- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفْلًا وَبِقَوْمِهِ فَرْضًا» (وَ) لَا (نَاذِرٍ) بِمُتَنَفِّلٍ، وَلَا بِمُفْتَرِضٍ، وَلَا (بِنَاذِرٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَمُفْتَرِضٍ فَرْضًا آخَرَ إلَّا إذَا نَذَرَ أَحَدُهُمَا عَيْنَ مَنْذُورِ الْآخَرِ لِلِاتِّحَادِ (وَ) لَا (نَاذِرٍ بِحَالِفٍ) لِأَنَّ الْمَنْذُورَةَ أَقْوَى فَصَحَّ عَكْسُهُ، وَبِحَالِفٍ وَمُتَنَفِّلٍ، وَمُصَلِّيًا رَكْعَتَيْ طَوَافٍ كَنَاذِرَيْنِ؛ وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي نَافِلَةٍ فَأَفْسَدَاهَا صَحَّ الِاقْتِدَاءُ لَا إنْ أَفْسَدَاهَا مُنْفَرِدَيْنِ؛ وَلَوْ صَلَّيَا الظُّهْرَ وَنَوَى كُلٌّ إمَامَةَ الْآخَرِ صَحَّتْ لَا إنْ نَوَيَا الِاقْتِدَاءَ، وَالْفَرْقُ لَا يَخْفَى (وَ) لَا (لَاحِقٍ وَ) لَا (مَسْبُوقٍ بِمِثْلِهِمَا) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي مَوْضِعِ الِانْفِرَادِ
ــ
[رد المحتار]
وَالْجَوَابُ «أَنَّ مُعَاذًا لَمَّا شَكَاهُ قَوْمُهُ قَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا مُعَاذُ لَا تَكُنْ فَتَّانًا، إمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي، وَإِمَّا أَنْ تُحَفِّفَ عَلَى قَوْمِك» رَوَاهُ أَحْمَدُ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَنْعِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَتَى صَلَّى مَعَهُ امْتَنَعَتْ إمَامَتُهُ وَبِالْإِجْمَاعِ لَا تَمْتَنِعُ إمَامَتُهُ بِصَلَاةِ النَّفْلِ مَعَهُ، فَعُلِمَ أَنَّ الَّذِي كَانَ يُصَلِّيهِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفْلٌ. اهـ. وَقَالَ الْإِمَامُ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ مُعَاذٍ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ نَافِلَةً وَكَانَتْ صَلَاتُهُ بِقَوْمِهِ هِيَ الْفَرِيضَةَ، وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ نُوحٍ أَفَنْدِي وَفَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ وَلَا نَاذِرٍ بِمُتَنَفِّلٍ) لِأَنَّ النَّذْرَ وَاجِبٌ فَيَلْزَمُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ ح (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلًّا إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْأَخِيرَيْنِ، فَإِنَّ الْمَنْذُورَ فَرْضٌ أَوْ وَاجِبٌ.
وَرَجَّحَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ الْأُولَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا نَذَرَ أَحَدَهُمَا إلَخْ) بِأَنْ قَالَ بَعْدَ نَذْرِ صَاحِبِهِ نَذَرْت تِلْكَ الْمَنْذُورَةَ الَّتِي نَذَرَهَا فُلَانٌ شَرْحُ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ لِلِاتِّحَادِ) لِأَنَّهُ لَمَّا نَذَرَ مَنْذُورَةَ صَاحِبِهِ فَكَأَنَّهُمَا نَذَرَا صَلَاةً بِعَيْنِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا نَذَرَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا صَلَاةً لِأَنَّ مَا أَوْجَبَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنَذْرِهِ غَيْرُ مَا أَوْجَبَهُ الْآخَرُ، وَلَيْسَ مَنْذُورُ أَحَدِهِمَا أَقْوَى مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَنْذُورَةَ أَقْوَى) أَيْ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ بِالْحَلِفِ عَنْ كَوْنِهَا نَافِلَةً، أَلَا تَرَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى التَّخْيِيرِ، إنْ شَاءَ صَلَّى وَبَرَّ فِي يَمِينِهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَكَفَّرَ، وَلِذَا جَازَ اقْتِدَاءُ الْحَالِفِ بِالْحَالِفِ وَبِالْمُتَنَفِّلِ، وَمَا وَقَعَ فِي الْمِنَحِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْوُجُوبَ فِيهَا عَارِضٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلِذَا أَضْرَبَ عَنْهُ الشَّارِحُ رَحْمَتِيٌّ. أَقُولُ: يُؤَيِّدُ هَذَا مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فَرْضًا وَجَبَ الْبِرُّ، أَوْ مَعْصِيَةً وَجَبَ الْحِنْثُ، أَوْ غَيْرُهُ خَيْرٌ تَرَجَّحَ الْحِنْثُ، وَإِنْ تَسَاوَيَا تَرَجَّحَ الْبِرُّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَصَحَّ عَكْسُهُ) لِأَنَّ فِيهِ بِنَاءَ الضَّعِيفِ عَلَى الْقَوِيِّ وَهُوَ جَائِزٌ ط (قَوْلُهُ وَبِحَالِفٍ) عَطْفٌ عَلَى النَّاذِرِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ عَكْسُهُ، وَالتَّقْدِيرُ: فَصَحَّ اقْتِدَاءُ حَالِفٍ بِنَاذِرٍ وَبِحَالِفٍ ح. وَصُورَةُ الْحَلِفِ بِهَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَأُصَلِّيَن رَكْعَتَيْنِ بَحْرٌ، وَإِنَّمَا صَحَّ اقْتِدَاءُ حَالِفٍ بِحَالِفٍ لِمَا عَلِمْته مِنْ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ بِالْحَلِفِ عَنْ كَوْنِهَا نَافِلَةً، فَكَانَ اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمِثْلِهِ، وَعَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْبِرُّ فَبَقِيَتْ الصَّلَاتَانِ نَفْلًا فِي نَفْسِهِمَا اهـ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَبِمُتَنَفِّلٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِحَالِفٍ أَيْ صَحَّ اقْتِدَاءُ الْحَالِفِ بِالْمُتَنَفِّلِ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا نَفْلٌ ح وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّهَا وَاجِبَةٌ لِتَحْقِيقِ الْبِرِّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ اهـ عَلِمْت جَوَابَهُ (قَوْلُهُ وَمُصَلِّيَا) تَثْنِيَةُ مُصَلٍّ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ كَنَاذِرَيْنِ، يَعْنِي فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ، فَإِنَّ طَوَافَ أَحَدِهِمَا غَيْرُ طَوَافِ الْآخَرِ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح. وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ بِمَنْزِلَةِ اقْتِدَاءِ الْمُتَطَوِّعِ بِالْمُتَطَوِّعِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِمَا (قَوْلُهُ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ) أَيْ لِلِاتِّحَادِ، فَكَانَ كَنَذْرِ أَحَدِهِمَا عَيْنَ مَا نَذَرَهُ الْآخَرُ ح (قَوْلُهُ لَا إنْ أَفْسَدَاهَا مُنْفَرِدَيْنِ) لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ كَالنَّاذِرَيْنِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ لَا يَخْفَى) هُوَ أَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَلَا يَصِيرُ إمَامًا إلَّا بِاقْتِدَاءِ غَيْرِهِ بِهِ فَبَقِيَا مُنْفَرِدَيْنِ، وَأَمَّا الْمُقْتَدِي فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَّا بِنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَالِاقْتِدَاءُ يَصِحُّ لِمَنْ نَوَى بِنَاءَ صَلَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ بِمِثْلِهِمَا) وَكَذَا لَاحِقٌ بِمَسْبُوقٍ وَعَكْسُهُ ح (قَوْلُهُ الِاقْتِدَاءُ فِي مَوْضِعِ الِانْفِرَادِ) هَذَا يَجْرِي فِي اقْتِدَاءِ الْمَسْبُوقِ بِمَسْبُوقٍ أَوْ لَاحِقٍ، وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute