للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَفْلٍ عَلَى الْأَصَحِّ

(وَكَذَا لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِمَجْنُونٍ مُطْبِقٍ أَوْ مُتَقَطِّعٍ فِي غَيْرِ حَالَةِ إفَاقَتِهِ وَسَكْرَانَ) أَوْ مَعْتُوهٍ ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ (وَلَا طَاهِرٍ بِمَعْذُورٍ) هَذَا (إنْ قَارَنَ الْوُضُوءُ الْحَدَثَ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ) بَعْدَهُ (وَصَحَّ لَوْ تَوَضَّأَ عَلَى الِانْقِطَاعِ وَصَلَّى كَذَلِكَ) كَاقْتِدَاءٍ بِمُفْتَصِدٍ أَمِنَ خُرُوجَ الدَّمِ؛ وَكَاقْتِدَاءِ امْرَأَةٍ بِمِثْلِهَا، وَصَبِيٍّ بِمِثْلِهِ، وَمَعْذُورٍ بِمِثْلِهِ وَذِي عُذْرَيْنِ بِذِي عُذْرٍ، لَا عَكْسِهِ كَذِي انْفِلَاتِ رِيحٍ بِذِي سَلَسٍ لِأَنَّ مَعَ الْإِمَامِ حَدَثًا وَنَجَاسَةً.

ــ

[رد المحتار]

الْأُولَى نَفْلًا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُعْتَبَرُ آخَرَ الْوَقْتِ وَهُوَ فِيهِ بَالِغٌ لَزِمَهُ إعَادَتُهَا لِوُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ، وَالْوَقْتُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ لَيْسَ سَبَبًا لِلْوُجُودِ فَكَأَنَّهُ صَلَّى قَبْلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ فَلَمْ يُمْكِنْ جَعْلُهَا فَرْضًا. أَمَّا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَإِنَّ سَبَبَهَا حُضُورُهَا وَهُوَ مَوْجُودٌ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَأَمْكَنَ وُقُوعُهَا فَرْضًا مِنْهُ تَأَمَّلْ، وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْبُلُوغُ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَوْ حَجَّ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ ثَانِيًا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ مِنْ شَرْطِهَا الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ، بِخِلَافِ الْحَجِّ النَّفْلِ: وَمِنْ هَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ فِي الْجِنَازَةِ أَيْضًا وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ وَسُقُوطِ الْوَاجِبِ بِهَا عَنْ الْمُكَلَّفِينَ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ لِلْبَالِغِينَ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهَا الْبُلُوغُ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَحَلِّ، فَاغْتَنِمْهُ فَإِنَّك لَا تَظْفَرُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ (قَوْلُهُ وَنَفْلٍ عَلَى الْأَصَحِّ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَفِي التَّرَاوِيحِ وَالسُّنَنِ الْمُطْلَقَةِ جَوَّزَهُ مَشَايِخُ بَلْخٍ وَلَمْ يُجَوِّزْهُ مَشَايِخُنَا، وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّقَ الْخِلَافَ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا. اهـ. وَالْمُرَادُ بِالسُّنَنِ الْمُطْلَقَةِ السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ وَالْعِيدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَكَذَا الْوِتْرُ وَالْكُسُوفَانِ وَالِاسْتِسْقَاءُ عِنْدَهُمَا فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ بِمَجْنُونٍ مُطْبِقٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَالنِّسْبَةُ مَجَازِيَّةٌ لِأَنَّ الْمُطْبِقَ هُوَ الْجُنُونُ لَا الْمَجْنُونُ، فَهُوَ كَقَوْلِك ضَرْبٌ مُؤْلِمٌ، فَإِنَّ الْمُؤْلِمَ هُوَ الضَّارِبُ لَا الضَّرْبُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا صَلَاةَ لَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ النِّيَّةِ وَلِعَدَمِ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ حَالَةِ إفَاقَتِهِ) وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْإِفَاقَةِ فَيَصِحُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ إفَاقَتُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، حَتَّى لَوْ عُلِمَ مِنْهُ جُنُونٌ وَإِفَاقَةٌ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ وَقْتَ الصَّلَاةِ لَا يَصِحُّ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ عُلِمَتْ إفَاقَتُهُ بَعْدَ جُنُونِهِ أَنْ يَصِحَّ، وَلَا عِبْرَةَ بِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْجُنُونِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ وَهُوَ الصِّحَّةُ لِأَنَّ الْجُنُونَ مَرَضٌ عَارِضٌ (قَوْلُهُ أَوْ (مَعْتُوهٌ)) هُوَ النَّاقِصُ الْعَقْلِ، وَقِيلَ الْمَدْهُوشُ مِنْ غَيْرِ جُنُونٍ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ، وَقَدْ جَعَلُوهُ فِي حُكْمِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ وَمَعْذُورٌ بِمِثْلِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ اتَّحَدَ عُذْرُهُمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ وَغَيْرِهِمَا. وَفِي السِّرَاجِ مَا نَصُّهُ: وَيُصَلِّي مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ خَلْفَ مِثْلِهِ. وَأَمَّا إذَا صَلَّى خَلْفَ مَنْ بِهِ السَّلَسُ وَانْفِلَاتُ رِيحٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْإِمَامَ صَاحِبُ عُذْرَيْنِ وَالْمُؤْتَمَّ صَاحِبُ عُذْرٍ وَاحِدٍ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ. وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ اتِّحَادِ الْعُذْرِ اتِّحَادُ الْأَثَرِ لَا اتِّحَادُ الْعَيْنِ، وَإِلَّا لَكَانَ يَكْفِيهِ فِي التَّمْثِيلِ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا إذَا صَلَّى خَلْفَ مَنْ بِهِ انْفِلَاتُ رِيحٍ، وَلَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ فِي التَّعْلِيلِ لِاخْتِلَافِ عُذْرِهِمَا، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ سَلَسَ الْبَوْلِ وَالْجُرْحَ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَّحِدِ، وَكَذَا سَلَسُ الْبَوْلِ وَاسْتِطْلَاقُ الْبَطْنِ. اهـ.

أَيْ لِاتِّحَادِهِمَا فِي الْأَثَرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَدَثٌ وَنَجَاسَةٌ وَإِنْ كَانَ السَّلَسُ لَيْسَ عَيْنَ الْجُرْحِ، لَكِنْ اعْتَرَضَ فِي النَّهْرِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ اقْتِدَاءِ ذِي سَلَسٍ بِذِي انْفِلَاتٍ، وَلَيْسَ بِالْوَاقِعِ لِاخْتِلَافِ عُذْرِهِمَا اهـ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاتِّحَادِ اتِّحَادُ الْعَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرِ، وَكَذَا صَرَّحَ فِي الْحِلْيَةِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ ذِي سَلَسٍ بِذِي جُرْحٍ لَا يَرْقَأُ أَوْ بِالْعَكْسِ. وَقَالَ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ اقْتِدَاءُ مَعْذُورٍ بِمِثْلِهِ إذَا اتَّحَدَ عُذْرُهُمَا لَا إنْ اخْتَلَفَ اهـ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْأَحْسَنَ مَا فِي النَّهْرِ وَأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ مُتَابَعَتُهُ عَلَى عَادَتِهِ، وَأَنَّ مَا قَالَهُ هُنَا تَابَعَ فِيهِ صَاحِبَ الْبَحْرِ، وَكَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْخَزَائِنِ حَيْثُ قَالَ: اقْتِدَاءُ الْمَعْذُورِ بِمِثْلِهِ صَحِيحٌ إنْ اتَّحَدَ عُذْرُهُمَا كَذِي سَلَسٍ بِمِثْلِهِ أَوْ بِذِي جُرْحٍ أَوْ انْطِلَاقٍ، لَا إنْ اخْتَلَفَ كَذِي انْفِلَاتٍ بِذِي سَلَسٍ لِأَنَّ مَعَ الْإِمَامِ حَدَثًا

<<  <  ج: ص:  >  >>