كَلَاحِقَيْنِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ، بِخِلَافِ الْمَسْبُوقَيْنِ وَالْمُحَاذَاةِ فِي الطَّرِيقِ (وَاتَّحَدَتْ الْجِهَةُ) فَلَوْ اخْتَلَفَتْ كَمَا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ وَلَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فَلَا فَسَادَ (فَسَدَتْ صَلَاتُهُ) لَوْ مُكَلَّفًا وَإِلَّا لَا (إنْ نَوَى) الْإِمَامُ وَقْتَ شُرُوعِهِ لَا بَعْدَهُ (إمَامَتَهَا) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً عَلَى الظَّاهِرِ، وَلَوْ نَوَى امْرَأَةً مُعَيَّنَةً أَوْ النِّسَاءَ إلَّا هَذِهِ عَمِلَتْ نِيَّتُهُ (وَإِلَّا) يَنْوِهَا (فَسَدَتْ صَلَاتُهَا)
ــ
[رد المحتار]
أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا إمَامٌ وَاحِدٌ تَأَمَّلْ. وَأُجِيبَ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الشَّرِكَةَ ثَابِتَةٌ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ تَقْدِيرًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَةَ الْخَلِيفَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ فَتَحْصُلُ الْمُشَارَكَةُ بَيْنَهُمَا تَحْرِيمَةً (قَوْلُهُ كَلَاحِقَيْنِ) أَيْ أَحَدُهُمَا امْرَأَةٌ، فَلَوْ حَاذَتْهُ فِي حَالِ الْأَدَاءِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الصَّلَاةِ أَدَاءً حُكْمًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِينَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَأَدَاءً فَإِنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا تَحْرِيمَةً لَمْ يَشْتَرِكَا أَدَاءً لِأَنَّ الْمَسْبُوقَ الْمُنْفَرِدَ فِيمَا يَقْضِي إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَسْبُوقًا وَالْآخَرُ لَاحِقًا كَمَا أَفَادَهُ ح.
وَأَمَّا لَوْ كَانَا مَسْبُوقَيْنِ لَاحِقَيْنِ، فَقَالَ فِي الْفَتْحِ: فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنَّهُمَا لَوْ اقْتَدَيَا فِي الثَّالِثَةِ فَأَحْدَثَا فَذَهَبَا فَتَوَضَّآ ثُمَّ حَاذَتْهُ فِي الْقَضَاءِ، إنْ كَانَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ وَهِيَ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ لِلْإِمَامِ تُفْسِدُ لِوُجُودِ الشَّرِكَةِ فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا فِيهِمَا لَاحِقَانِ، وَإِنْ حَاذَتْهُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ فَلَا لِعَدَمِهَا لِأَنَّهُمَا مَسْبُوقَانِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَ الْمَسْبُوقَ يَقْضِي وُجُوبًا أَوَّلًا مَا لَحِقَ بِهِ ثُمَّ مَا سُبِقَ بِهِ، وَبِاعْتِبَارِهِ تَفْسُدُ وَإِنْ صَحَّ عَكْسُهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ نَوَى قَضَاءَ مَا سُبِقَ بِهِ أَوَّلًا أَنْ يَنْعَكِسَ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَالْمُحَاذَاةُ فِي الطَّرِيقِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَسْبُوقَيْنِ: أَيْ لَا تَفْسُدُ أَيْضًا إذَا حَاذَتْهُ فِي الطَّرِيقِ لِلطَّهَارَةِ فِيمَا إذَا سَبَقَهُمَا الْحَدَثُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُشْتَغِلَيْنِ بِالْقَضَاءِ بَلْ بِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا بِحَقِيقَتِهَا وَإِنْ كَانَا فِي حُرْمَتِهَا، إذْ حَقِيقَتُهَا قِيَامٌ وَقِرَاءَةٌ إلَخْ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ثَابِتًا فَلَمْ تُوجَدْ الشَّرِكَةُ أَدَاءً، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ) قَيَّدَ بِهِ إذْ لَا تُمْكِنُ الْمُحَاذَاةُ اخْتِلَافُ الْجِهَةِ فِي خَارِجٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ) بِأَنْ صَلَّيَا بِالتَّحَرِّي كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى جِهَةٍ (قَوْلُهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ) جَوَابُ قَوْلِهِ وَإِذَا حَاذَتْهُ: أَيْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ دُونَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا نَهْرٌ، فَلَوْ كَانَ إمَامًا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ إلَّا إذَا أَشَارَ إلَيْهَا بِالتَّأْخِيرِ كَمَا يَأْتِي. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ إلَى أَنَّهَا لَوْ اقْتَدَتْ بِهِ مُقَارِنَةً لِتَكْبِيرِهِ مُحَاذِيَةً لَهُ وَقَدْ نَوَى إمَامَتَهَا لَمْ تَنْعَقِدْ تَحْرِيمَتُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ لِلصَّلَاةِ إذَا قَارَنَ الشُّرُوعَ مَنَعَ مِنْ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ لَوْ مُكَلَّفًا) لِأَنَّ فَسَادَ صَلَاةِ الرَّجُلِ لِكَوْنِهِ هُوَ الْمُخَاطَبَ بِتَأْخِيرِهَا، فَإِذَا لَمْ يُؤَخِّرْهَا فَقَدْ تَرَكَ فَرْضَ الْمَقَامِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِيهِ أَيْ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ إشَارَةٌ إلَى اشْتِرَاطِ الْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ، فَإِنَّ الْخِطَابَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، كَذَا فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْجَامِعِ، فَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الصَّبِيِّ بِالْمُحَاذَاةِ عَلَى هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ إنْ نَوَى إمَامَتَهَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ: هَذَا الْقَيْدُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِذِكْرِ الِاشْتِرَاكِ السَّابِقِ. وَأَقُولُ: غَيْرُ خَافٍ أَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ وَإِنْ اسْتَلْزَمَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ لَا بَعْدَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ صَلَاتَهَا مَعَ الْمُحَاذِي صَحِيحَةٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْبَقَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ ط.
أَقُولُ: وَفِي الْقُنْيَةِ رَامِزًا إلَى شَرَفِ الْأَئِمَّةِ: وَنِيَّةُ الْإِمَامِ إمَامَةَ النِّسَاءِ، تُعْتَبَرُ وَقْتَ الشُّرُوعِ لَا بَعْدَهُ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي مُدَّةٍ اقْتِدَائِهِنَّ، فَلَوْ نَوَى إمَامَةَ الْمَرْأَةِ بَعْدَ شُرُوعِهِ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهَا فَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ حَاذَتْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ) هُوَ اسْتِظْهَارٌ مِنْ صَاحِبِ الْبَحْرِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ رِوَايَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْفَارِسِيَّ فِي شَرْحِهِ عَلَى تَلْخِيصِ الْجَامِعِ حَكَى الِاشْتِرَاطَ بِقِيلَ (قَوْلُهُ عَمِلَتْ نِيَّتُهُ) فَلَا تَفْسُدُ الْمُسْتَثْنَاةُ وَلَا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ اقْتِدَائِهِمَا (قَوْلُهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ شَارِعَةً فِي الْفَرْضِ وَلَا فِي نَفْلٍ أَيْضًا. وَحَكَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute