإِنْ قَدَّمَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِعِلْمِهِ وَكِبَرِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِذَا تَقَدَّمَ أَحَدُهُمْ جَازَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَالِكَ يَأْذَنُ لِضَيْفِهِ إكْرَامًا لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْحَدَّادِيُّ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ هَذَا غَيْرُ خَاصٍّ بِالسُّلْطَانِ الْعَامِّ الْوِلَايَةِ، وَلَا بِالْقَاضِي الْخَاصِّ الْوِلَايَةِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، بَلْ مِثْلُهَا الْوَالِي، وَأَنَّ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ كَصَاحِبِ الْبَيْتِ فِي ذَلِكَ. قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: وَأَمَّا إذَا اجْتَمَعُوا فَالسُّلْطَانُ مُقَدَّمٌ، ثُمَّ الْأَمِيرُ، ثُمَّ الْقَاضِي، ثُمَّ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ وَلَوْ مُسْتَأْجِرًا، وَكَذَا يُقَدَّمُ الْقَاضِي عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ) لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ، وَالْمُعِيرُ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، بِخِلَافِ الْمُؤَجِّرِ، لَكِنَّهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ يَبْقَى الْمُسْتَعِيرُ أَحَقَّ، وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ لَمْ تَبْقَ الْعَارِيَّةُ وَخَرَجَتْ الْمَسْأَلَةُ عَنْ مَوْضُوعِهَا فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِعُمُومِ وِلَايَتِهِمَا وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِعُمُومِ الْوِلَايَةِ عُمُومُهَا لِلنَّاسِ، وَهَذَانِ لَيْسَا كَذَلِكَ: فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُمَا فِي هَذَا الْحَالَةِ دُونَ الْمَالِكِ ح (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ إلَخْ) هَكَذَا رَوَاهُ فِي النَّهْرِ بِالْمَعْنَى، وَعَزَاهُ إلَى الْحَلَبِيِّ صَاحِبِ الْحِلْيَةِ مَعَ أَنَّهُ فِي الْحِلْيَةِ ذَكَرَهُ مُطَوَّلًا، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَالْكَرَاهَةُ عَلَيْهِمْ) جَزَمَ فِي الْحِلْيَةِ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ الْأَوْلَى تَحْرِيمِيَّةٌ لِلْحَدِيثِ، وَتَرَدَّدَ فِي هَذِهِ

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا إلَخْ) لِقَوْلِهِ فِي الْأَصْلِ: إمَامَةُ غَيْرِهِمْ أَحَبُّ إلَيَّ بَحْرٌ عَنْ الْمُجْتَبَى وَالْمِعْرَاجِ، ثُمَّ قَالَ: فَيُكْرَهُ لَهُمْ التَّقَدُّمُ؛ وَيُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ تَنْزِيهًا؛ فَإِنْ أَمْكَنَ الصَّلَاةُ خَلْفَ غَيْرِهِمْ فَهُوَ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَالِاقْتِدَاءُ أَوْلَى مِنْ الِانْفِرَادِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُعْتَقًا) يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ؛ فَإِنَّ الْمُعْتَقَ عَبْدٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ؛ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ عُمُومِ الْمَجَازِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْعَبْدِ مَنْ اتَّصَفَ بِالرِّقِّ وَقْتًا مَا، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْحَالِ أَوْ فِيمَا مَضَى ح (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ) أَيْ وَلَعَلَّ سَبَبَ كَرَاهَةِ الْمُعْتَقِ مَا قَدَّمْنَاهُ إلَخْ فَإِنَّ تَقْدِيمَ الْحُرِّ الْأَصْلِيِّ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَتَرْكُهُ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا، فَلِذَا قَالَ: إذْ الْكَرَاهَةُ إلَخْ. وَفِي نُسْخَةٍ: وَالْعِلَّةُ أَيْ وَالْعِلَّةُ فِي كَرَاهَةِ إمَامَةِ الْمُعْتَقِ أَنَّ الْحُرَّ الْأَصْلِيَّ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْهُ لِأَنَّهُ نَشَأَ فِي الرِّقِّ مُشْتَغِلًا بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى لَمْ يَتَفَرَّغْ لِلتَّعَلُّمِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَعْرَابِيٍّ) نِسْبَةُ إلَى الْأَعْرَابِ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>