للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخُنْثَى (وَصَبِيٍّ مُطْلَقًا) وَلَوْ فِي جِنَازَةٍ

ــ

[رد المحتار]

الشَّامِلُ لِلْبَالِغَةِ وَغَيْرِهَا؛ كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخُنْثَى مَا يَشْمَلُهُمَا أَيْضًا. وَأَمَّا الرَّجُلُ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْبَالِغَ اقْتَضَى بِمَفْهُومِهِ صِحَّةَ اقْتِدَاءِ الصَّبِيِّ بِالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الذَّكَرُ أَفَادَ عَدَمَ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الصَّبِيِّ بِالصَّبِيِّ، وَكِلَاهُمَا غَيْرُ وَاقِعٍ؛ فَالصَّوَابُ فِي الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ: وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ ذَكَرٍ بِأُنْثَى وَخُنْثَى، وَلَا رَجُلٍ بِصَبِيٍّ ح عَنْ شَيْخِهِ السَّيِّدِ عَلِيٍّ الْبَصِيرِ. أَقُولُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا بَالِغٌ أَوْ غَيْرُهُ؛ فَالذَّكَرُ الْبَالِغُ تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِلْكُلِّ، وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ إلَّا بِمِثْلِهِ؛ وَالْأُنْثَى الْبَالِغَةُ تَصِحُّ إمَامَتُهَا لِلْأُنْثَى مُطْلَقًا فَقَطْ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَتَصِحُّ اقْتِدَاؤُهَا بِالرَّجُلِ وَبِمِثْلِهَا وَبِالْخُنْثَى الْبَالِغِ، وَيُكْرَهُ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَالْخُنْثَى الْبَالِغُ تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِلْأُنْثَى مُطْلَقًا فَقَطْ لَا لِرَجُلٍ وَلَا لِمِثْلِهِ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَذُكُورَةِ الْمُقْتَدِي، وَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِالرَّجُلِ لَا بِمِثْلِهِ، وَلَا بِأُنْثَى مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْبَالِغِ؛ فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِمِثْلِهِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَخُنْثَى، وَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِالذَّكَرِ مُطْلَقًا فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى تَصِحُّ إمَامَتُهَا لِمِثْلِهَا فَقَطْ. أَمَّا الصَّبِيُّ فَمُحْتَمَلٌ، وَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهَا بِالْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ خُنْثَى تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِأُنْثَى مِثْلِهِ لَا لِبَالِغَةٍ وَلَا لِذَكَرٍ أَوْ خُنْثَى مُطْلَقًا، وَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِالذَّكَرِ مُطْلَقًا فَقَطْ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي أَخْذًا مِنْ الْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي جِنَازَةٍ) بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ الرَّاجِعِ إلَى الِاقْتِدَاءِ بِالصَّبِيِّ. مَطْلَبٌ الْوَاجِبُ كِفَايَةً هَلْ يَسْقُطُ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ وَحْدَهُ؟

قَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ: الصَّبِيُّ إذَا أَمَّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ أَدَاءِ الْفَرْضِ، وَلَكِنْ يُشْكِلُ بِرَدِّ السَّلَامِ إذَا سَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ فَرَدَّ صَبِيٌّ جَوَابَ السَّلَامِ. اهـ. أَقُولُ: مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْوُجُوبُ عَنْ الْبَالِغِينَ بِصَلَاتِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَحْدَهُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ إمَامًا، وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى هَذَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا ظَاهِرُ أُصُولِ الْمَذْهَبِ عَدَمُ السُّقُوطِ اهـ أَيْ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ. أَقُولُ: وَيُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ مَسْأَلَةِ السَّلَامِ وَتَصْرِيحُهُمْ بِجَوَازِ أَذَانِ الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ بِلَا كَرَاهَةٍ مَعَ أَنَّهُ قِيلَ بِأَنَّ الْأَذَانَ وَاجِبٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ الْوَاجِبِ فِي لُحُوقِ الْإِثْمِ وَتَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ خَطَبَ صَبِيٌّ لَهُ مَنْشُورٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَصَلَّى بِالنَّاسِ بَالِغٌ جَازَ وَتَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّهُ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الذَّبْحَ وَالتَّسْمِيَةَ أَيْ يَعْلَمُ أَنَّهَا مَأْمُورٌ بِهَا، وَكَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْأُسْرُوشَنِيُّ مِنْ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا غَسَّلَ الْمَيِّتَ جَازَ اهـ أَيْ يَسْقُطُ بِهِ الْوُجُوبُ. فَسُقُوطُ الْوُجُوبِ بِصَلَاتِهِ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْلَى لِأَنَّهَا دُعَاءٌ وَهُوَ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ. وَلَعَلَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِهِ. وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وُقُوعَهُ وَاجِبًا. وَسُقُوطُ الْوُجُوبِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِفِعْلِهِ، يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ مِنْ بَابِ الْمُرْتَدِّ، مِنْ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ أَقَرَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ يَقَعُ فَرْضًا وَيَلْزَمُهُ تَجْدِيدُ إقْرَارٍ آخَرَ بَعْدَ الْبُلُوغِ حَتَّى عَلَى قَوْلِ مَنْ يَنْفِي وُجُوبَ الْإِيمَانِ عَلَى الصَّبِيِّ، فَصَارَ كَالْمُسَافِرِ لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَلَّاهَا سَقَطَ فَرْضُهُ. اهـ.

وَلَا يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ بِهِ فَلَا يَقَعُ إلَّا فَرْضًا. لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ إثْبَاتُ إنَّهُ مِنْ أَهْلِ أَدَاءِ الْفَرْضِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِذَلِكَ فَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ بِهَا أَيْضًا، وَالِاكْتِفَاءُ بِأَذَانِهِ وَخُطْبَتِهِ وَتَسْمِيَتِهِ وَرَدِّهِ السَّلَامَ دَلِيلٌ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِصَلَاتِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ، نَعَمْ يُشْكِلُ مَا لَوْ صَلَّى فِي الْوَقْتِ ثُمَّ بَلَغَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُهَا لِوُقُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>