هُوَ الْمُخْتَارُ، وَحَدِيثُ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ» مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ وَحَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» (إلَّا السَّلَامَ سَاهِيًا) لِلتَّحْلِيلِ: أَيْ لِلْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ (قَبْلَ إتْمَامِهَا عَلَى ظَنِّ إكْمَالِهَا) فَلَا يُفْسِدُ (بِخِلَافِ السَّلَامِ عَلَى إنْسَانٍ) لِلتَّحِيَّةِ، أَوْ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَرْوِيحَةٌ مَثَلًا، أَوْ سَلَّمَ قَائِمًا فِي غَيْرِ جِنَازَةٍ (فَإِنَّهُ يُفْسِدُهَا) مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ (وَلَوْ سَاهِيًا) فَسَلَامُ التَّحِيَّةِ مُفْسِدٌ مُطْلَقًا، وَسَلَامُ التَّحْلِيلِ إنْ عَمْدًا
(وَرَدُّ السَّلَامِ) وَلَوْ سَهْوًا (بِلِسَانِهِ)
ــ
[رد المحتار]
وَأَقُولُ: يَجِبُ حَمْلُ مَا فِي الْمُجْتَبَى عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ ذِكْرًا أَوْ تَنْزِيهًا، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ غَيْرَ الْمُبْدَلِ يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَتُهُ اهـ (قَوْلُهُ هُوَ الْمُخْتَارُ) رَاجِعٌ إلَى التَّعْمِيمِ الْمَذْكُورِ، لَكِنْ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمِيعِ أَفْرَادِهِ بَلْ إلَى قَوْلِهِ أَوْ نَائِمًا، فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا عِنْدَنَا، قَالَ فِي النَّهْرِ: وَبِالْفَسَادِ بِهِ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ خِلَافًا لِمَا اخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ. اهـ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْمَسَائِلِ فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ فِيهَا خِلَافًا عِنْدَنَا، بَلْ فِيهَا خِلَافُ غَيْرِنَا (قَوْلُهُ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ» ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَمْ يُوجَدْ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ، بَلْ الْمَوْجُودُ فِيهَا " «إنَّ اللَّه وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا ح.
(قَوْلُهُ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ) وَهُوَ الْحُكْمُ الْأُخْرَوِيُّ، فَلَا يُرَادُ الدُّنْيَوِيُّ وَهُوَ الْفَسَادُ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعْمِيمُ الْمُقْتَضَى ح عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَحَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ) اسْمُهُ الْخِرْبَاقُ، وَكَانَ فِي يَدَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا طُولٌ، وَلَفْظُهُ «أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ قَالَ: لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ، قَالَ: بَلْ نَسِيت يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَأَوْمَئُوا أَيْ نَعَمْ» زَيْلَعِيٌّ ط (قَوْلُهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ إلَخْ) هُوَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ قَالَ «بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ، فَقُلْت لَهُ: يَرْحَمُك اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْت: وَاثُكْلَ أُمَّاهُ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونِي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَانِي، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْت مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاَللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» " كَذَا فِي الْفَتْحِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَمُنِعَ النَّسْخُ بِأَنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ. وَأُجِيبَ بِجَوَازِ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ " بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَسَاقَ الْوَاقِعَةَ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي حُضُورِهِ، وَلَمْ أَرَ عَنْهُ جَوَابًا شَافِيًا. اهـ. أَقُولُ: أَظُنُّ أَنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ مَعَ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ الَّذِي نَقَلْنَاهُ عَنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ سَاهِيًا) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ عَلَى ظَنِّ إكْمَالِهَا (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى ظَنِّ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى إنْسَانٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إنَّهَا تَرْوِيحَةٌ مَثَلًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ فَظَنَّ أَنَّهَا التَّرَاوِيحُ؛ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ فَسَلَّمَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ أَنَّهَا جُمُعَةٌ أَوْ فَجْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ سَلَّمَ قَائِمًا) أَيْ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُفْسِدُهَا) أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ؛ أَمَّا السَّلَامُ عَلَى إنْسَانٍ فَظَاهِرٌ؛ وَأَمَّا السَّلَامُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَرْوِيحَةٌ فَلِأَنَّهُ قَصَدَ الْقَطْعَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا ظَنَّ إكْمَالَهَا فَإِنَّهُ قَصَدَ الْقَطْعَ عَلَى أَرْبَعٍ بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ. وَأَمَّا السَّلَامُ قَائِمًا فَلِأَنَّهُ إنَّمَا اُغْتُفِرَ سَهْوُهُ فِي الْقُعُودِ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَظِنَّتُهُ بِخِلَافِ الْقِيَامِ، وَلِذَلِكَ اُغْتُفِرَ سَهْوُهُ قَائِمًا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِأَنَّ الْقِيَامَ فِيهَا مَظِنَّةُ السَّلَامِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) فَسَّرَهُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ سَاهِيًا ح.
(قَوْلُهُ فَسَلَامُ التَّحِيَّةِ إلَخْ) هَذَا مَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا ثُمَّ رَآهُ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْبَدَائِعِ، وَوَفَّقَ بِهِ بَيْنَ مَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مِنْ إطْلَاقِ الْفَسَادِ بِالسَّلَامِ وَبَيْنَ مَا فِي الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute