للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُؤْذٍ وَلَوْ بِلِسَانِهِ.

وَكُلُّ عَقْدٍ إلَّا لِمُعْتَكِفٍ بِشَرْطِهِ، وَالْكَلَامُ الْمُبَاحُ؛ وَقَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِأَنْ يَجْلِسَ لِأَجْلِهِ لَكِنْ فِي النَّهْرِ الْإِطْلَاقُ أَوْجُهُ

وَتَخْصِيصُ مَكَان لِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إزْعَاجُ غَيْرِهِ مِنْهُ وَلَوْ مُدَرِّسًا، وَإِذَا ضَاقَ فَلِلْمُصَلِّي إزْعَاجُ الْقَاعِدِ وَلَوْ مُشْتَغِلًا بِقِرَاءَةٍ أَوْ دَرْسٍ

بَلْ وَلِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ مَنْعُ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَلَهُمْ نَصْبُ مُتَوَلٍّ.

ــ

[رد المحتار]

لِئَلَّا يَكُونَ مُبَاشِرًا لِمَا يَقْطَعُهُ عَنْ الْجَمَاعَةِ بِصُنْعِهِ

(قَوْلُهُ وَكُلُّ عَقْدٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَقْدُ مُبَادَلَةٍ لِيَخْرُجَ نَحْوُ الْهِبَةِ تَأَمَّلْ، وَصَرَّحَ فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ عَقْدُ النِّكَاحِ فِي الْمَسْجِدِ وَسَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ، بَلْ يَكُونُ مَا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ عِيَالِهِ بِدُونِ إحْضَارِ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَجْلِسَ لِأَجْلِهِ) فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُبَاحُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَا بُنِيَ لِأُمُورِ الدُّنْيَا. وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِي: الْكَلَامُ الْمُبَاحُ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا يَجُوزُ فِي الْمَسَاجِدِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَشْتَغِلَ بِذَكَرِ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ هِنْدِيَّةٌ وَقَالَ الْبِيرِيُّ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْمَدَارِكِ - {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: ٦] الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الْحَدِيثُ الْمُنْكَرُ كَمَا جَاءَ «الْحَدِيثُ فِي الْمَسْجِدِ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ الْبَهِيمَةُ الْحَشِيشَ» ، انْتَهَى. فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ الْمَنْعَ خَاصٌّ بِالْمُنْكَرِ مِنْ الْقَوْلِ، أَمَّا الْمُبَاحُ فَلَا. قَالَ فِي الْمُصَفَّى: الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْحَدِيثِ مَأْذُونٌ شَرْعًا لِأَنَّ أَهْلَ الصُّفَّةِ كَانُوا يُلَازِمُونَ الْمَسْجِدَ وَكَانُوا يَنَامُونَ، وَيَتَحَدَّثُونَ، وَلِهَذَا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مَنْعَهُ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الْبُرْهَانِيِّ.

أَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَمْرَ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ إذَا وُجِدَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِقَصْدِ الْعِبَادَةِ لَا يَتَنَاوَلُهُ اهـ (قَوْلُهُ الْإِطْلَاقُ أَوْجَهُ) بَحْثٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرَجِ ط

(قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُ مَكَان لِنَفْسِهِ) لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْخُشُوعِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ: أَيْ لِأَنَّهُ إذَا اعْتَادَهُ ثُمَّ صَلَّى فِي غَيْرِهِ يَبْقَى بَالُهُ مَشْغُولًا بِالْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْلَفْ مَكَانًا مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: لَهُ فِي الْمَسْجِدِ مَوْضِعٌ مُعَيَّنٌ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ وَقَدْ شَغَلَهُ غَيْرُهُ. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَهُ أَنْ يُزْعِجَهُ، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا اهـ أَيْ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ مِلْكًا لِأَحَدٍ بَحْرٌ عَنْ النِّهَايَةِ

قُلْت: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَقُمْ عَنْهُ عَلَى نِيَّةِ الْعَوْدِ بِلَا مُهْلَةٍ، كَمَا لَوْ قَامَ لِلْوُضُوءِ مَثَلًا وَلَا سِيَّمَا إذَا وَضَعَ فِيهِ ثَوْبَهُ لِتَحَقُّقِ سَبْقِ يَدِهِ تَأَمَّلْ. مَطْلَبٌ فِيمَنْ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَى مُبَاحٍ وَفِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ لِلسَّرَخْسِيِّ: وَكَذَا كُلُّ مَا يَكُونُ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ سَوَاءٌ كَالنُّزُولِ فِي الرِّبَاطَاتِ، وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ لِلصَّلَاةِ، وَالنُّزُولِ بِمِنًى أَوْ عَرَفَاتٍ لِلْحَجِّ، حَتَّى لَوْ ضَرَبَ فُسْطَاطَه فِي مَكَان كَانَ يَنْزِلُ فِيهِ غَيْرُهُ فَهُوَ أَحَقُّ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُحَوِّلَهُ، فَإِنْ أَخَذَ مَوْضِعًا فَوْقَ مَا يَحْتَاجُهُ فَلِلْغَيْرِ أَخْذُ الزَّائِدِ مِنْهُ، فَلَوْ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْهُ رَجُلَانِ فَأَرَادَ إعْطَاءَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ وَلَوْ نَزَلَ فِيهِ أَحَدُهُمَا فَأَرَادَ الَّذِي أَخَذَهُ أَوَّلًا وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُ أَنْ يُنْزِلَ فِيهِ آخَرَ فَلَا لِأَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى يَدِهِ يَدٌ أُخْرَى مُحِقَّةٌ لِاحْتِيَاجِهَا، إلَّا إذَا قَالَ إنَّمَا كُنْت أَخَذْتُهُ لِهَذَا الْآخَرِ بِأَمْرِهِ لَا لِنَفْسِي.

فَإِذَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ لَهُ إخْرَاجُهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ يَدَهُ فِيهِ كَانَتْ يَدًا آمِرَةً وَحَاجَةُ الْآمِرِ تَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ اهـ مُلَخَّصًا. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ مَقَاعِدُ الْأَسْوَاقِ الَّتِي يَتَّخِذُهَا الْمُحْتَرِفُونَ مَنْ سَبَقَ لَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ بِهَا، وَلَيْسَ لِمُتَّخِذِهَا أَنْ يُزْعِجَهُ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا مَا دَامَ فِيهَا، فَإِذَا قَامَ عَنْهَا اسْتَوَى هُوَ وَغَيْرُهُ فِيهَا. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ بِخِلَافِهِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي كُتُبِهِمْ اهـ وَالْمُرَادُ بِهَا الَّتِي لَا تَضُرُّ الْعَامَّةَ وَإِلَّا أُزْعِجَ الْقَاعِدُ فِيهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَإِذَا ضَاقَ إلَخْ) أَقُولُ: وَكَذَا إذَا لَمْ يَضِقْ، لَكِنَّ فِي قُعُودِهِ قَطْعٌ لِلصَّفِّ

(قَوْلُهُ بَلْ وَلِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَكَذَا لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَمْنَعُوا مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ إذَا ضَاقَ بِهِمْ الْمَسْجِدُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَهُمْ نَصْبُ مُتَوَلٍّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>