للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ رُكْنٍ. وَهَلْ عَلَيْهِمْ إعَادَتُهَا إنْ عَدْلًا، نَعَمْ وَإِلَّا نُدِبَتْ، وَقِيلَ لَا لِفِسْقِهِ بِاعْتِرَافِهِ؛ وَلَوْ زَعَمَ أَنَّهُ كَافِرٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ دَلِيلُ الْإِسْلَامِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ (بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ) بِلِسَانِهِ أَوْ (بِكِتَابٍ أَوْ رَسُولٍ عَلَى الْأَصَحِّ) لَوْ مُعَيَّنِينَ وَإِلَّا لَا يَلْزَمُهُ بَحْرٌ عَنْ الْمِعْرَاجِ وَصَحَّحَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى عَدَمَهُ مُطْلَقًا لِكَوْنِهِ عَنْ خَطَأٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ، لَكِنْ الشُّرُوحُ مُرَجَّحَةٌ عَلَى الْفَتَاوَى.

(وَإِذَا اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ) تَفْسُدُ صَلَاةُ الْكُلِّ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَا نَوَاهُ أَوْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ (أَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ) وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ أَمَّا بَعْدَهُ فَتَصِحُّ لِخُرُوجِهِ بِصُنْعِهِ (تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ) لِأَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ صَلَاةٌ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَمِثْلُهُ مَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ: لَوْ سَلَّمَ الْقَوْمُ قَبْلَ الْإِمَامِ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا فَإِنَّهَا تُبْطِلُ صَلَاتَهُ وَحْدَهُ، وَكَذَا إذَا سَجَدَ هُوَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يَسْجُدْ الْقَوْمُ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَحْرِ فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَسَائِلَ تَفْسُدُ فِيهَا صَلَاةُ الْإِمَامِ مَعَ صِحَّةِ صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ، وَلَا تَنْتَقِضُ الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الْفَسَادَ طَارِئٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامَةِ، فَلَا إمَامَ وَلَا مُؤْتَمَّ فِي الْحَقِيقَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَهَلْ عَلَيْهِمْ إعَادَتُهَا إلَخْ) أَيْ لَوْ ظَهَرَ بُطْلَانُهَا بِإِخْبَارِهِ، وَهَذَا تَفْصِيلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيَلْزَمُ إعَادَتُهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا لِفِسْقِهِ) أَيْ وَخَبَرُ الْفَاسِقِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي الدِّيَانَاتِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ عَامِدًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ بِاعْتِرَافِهِ وَقَوْلُهُ فِي النَّهْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ تَوَرُّعًا أَعَادُوا.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ دَلِيلُ الْإِسْلَامِ) أَيْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا وَأَنَّهُ كَذَبَ بِقَوْلِهِ إنَّهُ صَلَّى بِهِمْ وَهُوَ كَافِرٌ، وَكَانَ ذَلِكَ الْكَلَامُ مِنْهُ رِدَّةً فَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ أَوَّلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِالصَّلَاةِ إلَّا إذَا صَلَّاهَا فِي الْوَقْتِ مُقْتَدِيًا مُتَمِّمًا، بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّاهَا إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ الْمَعْلُومِ كُفْرُهُ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ مَنْ جَهِلْنَا نَشْهَدُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ إذَا اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ، بَلْ بِمُجَرَّدِ إلْقَاءِ السَّلَامِ كَمَا فِي الْآيَةِ، وَلِذَا قَالَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ دَلِيلُ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَقُلْ لِأَنَّهُ صَارَ بِهَا مُسْلِمًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِخْبَارِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ مُتَعَلِّقٌ بِيَلْزَمُ (قَوْلُهُ لَوْ مُعَيَّنِينَ) أَيْ مَعْلُومِينَ. وَقَالَ ح: وَإِنْ تَعَيَّنَ بَعْضُهُمْ لَزِمَهُ إخْبَارُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُعَيَّنِينَ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى) وَكَذَا صَحَّحَهُ الزَّاهِدِيُّ فِي الْقُنْيَةِ وَالْحَاوِي وَقَالَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ أَبُو يُوسُفَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْفَسَادُ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَوْ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْحَاوِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ عَنْ خَطَأٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ فَصَلَاتُهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا ثَانِيًا لِعِلْمِهِ بِالْمُفْسِدِ.

وَأَمَّا صَلَاتُهُمْ فَإِنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ أَيْضًا، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُمْ إعَادَتُهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ وَلَا يَلْزَمُهُ إخْبَارُهُمْ لِعَدَمِ تَعَمُّدِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَكِنْ الشُّرُوحُ إلَخْ) أَيْ كَالْمِعْرَاجِ فَإِنَّهُ شَرَحَ الْهِدَايَةَ، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الْمُجْتَبَى شَرْحُ الْقُدُورِيِّ لِلزَّاهِدَيَّ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْكُلِّ) أَيْ عِنْدَهُ. وَعِنْدَهُمَا صَلَاةُ الْقَارِئِ فَقَطْ لِأَنَّهُ تَارِكٌ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَلَهُ أَنَّ الْأُمِّيَّيْنِ أَيْضًا تَرَكَاهَا مَعَ الْقُدْوَةِ عَلَيْهَا، إذْ كَانَا قَادِرَيْنِ عَلَى تَقْدِيمِ الْقَارِئِ حَيْثُ حَصَلَ الِاتِّفَاقُ فِي الصَّلَاةِ وَالرَّغْبَةُ فِي الْجَمَاعَةِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ تَفْسُدُ إلَى مَا قِيلَ إنَّ الْقَارِئَ صَحَّ شُرُوعُهُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَإِذَا جَاءَ أَوَانُ الْقِرَاءَةِ تَفْسُدُ وَصَحَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ عَدَمَهُ فَلَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ بِالْقَهْقَهَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَجْهُهُ أَنَّ الْفَرَائِضَ لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا الْحَالُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ بَحْرٌ، وَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ فَالنِّيَّةُ أَوْلَى زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ قَرَأَ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ أَوْ فِي إحْدَاهُمَا أَوْ لَا وَلَا.

وَفِي الْأُولَى خِلَافُ زُفَرَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَالْأَخِيرَتَانِ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ اسْتَخْلَفَهُ فِي الْأُولَيَيْنِ ذَكَرَهُ ح فِي الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ لِخُرُوجِهِ بِصُنْعِهِ) وَهُوَ الِاسْتِخْلَافُ وَهُوَ الصَّحِيحُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>