مُفْسِدٌ كَعَكْسِهِ.
(وَ) لَا (مُسَافِرٍ بِمُقِيمٍ بَعْدَ الْوَقْتِ فِيمَا يَتَغَيَّرُ بِالسَّفَرِ) كَالظُّهْرِ، سَوَاءٌ أَحْرَمَ الْمُقِيمُ بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ فِيهِ، فَخَرَجَ فَاقْتَدِي الْمُسَافِرُ (بَلْ) إنْ أَحْرَمَ (فِي الْوَقْتِ) فَخَرَجَ صَحَّ (وَأَتَمَّ) تَبَعًا لِإِمَامِهِ، أَمَّا بَعْدَ الْوَقْتِ فَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ فَيَكُونُ اقْتِدَاءً بِمُتَنَفِّلٍ فِي حَقِّ قَعْدَةٍ أَوْ قِرَاءَةٍ بِاقْتِدَائِهِ فِي شَفْعٍ أَوَّلٍ أَوْ ثَانٍ (وَ) لَا (نَازِلٍ بِرَاكِبٍ) وَلَا رَاكِبٍ بِرَاكِبٍ دَابَّةً أُخْرَى، فَلَوْ مَعَهُ صَحَّ (وَ) لَا (غَيْرِ الْأَلْثَغِ بِهِ) أَيْ بِالْأَلْثَغِ (عَلَى الْأَصَحِّ) كَمَا فِي الْبَحْرِ
ــ
[رد المحتار]
يَعْنِي الِانْفِرَادَ فِي مَوْضِعِ الِاقْتِدَاءِ يَجْرِي فِي اقْتِدَاءِ اللَّاحِقِ بِلَاحِقٍ أَوْ مَسْبُوقٍ، فَإِنَّ اللَّاحِقَ إذَا قَصَدَ الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِ إمَامه فَكَأَنَّهُ انْفَرَدَ أَوَّلًا عَنْ إمَامِهِ ثُمَّ اقْتَدَى فَصَحَّ أَنَّهُ انْفَرَدَ فِي مَوْضِعِ الِاقْتِدَاءِ ح.
(قَوْلُهُ وَلَا مُسَافِرٍ بِمُقِيمٍ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُسَافِرٍ بِمُقِيمٍ إلَخْ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ قَابِلَةٌ لِلْإِتْمَامِ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا، بِأَنْ يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ، أَوْ بِأَنْ يَقْتَدِيَ بِمُقِيمٍ فَيَصِيرَ تَبَعًا لِإِمَامِهِ وَيُتِمُّ لِبَقَاءِ السَّبَبِ وَهُوَ الْوَقْتُ. أَمَّا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ فَقَدْ تَقَرَّرَتْ فِي ذِمَّتِهِ رَكْعَتَيْنِ فَلَا يُمْكِنُ إتْمَامُهَا بِإِقَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، حَتَّى إنَّهُ يَقْضِيهَا فِي بَلَدِهِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا اقْتَدِي بَعْدَ الْوَقْتِ بِمُقِيمٍ أَحْرَمَ بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ فِيهِ لَا يَصِحُّ، لِمَا قُلْنَا وَلِمَا يَأْتِي، بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَدَى بِهِ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ لِمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ فِيمَا يَتَغَيَّرُ بِالسَّفَرِ) احْتِرَازٌ عَنْ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ لِعَدَمِ تَغَيُّرِهِ (قَوْلُهُ فَخَرَجَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِيهِ لِأَنَّ أَوْ الْعَاطِفَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْعَامِلِ وَهُوَ أَحْرَمَ، وَقَوْلُهُ فَاقْتَدَى مَعْطُوفٌ عَلَى أَحْرَمَ (قَوْلُهُ بَلْ إنْ أَحْرَمَ) أَيْ الْمُسَافِرُ الْمُقْتَدِي بِالْمُقِيمِ، وَعَبَّرَ بِأَحْرَمَ بَدَلَ اقْتَدَى لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ إدْرَاكِ التَّحْرِيمَةِ فِي الْوَقْتِ كَافٍ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَلُزُومِ الْإِتْمَامِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ فَيَكُونُ) تَفْرِيعٌ عَلَى عَدَمِ التَّغَيُّرِ ح (قَوْلُهُ بِاقْتِدَائِهِ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ فِي شَفْعٍ أَوَّلَ أَوْ ثَانٍ) نَشْرٌ مُرَتَّبٌ: أَيْ أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى بِالْمُقِيمِ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ يَكُونُ اقْتِدَاءَ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ الْأُولَى، فَإِنَّهَا فَرْضٌ عَلَى الْمُسَافِرِ لِأَنَّهَا آخِرُ صَلَاتِهِ نَفْلٌ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ لِأَنَّهَا أَوْلَى فِي حَقِّهِ، وَأَطْلَقُوا النَّفَلَ هُنَا عَلَى مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ وَهُوَ الْوَاجِبُ لِأَنَّ النَّفَلَ الزِّيَادَةُ وَالْوَاجِبُ زَائِدٌ عَلَى الْفَرْضِ، وَإِذَا اقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي يَكُونُ اقْتِدَاءَ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ أَيْضًا فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّهَا فَرْضٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْمُسَافِرِ نَفْلٌ لِلْمُقِيمِ، سَوَاءٌ قَرَأَ الْمُقِيمُ فِي الْأُولَيَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَقَطْ لِأَنَّ مَحَلَّهَا الْأُولَيَانِ فَتُلْتَحَقُ بِهِمَا فَتَخْلُو الْأُخْرَيَانِ عَنْهَا حُكْمًا. وَلَا يَرِدُ اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ لِمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّهَا أَخَذَتْ حُكْمَ الْفَرْضِ تَبَعًا لِصَلَاةِ الْإِمَامِ؛ وَلِذَا لَوْ أَفْسَدَهَا بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ يَقْضِيهَا أَرْبَعًا. [تَنْبِيهٌ]
يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى مُقِيمُونَ بِمُسَافِرٍ وَأَتَمَّ بِهِمْ بِلَا نِيَّةِ إقَامَةٍ وَتَابَعُوهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ لِكَوْنِهِ مُتَنَفِّلًا فِي الْأُخْرَيَيْنِ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ فِي الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةَ؛ وَذَكَرَ أَنَّهَا وَقَعَتْ لَهُ وَلَمْ يَرَهَا فِي كِتَابٍ. قُلْت: وَقَدْ نَقَلَهَا الرَّمْلِيُّ فِي بَابِ الْمُسَافِرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَسَنَذْكُرُهَا هُنَاكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَلَا نَازِلٍ بِرَاكِبٍ إلَخْ) وَكَذَا عَكْسُهُ، وَالْعِلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ اخْتِلَافُ الْمَكَانِ، وَإِنَّمَا صَحَّ لَوْ كَانَ مَعَهُ عَلَى دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ لِاتِّحَادِهِ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ أَيْضًا؛ فَفِي اقْتِدَاءِ النَّازِلِ بِالرَّاكِبِ مَانِعٌ آخَرُ وَهُوَ كَوْنُهُ اقْتِدَاءَ مَنْ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ بِمَنْ يُومِئُ بِهِمَا إلَّا إذَا كَانَ النَّازِلُ مُومِيًا أَيْضًا. ثُمَّ إنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَكَانِ مَانِعٌ مِنْ الِاقْتِدَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ اشْتِبَاهُ حَالِ الْإِمَامِ لِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْحَائِلِ لَا فِي اخْتِلَافِ الْمَكَانِ كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَا غَيْرِ الْأَلْثَغِ بِهِ) هُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَ اللَّامِ مِنْ اللَّثَغِ بِالتَّحْرِيكِ. قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: هُوَ الَّذِي يَتَحَوَّلُ لِسَانُهُ مِنْ السِّينِ إلَى الثَّاءِ، وَقِيلَ مِنْ الرَّاءِ إلَى الْغَيْنِ أَوْ اللَّامِ أَوْ الْيَاءِ. زَادَ فِي الْقَامُوسِ أَوْ مِنْ حَرْفٍ إلَى حَرْفٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْفَضْلِيِّ مِنْ أَنَّهَا جَائِزَةٌ لِأَنَّ مَا يَقُولُهُ صَارَ لُغَةً لَهُ، وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute