لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ (لَا الْفَجْرِ) لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ (بَلْ يَقِفُ سَاكِتًا عَلَى الْأَظْهَرِ) مُرْسِلًا يَدَيْهِ.
(وَلَوْ نَسِيَهُ) أَيْ الْقُنُوتَ (ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فِي الرُّكُوعِ لَا يَقْنُتُ) فِيهِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ (وَلَا يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ) فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ فِيهِ رَفْضَ الْفَرْضِ لِلْوَاجِبِ (فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ وَقَنَتَ وَلَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ) لِكَوْنِ رُكُوعِهِ بَعْدَ قِرَاءَةٍ تَامَّةٍ
ــ
[رد المحتار]
لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي مُطْلَقِ الْقُنُوتِ لَا فِي خُصُوصِ الدُّعَاءِ كَمَا حَرَّرَهُ الشَّيْخُ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الشَّيْخِ عَبْدِ الْحَيِّ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ) قَدَّمْنَا مَعْنَى هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي آخِرِ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ وَمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، يَعْنِي فِي الْمُجْتَهَدِ فِيهِ لَا فِي الْمَقْطُوعِ بِنَسْخِهِ أَوْ بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ كَقُنُوتِ فَجْرٍ. اهـ. وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُجْتَهَدِ فِيهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَقُنُوتِ الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ الْمُتَابَعَةُ فِي الْقِيَامِ فِيهِ لَا فِي الدُّعَاءِ إنْ قُلْنَا إنَّهُ سُنَّةٌ لِلْمُقْتَدِي لَا وَاجِبٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ) فَصَارَ كَمَا لَوْ كَبَّرَ خَمْسًا فِي الْجِنَازَةِ حَيْثُ لَا يُتَابِعُهُ فِي الْخَامِسَةِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ بَلْ يَقِفُ) وَقِيلَ يَقْعُدُ، وَقِيلَ يُطِيلُ الرُّكُوعَ، وَقِيلَ يَسْجُدُ إلَى أَنْ يُدْرِكَهُ فِيهِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ مُرْسِلًا يَدَيْهِ) لِأَنَّ الْوَضْعَ سُنَّةٌ قِيَامٌ طَوِيلٌ فِيهِ مَسْنُونٌ، وَهَذَا الذِّكْرُ لَيْسَ بِمَسْنُونٍ عِنْدَنَا. [تَنْبِيهٌ]
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: دَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِالشَّافِعِيَّةِ، وَإِذَا عَلِمَ الْمُقْتَدَى مِنْهُ مَا يَزْعُمُ بِهِ فَسَادَ صَلَاتِهِ كَالْفَصْدِ وَغَيْرِهِ لَا يُجْزِيهِ انْتَهَى. وَوَجْهُ دَلَالَتِهَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ لَمْ يَصِحَّ اخْتِلَافُ عُلَمَائِنَا فِي أَنَّهُ يَسْكُتُ أَوْ يُتَابِعُهُ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا فِي مَحْضِ الْقِيَامِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى مَا هُوَ قِيَامٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَهُوَ الرُّكُوعُ. وَأَمَّا تَكْبِيرَةُ الْعِيدِ فَإِنَّهُ إذَا تَذَكَّرَهَا فِيهِ يَأْتِي بِهَا فِيهِ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْتَصَّ بِمَحْضِ الْقِيَامِ لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ يُؤْتَى بِهَا فِي حَالِ الِانْحِطَاطِ، وَهِيَ مَحْسُوبَةٌ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، فَإِذَا جَازَ وَاحِدَةٌ مِنْهَا فِي غَيْرِ مَحْضِ الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ جَازَ أَدَاءُ الْبَاقِي مَعَ قِيَامِ الْعُذْرِ بِالْأَوْلَى بَحْرٌ.
أَقُولُ: وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحِلْيَةِ، وَأَصْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ، لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي بِتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فِي الرُّكُوعِ وَإِنْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ نَفْسُهُ فِي فَصْلِ الْعِيدِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ تَذَكَّرَ فِي رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَمْ يُكَبِّرْ فَإِنَّهُ يَعُودُ وَيُكَبِّرُ وَيُنْتَقَضُ رُكُوعُهُ وَلَا يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ، بِخِلَافِ الْمُقْتَدِي لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَخَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ وَيُكَبِّرُ فِيهِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ مَحَلَّ التَّكْبِيرَاتِ فِي الْأَصْلِ الْقِيَامُ الْمَحْضُ، وَلَكِنْ أَلْحَقْنَا الرُّكُوعَ بِالْقِيَامِ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي لِضَرُورَةِ وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ اهـ فَانْظُرْ إلَى مَا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مِنْ التَّدَافُعِ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ ثَانِيًا مَشَى فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ حَيْثُ يَرْفُضُ الرُّكُوعَ لِأَجْلِهِ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ بِكَوْنِ تَكْبِيرِ الْعِيدِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ دُونَ الْقُنُوتِ.
وَأَقُولُ: قَدْ صَرَّحَ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ، بِأَنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ ثَانِيًا رِوَايَةُ النَّوَادِرِ وَأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ وَيَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا هُنَاكَ؛ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ فَافْهَمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ) إنْ قُلْت: هُوَ وَإِنْ لَمْ يَقْنُتْ فَقَدْ حَصَلَ الْقِيَامُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ. قُلْنَا هَذِهِ قَوْمَةٌ لَا قِيَامٌ فَيَكُونُ عَدَمُ الْعَوْدِ إلَى الْقِيَامِ كِنَايَةً عَنْ عَدَمِ الْقُنُوتِ بَعْدَ الرُّكُوعِ لِأَنَّ الْقِيَامَ لَازِمُ الْقُنُوتِ مَلْزُومٌ، فَأَطْلَقَ اللَّازِمَ لِيَنْتَقِلَ مِنْهُ إلَى الْمَلْزُومِ ح (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِيهِ رَفْضَ الْفَرْضِ لِلْوَاجِبِ) يَعْنِي وَهُوَ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ عَلَى قَوْلٍ، وَمُوجِبٌ لِلْإِسَاءَةِ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ. وَالْحَقُّ الثَّانِي كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ ح.
(قَوْلُهُ لِكَوْنِ رُكُوعِهِ بَعْدَ قِرَاءَةٍ تَامَّةٍ) أَيْ فَلَمْ يُنْتَقَضْ رُكُوعُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَذَكَّرَ الْفَاتِحَةَ أَوْ السُّورَةَ حَيْثُ يَعُودُ وَيُنْتَقَضُ رُكُوعُهُ لِأَنَّ بِعَوْدِهِ صَارَتْ قِرَاءَةُ الْكُلِّ فَرْضًا وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ فَرْضٌ فَارْتَفَضَ رُكُوعُهُ، فَلَوْ لَمْ