للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ اسْتَعْطَفَ كَلْبًا أَوْ هِرَّةً أَوْ سَاقَ حِمَارًا لَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ صَوْتٌ لَا هِجَاءَ لَهُ (عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ قَبْلَ قُعُودِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ سِيَّانِ) وَسَوَاءٌ كَانَ نَاسِيًا أَوْ نَائِمًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ مُكْرَهًا

ــ

[رد المحتار]

فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْجَلَّابِي. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِي الْمُحِيطِ: وَالنَّفْخُ الْمَسْمُوعُ الْمُهَجَّى مُفْسِدٌ عِنْدَهُمَا، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. لَهُمَا أَنَّ الْكَلَامَ اسْمٌ لِحُرُوفٍ مَنْظُومَةٍ مَسْمُوعَةٍ مِنْ مَخْرَجِ الْكَلَامِ لِأَنَّ الْإِفْهَامَ بِهَذَا يَقَعُ، وَأَدْنَى مَا يَقَعُ بِهِ انْتِظَامُ الْحُرُوفِ حَرْفَانِ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ أَدْنَاهُ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ كَ عِ أَمْرًا، وَكَذَا قِ، فَإِنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ بِهِمَا ظَاهِرٌ اهـ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ نَحْوَ عِ، وَقِ أَمْرٌ مُنْتَظِمٌ مِنْ حُرُوفٍ تَقْدِيرًا غَيْرَ أَنَّهَا حُذِفَتْ لِأَسْبَابٍ صِنَاعِيَّةٍ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي تَعْرِيفِ الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ نَحْوِيٌّ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ جَزَمَ بِهِ لِذَلِكَ؛ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى أَنَّهُ بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ فَتَدَبَّرْ. وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحَرْفَ الْوَاحِدَ الْمُهْمَلَ لَا يُسَمَّى كَلَامًا، فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْهِنْدِيَّةِ وَالزَّيْلَعِيِّ أَنَّ الْكَلَامَ مُفْسِدٌ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَعْطَفَ كَلْبًا إلَخْ) أَيْ بِمَا لَيْسَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ صَوْتٌ لَا هِجَاءَ لَهُ. اهـ. ح، لَكِنْ فِي الْجَوْهَرَةِ أَنَّ الْكَلَامَ الْمُفْسِدَ مَا يُعْرَفُ فِي مُتَفَاهَمِ النَّاسِ، سَوَاءٌ حَصَلَتْ بِهِ حُرُوفٌ أَمْ لَا، حَتَّى لَوْ قَالَ مَا يُسَاقُ بِهِ الْحِمَارُ فَسَدَتْ. اهـ. وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِيهِ خِلَافًا حَيْثُ قَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالتَّنَحْنُحِ بِلَا عُذْرٍ. وَلَوْ نَفَخَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ مَسْمُوعًا تَبْطُلُ وَإِلَّا فَلَا، وَالْمَسْمُوعُ مَا لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ نَحْوَ أُفٍّ وَتَفٍّ، وَغَيْرُ الْمَسْمُوعِ بِخِلَافِهِ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَبَعْضُهُمْ لَا يَشْتَرِطُ لِلنَّفْخِ الْمَسْمُوعِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ خُوَاهَرْ زَادَهُ. وَعَلَى هَذَا إذَا نَفَّرَ طَيْرًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ دَعَاهُ بِمَا هُوَ مَسْمُوعٌ اهـ لَكِنْ مَا مَرَّ مِنْ تَعْرِيفِ الْكَلَامِ عِنْدَهُمَا يُؤَيِّدُ أَنَّ الْمَسْمُوعَ مَا لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْبَدَائِعِ وَالْفَيْضِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ وَالْخُلَاصَةِ، نَعَمْ اسْتَشْكَلَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَدَمَ الْفَسَادِ بِمَا يُسَاقُ بِهِ الْحِمَارُ بِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ الْآتِي (قَوْلُهُ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا بَعْدَ الْقُعُودِ مَعَ أَنَّهُمَا سِيَّانِ أَيْضًا فِي أَنَّهُمَا لَا يُفْسِدَانِ الصَّلَاةَ؛ وَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ سِيَّانِ فَيَكُونُ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ بَدَلًا مِنْ التَّكَلُّمِ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا ح (قَوْلُهُ أَوْ نَاسِيًا) أَيْ بِأَنْ قَصَدَ كَلَامَ النَّاسِ نَاسِيًا أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ نَهْرٌ. مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ

وَاخْتُلِفَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ، فَفِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ إلَى عَدَمِ الْفَرْقِ. وَفَرَّقَ الْحُكَمَاءُ بِأَنَّ السَّهْوَ زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْحَافِظَةِ، وَالنِّسْيَانُ زَوَالُهَا عَنْهُمَا مَعًا، فَيَحْتَاجُ فِي حُصُولِهَا إلَى سَبَبٍ جَدِيدٍ. وَقِيلَ النِّسْيَانُ عَدَمُ ذِكْرِ مَا كَانَ مَذْكُورًا. وَالسَّهْوُ غَفْلَةٌ عَمَّا كَانَ مَذْكُورًا أَوْ مَا لَمْ يَكُنْ، فَالنِّسْيَانُ أَخَصُّ مِنْهُ مُطْلَقًا. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ نَائِمًا) هَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي جَعَلُوا فِيهَا النَّائِمَ فِي حُكْمِ الْيَقْظَانِ، وَهِيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى نَظْمًا (قَوْلُهُ أَوْ جَاهِلًا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ التَّكَلُّمَ مُفْسِدٌ ح (قَوْلُهُ أَوْ مُخْطِئًا) بِأَنْ أَرَادَ قِرَاءَةً أَوْ ذِكْرًا فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ كَلَامُ النَّاسِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَسْأَلَةِ زَلَّةِ الْقَارِئِ (قَوْلُهُ أَوْ مُكْرَهًا) أَيْ بِأَنْ أَكْرَهَهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَوْ مُضْطَرًّا كَمَا لَوْ غَلَبَهُ سُعَالٌ أَوْ عُطَاسٌ أَوْ جُشَاءٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَدَخَلَ فِي التَّكَلُّمِ الْمَذْكُورِ قِرَاءَةُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى، وَقَالَ فِي الْأَصْلِ لَمْ يُجْزِهِ. وَعَنْ الثَّانِي: إنْ أَشْبَهَ التَّسْبِيحَ جَازَ اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>