وَمِثْلُهُ تُرْكُمَانٌ وَأَكْرَادٌ وَعَامِّيٌّ (وَفَاسِقٌ وَأَعْمَى) وَنَحْوُهُ الْأَعْشَى نَهْرٌ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ غَيْرُ الْفَاسِقِ (أَعْلَمَ الْقَوْمِ) فَهُوَ أَوْلَى (وَمُبْتَدِعٌ) أَيْ صَاحِبُ بِدْعَةٍ وَهِيَ اعْتِقَادُ خِلَافِ الْمَعْرُوفِ عَنْ الرَّسُولِ
ــ
[رد المحتار]
وَلَبِسَ جَمْعًا لِعَرَبٍ كَمَا فِي الصِّحَاحِ، لَكِنْ فِي الرِّضَى الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَمْعٌ قُهُسْتَانِيٌّ وَهُوَ مَنْ يَسْكُنُ الْبَادِيَةَ عَرَبِيًّا أَوْ عَجَمِيًّا بَحْرٌ، وَخَصَّهُ فِي الْمِصْبَاحِ بِأَهْلِ الْبَدْوِ مِنْ الْعَرَبِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ لَا يَشْمَلُ الْأَعْجَمِيَّ، وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ: وَمِنْهُ. وَالْعِلَّةُ فِي الْكُلِّ غَلَبَةُ الْجَهْلِ (قَوْلُهُ وَفَاسِقٌ) مِنْ الْفِسْقِ: وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ الِاسْتِقَامَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ يَرْتَكِبُ الْكَبَائِرَ كَشَارِبِ الْخَمْرِ، وَالزَّانِي وَآكِلِ الرِّبَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ إسْمَاعِيلُ.
وَفِي الْمِعْرَاجِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْفَاسِقِ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِهَا يَجِدُ إمَامًا غَيْرَهُ. اهـ. قَالَ فِي الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ فَيُكْرَهُ فِي الْجُمُعَةِ إذَا تَعَدَّدَتْ إقَامَتُهَا فِي الْمِصْرِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْمُفْتَى بِهِ لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ إلَى التَّحَوُّلِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ الْأَعْشَى) هُوَ سَيِّئُ الْبَصَرِ لَيْلًا وَنَهَارًا قَامُوسٌ، وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ بَحْثًا أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الْأَعْمَى بِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرُ الْفَاسِقِ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْبَحْرِ: حَيْثُ قَالَ: قَيَّدَ كَرَاهَةَ إمَامَةِ الْأَعْمَى فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ أَفْضَلَ الْقَوْمِ، فَإِنْ كَانَ أَفْضَلَهُمْ فَهُوَ أَوْلَى اهـ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا الْقَيْدِ فِي الْعَبْدِ وَالْأَعْرَابِيِّ وَوَلَدِ الزِّنَا، وَنَازَعَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ فِي الْهِدَايَةِ عَلَّلَ لِلْكَرَاهَةِ بِغَلَبَةِ الْجَهْلِ فِيهِمْ، وَبِأَنَّ فِي تَقْدِيمِهِمْ تَنْفِيرَ الْجَمَاعَةِ، وَمُقْتَضَى الثَّانِيَةِ ثُبُوتُ الْكَرَاهَةِ مَعَ انْتِفَاءِ الْجَهْلِ، لَكِنْ وَرَدَ فِي الْأَعْمَى نَصٌّ خَاصٌّ هُوَ «اسْتِخْلَافُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَعِتْبَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَا أَعْمَيَيْنِ» ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الرِّجَالِ مَنْ هُوَ أَصْلَحُ مِنْهُمَا، وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِإِطْلَاقِهِمْ وَاقْتِصَارِهِمْ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْأَعْمَى. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ الْقَوْمِ خَاصٌّ بِالْأَعْمَى، أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ بِعِلْمِهِ، لَكِنْ مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ صَرَّحَ بِهِ فِي الِاخْتِيَارِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ عُدِمَتْ أَيْ عِلَّةُ الْكَرَاهَةِ بِأَنْ كَانَ الْأَعْرَابِيُّ أَفْضَلَ مِنْ الْحَضَرِيِّ، وَالْعَبْدُ مِنْ الْحُرِّ، وَوَلَدُ الزِّنَا مِنْ وَلَدِ الرِّشْدَةِ، وَالْأَعْمَى مِنْ الْبَصِيرِ فَالْحُكْمُ بِالضِّدِّ اهـ وَنَحْوُهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْبَهْنَسِيِّ وَشَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ تَنْفِيرَ الْجَمَاعَةِ بِتَقْدِيمِهِ يَزُولُ إذَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ، بَلْ التَّنْفِيرُ يَكُونُ فِي تَقَدُّمِ غَيْرِهِ. وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَقَدْ عَلَّلُوا كَرَاهَةَ تَقْدِيمِهِ بِأَنَّهُ لَا يُهْتَمُّ لِأَمْرِ دِينِهِ، وَبِأَنَّ فِي تَقْدِيمِهِ لِلْإِمَامَةِ تَعْظِيمَهُ، وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ إهَانَتُهُ شَرْعًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ أَعْلَمَ مِنْ غَيْرِهِ لَا تَزُولُ الْعِلَّةُ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ فَهُوَ كَالْمُبْتَدِعِ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ بِكُلِّ حَالٍ، بَلْ مَشَى فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَلَى أَنَّ كَرَاهَةَ تَقْدِيمِهِ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ لِمَا ذَكَرْنَا قَالَ: وَلِذَا لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ أَصْلًا عِنْدَ مَالِكٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، فَلِذَا حَاوَلَ الشَّارِحُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَحَمَلَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى غَيْرِ الْفَاسِقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَطْلَبٌ الْبِدْعَةُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ
(قَوْلُهُ أَيْ صَاحِبُ بِدْعَةٍ) أَيْ مُحَرَّمَةٍ، وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً، كَنَصْبِ الْأَدِلَّةِ لِلرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ، وَتَعَلُّمِ النَّحْوِ الْمُفْهِمِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَنْدُوبَةً كَإِحْدَاثِ نَحْوِ رِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ وَكُلِّ إحْسَانٍ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَمَكْرُوهَةٍ كَزَخْرَفَةِ الْمَسَاجِدِ. وَمُبَاحَةٍ كَالتَّوَسُّعِ بِلَذِيذِ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالثِّيَابِ كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْمُنَاوِيِّ عَنْ تَهْذِيبِ النَّوَوِيِّ، وَبِمِثْلِهِ فِي الطَّرِيقَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ لِلْبِرْكِلِيِّ (قَوْلُهُ وَهِيَ اعْتِقَادُ إلَخْ) عَزَاهُ هَذَا التَّعْرِيفِ فِي هَامِشِ الْخَزَائِنِ إلَى الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الِاعْتِقَادَ يَشْمَلُ مَا كَانَ مَعَهُ عَمَلٌ أَوْ لَا، فَإِنَّ مَنْ تَدَيَّنَ بِعَمَلٍ لَا بُدَّ أَنْ يَعْتَقِدَهُ كَمَسْحِ الشِّيعَةِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ وَإِنْكَارِهِمْ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَيُسَاوِي تَعْرِيفَ الشُّمُنِّيِّ لَهَا بِأَنَّهَا مَا أُحْدِثَ عَلَى خِلَافِ الْحَقِّ الْمُتَلَقَّى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِلْمٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ حَالٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute