كَمَا لَوْ أَشَارَ إلَيْهَا بِالتَّأْخِيرِ فَلَمْ تَتَأَخَّرْ لِتَرْكِهَا فَرْضَ الْمَقَامِ فَتْحٌ. وَشَرَطُوا كَوْنَهَا عَاقِلَةً، وَكَوْنَهُمَا فِي مَكَان وَاحِدٍ فِي رُكْنٍ كَامِلٍ، فَالشُّرُوطُ عَشَرَةٌ (وَمُحَاذَاةُ الْأَمْرَدِ الصَّبِيحِ) الْمُشْتَهَى (لَا يُفْسِدُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ) تَضْعِيفٌ لِمَا فِي جَامِعِ الْمَحْبُوبِيِّ وَدُرَرِ الْبِحَارِ مِنْ الْفَسَادِ. لِأَنَّهُ فِي الْمَرْأَةِ غَيْرُ مَعْلُولٍ بِالشَّهْوَةِ، بَلْ بِتَرْكِ فَرْضِ الْمَقَامِ كَمَا حَقَّقَهُ ابْنُ الْهُمَامِ.
(وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ)
ــ
[رد المحتار]
فِي الْقُنْيَةِ فِي الثَّانِي رِوَايَتَيْنِ: أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي، مِنْ أَنَّهُ إذَا فَسَدَ الِاقْتِدَاءُ هَلْ يَصِحُّ شُرُوعُهُ فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ أَمْ لَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ. [تَنْبِيهٌ]
ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا بِلَا نِيَّةِ الْإِمَامِ إمَامَتَهَا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ أَيْضًا، فَالنِّيَّةُ شَرْطٌ فِيهِمَا أَيْضًا. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَبِهِ قَالَ كَثِيرٌ إلَّا أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى عَدَمِهِ فِيهِمَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَجَعَلَ الزَّيْلَعِيُّ الْأَكْثَرَ عَلَى الِاشْتِرَاطِ وَأَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِهِ فِي الْجِنَازَةِ اهـ. وَظَاهِرٌ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي صَلَاتِهَا عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُحَاذِيَةِ أَيْ لِإِمَامٍ أَوْ لِمُقْتَدٍ أَنَّهَا لَوْ اقْتَدَتْ غَيْرَ مُحَاذِيَةٍ لِأَحَدٍ اقْتِدَاؤُهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا إلَّا إذَا نَفَى إمَامَةَ النِّسَاءِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْمَرْأَةِ نِيَّةُ الْإِمَامِ إمَامَتَهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مُحَاذِيَةً وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ، وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي بَحْثِ النِّيَّةِ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ الْحِلْيَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَتَقَدَّمَ بَعْدُ وَتُحَاذِيَ أَحَدًا مِنْ إمَامٍ أَوْ مَأْمُومٍ، فَإِنْ تَقَدَّمَتْ وَحَاذَتْ لَا يَبْقَى اقْتِدَاؤُهَا وَلَا تُتِمُّ صَلَاتُهَا. اهـ. وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ هُنَا أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلُ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ الْأَخِيرَ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ مُطْلَقًا وَالْعَمَلُ عَلَى الْمُتَأَخِّرِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلِهَذَا أَطْلَقَ فِي مَتْنِ الْمُخْتَارِ تَرْكَهُ؛ وَلَا تَدْخُلُ الْمَرْأَةُ فِي صَلَاةِ الرِّجَالِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا الْإِمَامُ؛ وَمِثْلُهُ فِي الْمَتْنِ الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَشَارَ إلَيْهَا بِالتَّأْخِيرِ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ: إذَا حَاذَتْهُ بَعْدَ مَا شَرَعَ وَنَوَى إمَامَتَهَا فَلَا يُمْكِنُهُ التَّأْخِيرُ بِالتَّقَدُّمِ خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ لِلْكَرَاهَةِ فِي ذَلِكَ، فَتَأْخِيرُهَا بِالْإِشَارَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِذَا فَعَلَ فَقَدْ أَخَّرَ فَيَلْزَمُهَا التَّأَخُّرُ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَقَدْ تَرَكَتْ حِينَئِذٍ فَرْضُ الْمَقَامِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهَا دُونَهُ. اهـ.
وَاسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ مَا شَرَعَ أَنَّهَا لَوْ حَضَرَتْ قَبْلَ شُرُوعِهِ وَنَوَى إمَامَتَهَا مُحَاذِيًا لَهَا وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهَا بِالتَّأَخُّرِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، فَالْإِشَارَةُ بِالتَّأَخُّرِ إنَّمَا تَنْفَعُ إذَا حَضَرَتْ بَعْدَ الشُّرُوعِ نَاوِيًا إمَامَتَهَا. قَالَ ط: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ بِقَيْدٍ اهـ أَيْ فَلَوْ حَاذَتْ الْمُقْتَدِيَ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَأَشَارَ إلَيْهَا بِالتَّأَخُّرِ وَلَمْ تَتَأَخَّرْ فَسَدَتْ صَلَاتُهَا دُونَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ هَذَا فِي الشُّرُوطِ، بِأَنْ يُقَالَ: وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهَا بِالتَّأَخُّرِ إذَا حَضَرَتْ بَعْدَ شُرُوعِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الْمَرْأَةِ الْبَالِغَةِ، أَمَّا غَيْرُهَا فَغَيْرُ مُكَلَّفَةٍ بِفَرْضِيَّةِ الْمَقَامِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَشَرَطُوا كَوْنَهَا عَاقِلَةً) مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ لِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهَا نَهْرٌ، وَقَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهُمَا فِي مَكَان وَاحِدٍ) حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَلَى دُكَّانٍ عُلْوِ قَامَةٍ وَالْآخَرُ عَلَى الْأَرْضِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ شَرْحُ الْمُنْيَةِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا مِنْ الْمُحَاذَاةِ إلَّا أَنَّ الْمَشَايِخَ ذَكَرُوهُ إيضَاحًا نَهْرٌ عَنْ الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ فِي رُكْنٍ كَامِلٍ) أَيْ فِي أَدَاءِ رُكْنٍ بِالْفِعْلِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مِقْدَارُ الرُّكْنِ.
وَاَلَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ الْمُحَاذَاةُ مُفْسِدَةٌ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ اخْتِيَارُهُ (قَوْلُهُ فَالشُّرُوطُ عَشَرَةٌ) بَلْ أَكْثَرُ بِزِيَادَةِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ كَوْنِ الَّذِي حَاذَتْهُ مُكَلَّفًا وَبِزِيَادَةِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا بِالتَّأَخُّرِ إذَا حَضَرَتْ بَعْدَ شُرُوعِهِ (قَوْلُهُ وَالصَّبِيحُ الْمُشْتَهَى) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَغَيْرُهُ لَا يُفْسِدُ بِالِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَعْلُولٍ بِالشَّهْوَةِ) أَيْ لَيْسَتْ عِلَّةُ الْفَسَادِ الشَّهْوَةَ، وَلِذَا أَفْسَدْنَا بِالْعَجُوزِ الشَّوْهَاءِ وَبِالْمَحْرَمِ كَأُمِّهِ وَبِنْتِهِ؛ وَأَمَّا عَدَمُ الْفَسَادِ فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ كَبِنْتِ سَبْعٍ فَلِقُصُورِهَا عَنْ دَرَجَةِ النِّسَاءِ، فَكَانَ الْأَمْرُ بِتَأْخِيرِهِنَّ غَيْرُ شَامِلٍ لَهَا ظَاهِرًا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمَرْأَةِ الْأُنْثَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute