(بِشَافِعِيٍّ) مَثَلًا (لَمْ يَفْصِلْهُ بِسَلَامٍ) لَا إنْ فَصَلَهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) فِيهِمَا لِلِاتِّحَادِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الِاعْتِقَادُ (وَ) لِذَا (يَنُوبُ الْوِتْرُ لَا الْوِتْرُ الْوَاجِبُ كَمَا فِي الْعِيدَيْنِ) لِلِاخْتِلَافِ (وَيَأْتِي الْمَأْمُومُ بِقُنُوتِ الْوِتْرِ) وَلَوْ بِشَافِعِيٍّ يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ
ــ
[رد المحتار]
فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّهُ أَقْيَسُ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ بِمُصَلٍّ فِي زَعْمِهِ وَهُوَ الْأَصْلُ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي رَأْيُ نَفْسِهِ لَا غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي حَمْلُ حَالِ الْإِمَامِ عَلَى التَّقْلِيدِ لِئَلَّا تَلْزَمَ الْحُرْمَةُ بِصَلَاتِهِ بِلَا طَهَارَةٍ فِي زَعْمِهِ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَعَلَى قَوْلِ الْهِنْدُوَانِيُّ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَطْ. اهـ. وَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ وَإِنْ تَرَكَ بَعْضَ الشُّرُوطِ عِنْدَنَا، لَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ أَفَنْدِي أَنَّ اعْتِبَارَ رَأْيِ الْمُقْتَدِي فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ الْمَارُّ فِي اعْتِبَارِ رَأْيِ الْإِمَامِ أَيْضًا؛ فَالْحَنَفِيُّ إذَا رَأَى فِي ثَوْبِ إمَامٍ شَافِعِيٍّ مَنِيًّا لَا يَجُوزُ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ رَأَى نَجَاسَةً قَلِيلَةً جَازَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا عِنْدَ الْبَعْضِ لِأَنَّهَا مَانِعَةٌ عَلَى رَأْي الْإِمَامِ، وَالْمُعْتَبَرُ رَأْيُهُمَا اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ يَظْهَرُ قَرِيبًا. هَذَا وَقَدْ بَسَطْنَا بَقِيَّةَ أَبْحَاثِ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ.
(قَوْلُهُ بِشَافِعِيٍّ مَثَلًا) دَخَلَ فِيهِ مَنْ يَعْتَقِدُ قَوْلَ الصَّاحِبَيْنِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ يَقُولُ بِسُنِّيَّتِهِ.
(قَوْلُ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا) أَيْ فِي جَوَازِ أَصْلِ الِاقْتِدَاءِ فِيهِ بِشَافِعِيٍّ وَفِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ فَصْلِهِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْإِرْشَادِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَصْلًا بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا لِأَنَّهُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَخِلَافًا لِمَا قَالَهُ الرَّازِيّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ فَصَلَهُ وَيُصَلِّي مَعَهُ بَقِيَّةَ الْوِتْرِ لِأَنَّ إمَامَهُ لَمْ يَخْرُجُ بِسَلَامِهِ عِنْدَهُ وَهُوَ مُجْتَهِدٌ فِيهِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ قَدْ رَعَفَ.
قُلْت: وَمَعْنَى كَوْنِهِ لَمْ يَخْرُجْ بِسَلَامِهِ أَنَّ سَلَامَهُ لَمْ يُفْسِدْ وِتْرَهُ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ يُحْسَبُ مِنْ الْوِتْرِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ، وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى قَوْلِ الْهِنْدُوَانِيُّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى إلَخْ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ رَأْيُ الْإِمَامِ فَقَطْ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ نُوحٍ أَفَنْدِي.
(قَوْلُهُ لِلِاتِّحَادِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ. وَرَدٌّ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْإِرْشَادِ بِمَا نَقَلَهُ أَصْحَابُ الْفَتَاوَى عَنْ ابْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِأَنَّ كُلًّا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْوِتْرِ، فَأُهْدِرَ اخْتِلَافُ الِاعْتِقَادِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَاعْتُبِرَ مُجَرَّدُ اتِّحَادِ النِّيَّةِ. اهـ.
وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ بِخَاطِرِهِ عِنْدَ النِّيَّةِ صِفَةُ السُّنِّيَّةِ أَوْ غَيْرُهَا، بَلْ مُجَرَّدُ الْوِتْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ التَّجْنِيسِ لِتَقَرُّرِ النَّفْلِيَّةِ فِي اعْتِقَادِهِ. وَرَدَّهُ فِي الْبَحْرِ بِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّجْنِيسِ أَيْضًا مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إنْ نَوَى الْوِتْرَ وَهُوَ يَرَاهُ سُنَّةً جَازَ الِاقْتِدَاءُ كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَلْفَ مَنْ يَرَى أَنَّ الرُّكُوعَ سُنَّةٌ، وَإِنْ نَوَاهُ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ اقْتِدَاءَ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ اهـ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ تَعْلِيلَ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْفَصْلِ بِسَلَامٍ اكْتِفَاءً بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ اعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي، وَالسَّلَامُ قَاطِعٌ فِي اعْتِقَادِهِ فَيَفْسُدُ اقْتِدَاؤُهُ وَإِنْ صَحَّ شُرُوعُهُ مَعَهُ إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا أَفَادَهُ ح.
(قَوْلُهُ وَلِذَا يَنْوِي) أَيْ لِأَجْلِ الِاخْتِلَافِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الِاعْتِقَادُ ط.
(قَوْلُهُ لَا الْوِتْرُ الْوَاجِبُ) الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَا يَنْوِي أَنَّهُ وَاجِبٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَعْيِينُ الْوُجُوبِ لَا مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حَنَفِيًّا يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَهُ لِيُطَابِقَ اعْتِقَادَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَلَا تَضُرُّهُ تِلْكَ النِّيَّةُ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ لِلِاخْتِلَافِ) أَيْ فِي الْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْعِيدَيْنِ فَقَطْ، وَعِلَّةُ الْوِتْرِ قَدَّمَهَا بِقَوْلِهِ وَلِذَا لَوْ حَذَفَ هَذَا مَا ضَرَّ لِفَهْمِهِ مِنْ الْكَافِ ط.
(قَوْلُهُ وَيَأْتِي الْمَأْمُومُ إلَخْ) هَذَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْآتِيَةِ الَّتِي يَفْعَلُهَا الْمُؤْتَمُّ إنْ فَعَلَهَا الْإِمَامُ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْكَنْزِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ. وَعِبَارَةُ الْمُحِيطِ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ الْمُقْتَدِي أَيْضًا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، لِأَنَّهُ دُعَاءٌ كَسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَقْرَأُ بَلْ يُؤَمِّنُ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةَ الْقُرْآنِ احْتِيَاطًا اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ سُنَّةٌ لِلْمُقْتَدِي لَا وَاجِبٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْقُنُوتَ سُنَّةٌ عِنْدَهُمَا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِشَافِعِيٍّ إلَخْ) أَيْ وَيَقْنُتُ بِدُعَاءِ الِاسْتِعَانَةِ لَا دُعَاءِ الْهِدَايَةِ الَّذِي يَدْعُو بِهِ إمَامُهُ