للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالرَّأْسِ بَلْ بِالْقَدَمِ، فَلَوْ صَغِيرًا فَالْأَصَحُّ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ أَكْثَرُ قَدَمِ الْمُؤْتَمِّ لَا تَفْسُدُ، فَلَوْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ كُرِهَ (اتِّفَاقًا وَكَذَا) يُكْرَهُ (خَلْفُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ (وَالزَّائِدُ) يَقِفُ (خَلْفَهُ) فَلَوْ تَوَسَّطَ اثْنَيْنِ كُرِهَ تَنْزِيهًا وَتَحْرِيمًا لَوْ أَكْثَرَ، وَلَوْ قَامَ وَاحِدٌ بِجَنْبِ الْإِمَامِ وَخَلْفَهُ صَفٌّ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّهُ يَجْعَلُ أَصَابِعَهُ عِنْدَ عَقِبِ الْإِمَامِ بَحْرٌ، وَيَأْمُرُهُ الْإِمَامُ بِذَلِكَ: أَيْ بِالْوُقُوفِ عَنْ يَمِينِهِ وَلَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدِهِ لِحَدِيثِ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَامَ عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ» سِرَاجٌ (قَوْلُهُ بَلْ بِالْقَدَمِ) فَلَوْ حَاذَاهُ بِالْقَدَمِ وَوَقَعَ سُجُودُهُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْمُقْتَدِي أَطْوَلَ مِنْ إمَامِهِ لَا يَضُرُّ؛ وَمَعْنَى الْمُحَاذَاةِ بِالْقَدَمِ الْمُحَاذَاةُ بِعَقِبِهِ، فَلَا يَضُرُّ تَقَدُّمُ أَصَابِعِ الْمُقْتَدِي عَلَى الْإِمَامِ حَيْثُ حَاذَاهُ بِالْعَقِبِ مَا لَمْ يَفْحُشْ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ، حَتَّى لَوْ فَحُشَ بِحَيْثُ تَقَدَّمَ أَكْثَرُ قَدَمِ الْمُقْتَدِي لِعِظَمِ قَدَمِهِ لَا يَصِحُّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَخْ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ إنَّمَا هُوَ لِلْقَدَمِ لَا لِلرَّأْسِ، فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ أَقْصَرَ مِنْ الْمُقْتَدِي يَقَعُ رَأْسُ الْمُقْتَدِي قُدَّامَ الْإِمَامِ يَجُوزُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا بِقَدَمِهِ أَوْ مُتَأَخِّرًا قَلِيلًا، وَكَذَا فِي مُحَاذَاةِ الْمَرْأَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْأَقْدَامُ صِغَرًا وَكِبَرًا فَالْعِبْرَةُ لِلسَّاقِ وَالْكَعْبِ وَالْأَصَحُّ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ أَكْثَرُ قَدَمِ الْمُقْتَدِي لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى انْتَهَى، فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ كَمَا تَوَهَّمَ رَحْمَتِيٌّ فَافْهَمْ.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: هَذَا فِي غَيْرِ الْمُومِئِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْمُومِئِ لِلرَّأْسِ حَتَّى لَوْ كَانَ رَأْسُهُ خَلْفَ إمَامِهِ وَرِجْلَاهُ قُدَّامَ رِجْلَيْهِ صَحَّ، وَعَلَى الْعَكْسِ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَغَيْرِهِ انْتَهَى.

أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ قَوْلُهُ رَأْسُهُ خَلْفَ إمَامِهِ قَيْدًا، بَلْ كَذَلِكَ إذَا سَاوَاهُ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ. وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الْمُومِئِ الْمُقْتَدِي بِصَحِيحٍ أَوْ بِمُومٍ مِثْلِهِ وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَاعِدًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ، أَمَّا لَوْ عَلَى جَنْبِهِ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُؤْتَمِّ مُضْطَجِعًا خَلْفَ ظَهْرِ إمَامِهِ، وَلَا عِبْرَةَ لِلرَّأْسِ أَصْلًا. [تَنْبِيهٌ]

إفْرَادُ الْقَدَمِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُحَاذَاةَ تُعْتَبَرُ بِوَاحِدَةٍ، وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعْتَمَدًا عَلَى قَدَمٍ وَاحِدٍ فَالْعِبْرَةُ لَهَا؛ وَلَوْ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُحَاذِيَةً وَالْأُخْرَى مُتَأَخِّرَةً فَلَا كَلَامَ فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى مُتَقَدِّمَةً فَهَلْ يَصِحُّ نَظَرًا لِلْمُحَاذِيَةِ أَوْ لَا نَظَرًا لِلْمُتَقَدِّمَةِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي تَرْجِيحًا لِلْحَاظِرِ عَلَى الْمُبِيحِ كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَى قَوَائِمِ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ وَالْأُخْرَى فِي الْحَرَمِ، وَقَدْ رَأَيْت فِيهِ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ اخْتِلَافُ تَرْجِيحٍ.

[فَرْعٌ] قَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: اقْتَدَى عَلَى سَطْحٍ وَقَامَ بِحِذَاءِ رَأْسِ الْإِمَامِ، ذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالسَّرَخْسِيُّ يَجُوزُ. مَطْلَبٌ هَلْ الْإِسَاءَةُ دُونَ الْكَرَاهَةِ أَوْ أَفْحَشُ مِنْهَا؟

(قَوْلُهُ كُرِهَ اتِّفَاقًا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ لِتَعْلِيلِهَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا بِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ، وَلِقَوْلِهِ فِي الْكَافِي جَازَ وَأَسَاءَ، وَكَذَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ، لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ بَحْثِ سُنَنِ الصَّلَاةِ اخْتِلَافَ عِبَارَتِهِمْ فِي أَنَّ الْإِسَاءَةَ دُونَ الْكَرَاهَةِ أَوْ أَفْحَشُ مِنْهَا، وَوَفَّقْنَا بَيْنَهَا بِأَنَّهَا دُونَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ، وَأَفْحَشُ مِنْ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَالزَّائِدُ خَلْفَهُ) عَدَلَ تَبَعًا لِلْوِقَايَةِ عَنْ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالِاثْنَانِ خَلْفَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَاصٍّ بِالِاثْنَيْنِ، بَلْ الْمُرَادُ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ، نَعَمْ يُفْهَمُ حُكْمُ الْأَكْثَرِ بِالْأَوْلَى. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَقِفَ أَحَدُهُمَا بِحِذَائِهِ وَالْآخَرُ بِيَمِينِهِ إذَا كَانَ الزَّائِدُ اثْنَيْنِ، وَلَوْ جَاءَ ثَالِثٌ وَقَفَ عَنْ يَسَارِ الْأَوَّلِ، وَالرَّابِعُ عَنْ يَمِينِ الثَّانِي وَالْخَامِسُ عَنْ يَسَارِ الثَّالِثِ، وَهَكَذَا. اهـ. وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الزَّائِدَ لَوْ جَاءَ بَعْدَ الشُّرُوعِ يَقُومُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَيَتَأَخَّرُ الْمُقْتَدِي الْأَوَّلُ وَيَأْتِي تَمَامُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ كُرِهَ تَنْزِيهًا) وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُكْرَهُ، وَالْأُولَى أَصَحُّ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ وَتَحْرِيمًا لَوْ أَكْثَرَ) أَفَادَ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>