للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ تَنُبْ عَنْ السُّنَّةِ، وَلِذَا لَوْ نَذَرَهَا لَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِتَسْلِيمَتَيْنِ، وَبِعَكْسِهِ يَخْرُجُ (وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) شُرِعَتْ الْبَعْدِيَّةُ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ، وَالْقَبْلِيَّةُ لِقَطْعِ طَمَعِ الشَّيْطَانِ (وَيُسْتَحَبُّ أَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَقَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَعْدَهَا بِتَسْلِيمَةٍ) وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ، وَكَذَا بَعْدَ الظُّهْرِ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» (وَسِتٌّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ) لِيُكْتَبَ مِنْ الْأَوَّابِينَ (بِتَسْلِيمَةٍ) أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ

ــ

[رد المحتار]

ثِنْتَيْنِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ، وَقَبْلَ الْفَجْرِ رَكْعَتَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ حَنْبَلٍ. وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ «كَانَ يُصَلِّي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الزَّوَالِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقُلْت: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي تُدَاوِمُ عَلَيْهَا؟ فَقَالَ: هَذِهِ سَاعَةٌ تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فِيهَا، فَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ، فَقُلْت: أَفِي كُلِّهِنَّ قِرَاءَةٌ؟ قَالَ نَعَمْ، فَقُلْت: بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ؟ فَقَالَ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ» رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ، فَيَكُونُ سُنَّةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا أَرْبَعًا. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْكَعُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَيْلَعِيٌّ. زَادَ فِي الْإِمْدَادِ: وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَصَلُّوا أَرْبَعًا، فَإِنْ عَجَّلَ بِك شَيْءٌ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَيْنِ إذَا رَجَعْت» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ.

(قَوْلُهُ لَمْ تَنُبْ عَنْ السُّنَّةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ كَذَلِكَ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِعَدَمِ الْعُذْرِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ آنِفًا، كَذَا بَحَثَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَسَنَذْكُرُ مَا يُؤَيِّدُهُ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِتَسْلِيمَتَيْنِ لِمَا يَكُونُ بِتَسْلِيمَةٍ.

(قَوْلُهُ لَوْ نَذَرَهَا) أَيْ الْأَرْبَعَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا سُنَّةً. وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ: وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ فَصَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَخْرُجُ عَنْ النَّذْرِ، وَبِالْعَكْسِ يَخْرُجُ، كَذَا فِي الْكَافِي اهـ وَأَسْقَطَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ بِتَسْلِيمَةٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ كَمَا يَظْهَرُ مِمَّا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَضَى رَكْعَتَيْنِ لَوْ نَوَى أَرْبَعًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ) أَيْ لِيَقُومَ فِي الْآخِرَةِ مَقَامَ مَا تَرَكَ مِنْهَا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ أَنَّ فَرِيضَةَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمَا إذَا لَمْ تَتِمَّ تُكْمَلُ بِالتَّطَوُّعِ، وَأَوَّلَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ الْمُكْمَلَ بِالتَّطَوُّعِ هُوَ مَا نَقَصَ مِنْ سُنَّتِهَا الْمَطْلُوبَةِ فِيهَا: أَيْ فَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْفَرْضِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «صَلَاةٌ لَمْ يُتِمَّهَا زِيدَ عَلَيْهَا مِنْ سُبْحَتِهَا حَتَّى تَتِمَّ» فَجَعَلَ التَّتْمِيمَ مِنْ السُّبْحَةِ أَيْ النَّافِلَةِ لِفَرِيضَةٍ صُلِّيَتْ نَاقِصَةً لَا لِمَتْرُوكَةٍ مِنْ أَصْلِهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ الِاحْتِسَابُ مُطْلَقًا، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ لِحَدِيثِ أَحْمَدَ الظَّاهِرِ فِي ذَلِكَ اهـ مِنْ تُحْفَةِ ابْنِ حَجَرٍ مُلَخَّصًا. وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي الضِّيَاءِ عَنْ السِّرَاجِ وَسَيَذْكُرُ فِي الْبَابِ الْآتِي أَنَّهَا فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِزِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ.

(قَوْلُهُ لِقَطْعِ طَمَعِ الشَّيْطَانِ) بِأَنْ يَقُولَ إنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ فَكَيْفَ يَتْرُكُ مَا هُوَ فَرْضٌ ط.

(قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ) لَمْ يَجْعَلْ لِلْعَصْرِ سُنَّةً رَاتِبَةً لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَارِّ بَحْرٌ قَالَ فِي الْإِمْدَادِ وَخَيَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالْقُدُورِيُّ الْمُصَلِّيَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا أَوْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ) كَذَا عَبَّرَ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي. وَفِي الْإِمْدَادِ عَنْ الِاخْتِيَارِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الْعِشَاءِ أَرْبَعًا وَقِيلَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا وَقِيلَ رَكْعَتَيْنِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ غَيْرُ الْمُؤَكَّدَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) فَلَا يَدْخُلُهَا أَصْلًا، وَذُنُوبُهُ تُكَفَّرُ عَنْهُ، وَتَبِعَاتُهُ يُرْضِي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ خُصَمَاءَهُ فِيهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَدَمَ دُخُولِهِ بِسَبَبِ تَوْفِيقِهِ لِمَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عِقَابٌ ط أَوْ هُوَ بِشَارَةٌ بِأَنَّهُ يُخْتَمُ لَهُ بِالسَّعَادَةِ فَلَا يَدْخُلُ النَّارَ.

(قَوْلُهُ مِنْ الْأَوَّابِينَ) جَمْعُ أَوَّابٍ: أَيْ رَجَّاعٍ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ.

(قَوْلُهُ بِتَسْلِيمَةٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ) جَزَمَ بِالْأَوَّلِ فِي الدُّرَرِ، وَبِالثَّانِي فِي الْغَزْنَوِيَّةِ، وَبِالثَّالِثِ فِي التَّجْنِيسِ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الْغَزْنَوِيَّةِ مِثْلُ مَا فِي التَّجْنِيسِ، وَكَذَا فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ. وَأَفَادَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي وَجْهِ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>